أميرة خطاب راقصة في شبابها

عندما يُذكر اسم أميرة خطاب في الأوساط الفنية السورية، يتبادر إلى الذهن وجه أنثوي هادئ وصوت رصين وحضور متزن، ولكن خلف هذا الهدوء تكمن قصة فنية متنوعة وغنية. فقد بدأت أميرة مشوارها في عالم الفن كراقصة ضمن فرق الفنون الشعبية، قبل أن تشق طريقها إلى التمثيل وتصبح واحدة من الوجوه المعروفة في الدراما السورية. قصة أميرة لا تعكس مجرد انتقال بين مجالين فنيين، بل تحكي عن امرأة عاشت الفن بشغف واحترام، واختارت أن تعبّر عن نفسها من خلال الجسد والصوت والأداء، في مسيرة فنية امتدت لعقود، وتضمنت الكثير من التحديات واللحظات الإنسانية المؤثرة.

أميرة خطاب بدأت رحلتها الفنية راقصةً في فرق الفنون الشعبية

ولدت أميرة خطاب في مدينة حلب السورية، ضمن بيئة فنية عائلية أثّرت على خياراتها منذ الصغر. كانت بداياتها في الرابعة عشرة من عمرها، عندما انضمت إلى فرقة التلفزيون السوري للفنون الشعبية، وشاركت في عروض راقصة على المسرح، قدمت من خلالها فنًا راقيًا يعكس تراث سوريا الشعبي. لم يكن الرقص بالنسبة لأميرة مجرد استعراض حركي، بل كان لغة تعبير جسدية فنية تعكس روح الأرض، ولهذا السبب كانت دائمًا تعتز بماضيها كراقصة. اعتبرت الرقص مهنة شريفة لا تقل أهمية عن التمثيل أو الغناء، وكانت فخورة بتمثيلها لوطنها في عروض محلية ودولية.

أميرة خطاب من الرقص إلى التمثيل… انتقال طبيعي لإبراز الموهبة

بعد سنوات من الأداء الراقص، شعرت أميرة برغبة في خوض تحديات جديدة في عالم الفن، فانتقلت إلى التمثيل مع نهاية الثمانينات. كان أول ظهور درامي لها عام 1987، ومنذ ذلك الوقت شاركت في العديد من الأعمال التي أثبتت فيها قدرتها على أداء الأدوار المركبة ببراعة. لم تكتفِ أميرة بالأدوار الثانوية، بل أثبتت نفسها كممثلة تتمتع بموهبة فطرية، وتوازن بين الأداء الحسي والانفعالي. شاركت في أعمال مهمة مثل “ليالي الصالحية” و”باب الحارة” و”أبناء القهر” و”الخوالي”، وكانت لها بصمة خاصة جعلت المشاهدين يتذكرونها رغم تنوع الشخصيات.

أميرة خطاب تتحدث عن أهمية الرقص في تشكيل شخصيتها الفنية

صرّحت أميرة في أكثر من لقاء أن الرقص أسهم بشكل كبير في تطوير أدواتها التمثيلية، حيث علّمها الانضباط الجسدي وفهم تعبيرات الجسد، وهو ما منحها مرونة في تقمص الأدوار. وتؤمن أميرة أن الممثل الذي يمتلك خلفية في الرقص أو المسرح الحركي يكون أكثر قدرة على إيصال المشاعر الصامتة، ولهذا لم تتنصل أبدًا من ماضيها كراقصة، بل تعتز به كجزء أساسي من هويتها الفنية.

أميرة خطاب وعلاقتها العائلية بأسماء بارزة في الوسط الفني

تنتمي أميرة إلى عائلة فنية، فهي شقيقة الممثلة القديرة فاديا خطاب، التي تعتبرها مصدر إلهام في حياتها المهنية. كما أن شقيقتها الأخرى صباح خطاب متزوجة من النجم السوري ياسر العظمة، ما يجعل من عائلة خطاب بيتًا للفن والثقافة. تؤكد أميرة أن نشأتها بين هذه الشخصيات ساهم في تشكيل وعيها الفني، وكانت دائمًا تحرص على الاستفادة من خبراتهم وتوجيهاتهم. علاقتها بفاديا تحديدًا مليئة بالحب والدعم، حيث تصفها بأنها أختها وصديقتها ومعلمتها في آن واحد.

