تُعد النجمة الكويتية حياة الفهد من الشخصيات الرائدة في المشهد الفني الخليجي والعربي، حيث تميزت بتقديم أدوار درامية وإنسانية تركت بصمة عميقة في وجدان الجمهور. وعلى الرغم من أن أغلب مسيرتها تركزت في التلفزيون، فإن لها حضورًا سينمائيًا مميزًا ولو بعدد محدود من الأفلام، لكنها أظهرت من خلالها نفس البراعة والقدرة على تقمص الشخصيات. وتكشف أفلامها القليلة عن اختيارات ذكية ونصوص تحمل رسائل اجتماعية وإنسانية بليغة، مما يعكس حسها الفني العالي وحرصها على القيمة قبل الكم.
أقسام المقال
حياة الفهد في فيلم نَجْد (2020)
يُعتبر فيلم “نجد” من أبرز أفلام حياة الفهد الحديثة، حيث يمثل عودتها القوية إلى السينما بعد غياب دام لعقود. تدور أحداث الفيلم في حقبتين زمنيتين مختلفتين: الحاضر والماضي، ويروي قصة امرأة تُدعى “نجد” تعيش في بيئة اجتماعية محافظة خلال خمسينيات القرن الماضي، وتواجه قيودًا اجتماعية وعائلية تضعها أمام تحديات معقدة. تُجسد الفهد الشخصية بعاطفة عميقة وتفاصيل دقيقة، تُظهر تطور الشخصية من فتاة حالمة إلى سيدة ناضجة تصارع المجتمع والتقاليد. الفيلم من إخراج سمير عارف وتأليف خالد الراجح، وشارك في بطولته كل من علي السبع وزهرة الخرجي، وحصد جائزة في مهرجان العين السينمائي، مما جعله علامة فارقة في تاريخ السينما الخليجية الحديثة.
حياة الفهد في فيلم هذا حسينوه (2018)
في إطار كوميدي اجتماعي ساخر، شاركت حياة الفهد في فيلم “هذا حسينوه”، وهو عمل يحاكي بأسلوب خفيف الظل الحياة اليومية في المجتمع الخليجي من خلال شخصية حسينوه البسيطة والعفوية. الفهد أضفت على الفيلم روحًا دافئة عبر مشاركتها المتميزة، إذ لعبت دور الأم التي تمثل صوت الحكمة وسط فوضى المواقف الطريفة. الفيلم يحفل بالكثير من الرسائل غير المباشرة حول العلاقات العائلية والطبقية، وقد ساهمت مشاركة الفهد في إضفاء مصداقية فنية على العمل الذي لاقى استحسانًا من جمهور الكوميديا الباحث عن المتعة المغلفة بحكمة ضمنية.
حياة الفهد في فيلم هروب (1983)
يُعد فيلم “هروب” من أوائل تجارب حياة الفهد السينمائية، وهو فيلم درامي يحمل طابعًا تلفزيونيًا أكثر من كونه سينمائيًا، إلا أنه تم إنتاجه وعرضه ضمن قالب سينمائي. تدور القصة حول شخصية تعاني من ضغوط اجتماعية ومشاكل نفسية تدفعها إلى اتخاذ قرارات مصيرية. حياة الفهد قدمت أداءً داخليًا هادئًا ومتزنًا، نقلت من خلاله الألم والاضطراب النفسي بصورة مؤثرة. رغم قِدم الفيلم، فإنه يعكس اهتمامات الفنانة بالقضايا الاجتماعية، وقدرتها على معالجة القضايا الإنسانية الشائكة.
حياة الفهد في فيلم الصمت (1980)
في هذا الفيلم، قدمت حياة الفهد واحدة من أعمق أدوارها تحت اسم شخصية “نورة”، وهي امرأة تعاني من تسلط المجتمع وقيوده، ما يدفعها إلى العيش في عزلة نفسية. الفيلم يُعالج موضوع الصمت المجتمعي إزاء القهر الأسري والظلم الاجتماعي، ويُعتبر من التجارب الرائدة التي سبقت زمنها من حيث الطرح الجريء. الفهد استخدمت لغة الجسد ونظراتها للتعبير عن مشاعر مكبوتة، واستطاعت أن ترسم ملامح امرأة مكسورة تحاول التماسك في عالمٍ لا يرحم. “الصمت” فيلم لم يأخذ حقه جماهيريًا في وقته، لكنه يُعد درسًا في الأداء الصامت العميق.
حياة الفهد في فيلم بس يا بحر (1971)
هو الفيلم الذي يُعد حجر الأساس للسينما الكويتية، وقد شاركت فيه حياة الفهد بدور الأم “أم مساعد”، وهو من إخراج خالد الصديق. تدور أحداث الفيلم في بيئة بحرية فقيرة، ويتناول مأساة الغوص والصيد في زمن ما قبل اكتشاف النفط. دور الفهد في هذا الفيلم شكّل انطلاقة نوعية، حيث أدّت شخصية أم مكافحة تعاني من قسوة الحياة البحرية، وتُجسد ببراعة معاناة المرأة في ذلك الزمن. الفيلم دخل ضمن قائمة التراث السينمائي العربي، واعتُبر تجربة سينمائية كويتية عالمية الطابع.
حياة الفهد في فيلم زوجة خالد
رغم عدم توفر تفاصيل دقيقة حول تاريخ عرض الفيلم، فإن “زوجة خالد” يُعد من الأعمال التمثيلية ذات البعد الدرامي التلفزيوني الذي تم تقديمه في شكل فيلم. تُجسد فيه حياة الفهد دور “حصة”، امرأة تتعرض لصراعات عائلية مع زوجها وتمر بتجارب وجدانية معقدة بين الحب والخذلان. يعكس العمل جانبًا آخر من شخصية الفهد، وهو جانب المرأة التي تتمزق بين عواطفها وواقعها الاجتماعي. رغم قلة انتشاره، فإن الفيلم يحمل عناصر درامية مكثفة تظهر قدرة الفهد على الإمساك بخيوط الشخصيات النسائية الواقعية.
الخاتمة
على الرغم من أن رصيد حياة الفهد السينمائي لا يُقارن بغزارة إنتاجها التلفزيوني، فإن أفلامها القليلة كانت كافية لتُثبت أنها فنانة شاملة، قادرة على التألق في مختلف المنصات الفنية. كل فيلم من أفلامها حمل رسالة واضحة، وصورة فنية مدروسة، وشخصية متكاملة تجسدت بحرفية عالية. تنوع أدوارها بين الدراما والتراجيديا والكوميديا يؤكد أنها ليست مجرد نجمة درامية، بل هي أيقونة فنية عربية تستحق التقدير على كل جهد بذلته في إثراء الشاشة العربية.