أميرة خطاب ترد على الانتقادات وتدافع عن صورتها الشخصية

في أغسطس 2024، انتشرت صورة على وسائل التواصل الاجتماعي تجمعها بشقيقتها فاديا وهما تحملان كأسًا من البيرة، مما تسبب في موجة من التعليقات السلبية. لم تصمت أميرة، بل ردت بهدوء موضحة أن الصورة لا تعني بالضرورة أنها كانت تشرب الكحول، بل التقطت الكأس لمجرد الصورة التذكارية. أكدت أنها لم تشرب أو تدخن طوال حياتها، ولا تهتم بما يقوله الناس من خلف الشاشات، معتبرة أن من لا يعمل لا يُنتقد، وأنها مقتنعة بنمط حياتها ومبادئها.

أميرة خطاب واجهت ظروفًا صحية صعبة وأظهرت شجاعة نادرة

في عام 2021، تعرضت لوعكة صحية أجرت خلالها عملية جراحية دقيقة في المعدة. بعد الجراحة، أوصاها الطبيب بالمشي لتسريع الشفاء، فخرجت من غرفتها بهدوء دون أن توقظ بناتها. وخلال تجولها في المستشفى، شاهدتها سيدة أخرى برفقة أبنائها، وألهمهم مشهد أميرة تمشي وحدها رغم الألم. في اليوم التالي، جاءت السيدة لزيارتها وشكرتها على شجاعتها التي منحتها الأمل. هذا الموقف الإنساني ترك أثرًا عميقًا في نفس أميرة، وعبرت عنه بكلمات مؤثرة في مقابلات لاحقة.

أميرة خطاب تؤمن بأهمية الحضور لا الكثرة في الأعمال الفنية

رغم مشاركتها في عدد كبير من المسلسلات، إلا أن أميرة تركز على جودة الدور لا كميته، وترفض الظهور لمجرد الحضور. تقول إنها تفضل أداء شخصية واحدة تُحدث أثرًا، على أن تُشتت نفسها في عدة أدوار سطحية. لهذا السبب، تتأنى في اختيار أعمالها، وتبحث عن النصوص التي تحمل قيمة فنية وإنسانية. وقد أدى هذا الحرص إلى نيل احترام النقاد والجمهور على حد سواء.

أميرة خطاب تكشف جوانب من حياتها الشخصية

ورغم شهرتها، إلا أن أميرة حريصة على الفصل بين حياتها المهنية والخاصة. تؤكد أن العائلة بالنسبة لها هي الركيزة الأساسية، وتعتبر بناتها الدافع الأول للاستمرار في الحياة والعمل. كما أنها تفضل البقاء بعيدة عن الإعلام في ما يخص تفاصيلها الخاصة، مكتفية بمشاركة الجمهور لحظات بسيطة تعكس إنسانيتها وتواضعها.

خاتمة: أميرة خطاب قصة فنية وإنسانية ملهمة

أميرة خطاب ليست مجرد فنانة تنقلت بين الرقص والتمثيل، بل هي نموذج للمرأة القوية التي تتحدى النظرة النمطية وتبني مسيرتها على الاحترام والمثابرة. تجربتها الحياتية والفنية تحمل في طياتها دروسًا عن الكفاح والاعتزاز بالذات، وهي اليوم، رغم مرور السنوات، ما زالت تحتفظ بحب الجمهور واحترام الوسط الفني. حكايتها تستحق أن تُروى، ليس فقط كمسيرة فنية، بل كرحلة إنسانية بامتياز.