الفنان السوري المخضرم إسكندر عزيز يُعد أحد الأسماء اللامعة في سجل الفن المسرحي والتلفزيوني السوري، إذ تمتد مسيرته لأكثر من نصف قرن من العطاء المتواصل والإبداع الفني المتجدد. اشتهر بأدواره المؤثرة وصوته الجهوري وشخصيته القوية على المسرح، وتمكن من أن يكون مدرسة قائمة بذاتها ألهمت أجيالًا من الفنانين والمخرجين. لقد جمع بين التمثيل والإخراج والتأليف، وترك بصمة عميقة على خشبة المسرح وفي ذاكرة الجمهور.
أقسام المقال
إسكندر عزيز: العمر وتاريخ الميلاد
وُلد إسكندر عزيز في 11 يناير عام 1937 في مدينة القامشلي السورية، وهو من مواليد الجيل الأول المؤسس للمسرح السوري المعاصر. في عام 2025، يُكمل عزيز عامه الثامن والثمانين، وقد أمضى ما يزيد عن 70 عامًا من حياته في ميادين الفن المختلفة. تميز بكونه من أوائل الفنانين السوريين الذين جمعوا بين الثقافة الفنية والموهبة الفطرية، وساهمت سنوات عمره الطويلة في إثراء المشهد الثقافي السوري، إذ شهد عن قرب التحولات الكبرى التي عصفت بالمسرح والتلفزيون على مر العقود.
إسكندر عزيز: البدايات والتكوين الفني
نشأ إسكندر في بيئة متواضعة، ولكنها كانت غنية ثقافيًا، حيث لعبت المدينة الحدودية القامشلي دورًا هامًا في صقل شخصيته الفنية. أسس مع بعض أصدقائه في سن مبكرة فرقة مسرحية صغيرة، وبدأ في تأليف وتمثيل مسرحيات بسيطة تُعرض في الأحياء الشعبية. كانت تلك التجربة بمثابة الانطلاقة الأولى نحو عالم الفن، حيث تعلم من خلالها أبجديات الأداء المسرحي، واكتسب الثقة في الوقوف أمام الجمهور. ومن هناك، بدأت رحلته الطويلة التي قادته إلى دمشق، عاصمة الفن السوري.
إسكندر عزيز: الانضمام إلى المسرح القومي
في عام 1964، التحق بالمسرح القومي السوري، المؤسسة الأهم في البلاد آنذاك، والتي كانت تحتضن كبار الممثلين والمخرجين السوريين. وجوده في هذا الصرح الفني ساعده على الاحتكاك بنخبة من الفنانين، وشارك في تقديم عروض ذات طابع فكري وإنساني عميق. ساهم في بناء الذوق المسرحي لدى الجمهور، وكان أحد الداعمين الأساسيين لمسيرة المسرح التقدمي في سوريا. لم يكن مجرد ممثل يؤدي دوره، بل فنانًا شاملًا يهتم بكل تفصيلة في العمل، من النص وحتى الإضاءة.
إسكندر عزيز: الأعمال التلفزيونية والسينمائية
على الرغم من حبه الكبير للمسرح، فإن إسكندر عزيز لم يتردد في دخول عالم التلفزيون والسينما. قدّم أدوارًا متميزة في العديد من المسلسلات التي حظيت بشعبية كبيرة، ومنها “الطارق” و”البركان”، حيث أظهر قدرة عالية على التلون في الأدوار التي تُسند إليه، فمرة نراه الأب الحنون، ومرة القاضي الصارم، وأحيانًا الشيخ الحكيم. كما شارك في أفلام سينمائية عدة، منها فيلم “درب الحب” الذي نُفذ بلغة السريانية وصُور في ألمانيا وتركيا، ما عكس حرصه على تجديد أدواته والانفتاح على تجارب عالمية.
إسكندر عزيز: الإرث الفني والتأثير الثقافي
لا يمكن التحدث عن تاريخ الفن السوري دون التوقف عند إسهامات إسكندر عزيز. لقد شكل حضوره علامة فارقة في المشهد المسرحي، ونجح في أن يكون حلقة وصل بين جيل الرواد والجيل الجديد. كان حريصًا على نقل تجربته للجيل الأصغر، سواء من خلال الورش المسرحية أو مشاركته في لجان التحكيم. أما تأثيره الثقافي، فتمثل في دعمه لقضايا مجتمعية ووطنية كثيرة، إذ كانت أعماله تحمل في طياتها رسائل قوية عن الحرية والعدالة والانتماء.
إسكندر عزيز: الحياة الشخصية والعائلة
رغم شهرته وارتباطه المتواصل بالفن، حرص إسكندر عزيز على الحفاظ على خصوصية حياته الشخصية. هو والد الفنان الشاب عزيز إسكندر، الذي ورث عن والده الموهبة وشغف الفن. وُلد عزيز الابن في الثاني من أغسطس 1975، وتتلمذ في كنف والده قبل أن يدرس في المعهد العالي للفنون المسرحية ويبدأ مسيرته الفنية الخاصة. جمعتهما أعمال مشتركة على المسرح، ما أضفى طابعًا عائليًا دافئًا على الفن الذي قدماه.
إسكندر عزيز: التكريم والاعتراف
كرّم إسكندر عزيز في مناسبات عديدة داخل سوريا وخارجها، كونه من أبرز المساهمين في رفع مستوى الفن المسرحي والتلفزيوني. حصل على دروع وشهادات تقدير من مؤسسات رسمية وثقافية، كما كتب عنه النقاد مقالات مطولة في الصحف والمجلات. لم تكن تلك التكريمات مجرد إشادة رمزية، بل اعترافًا حقيقيًا بقيمته الفنية، وبدوره في تشكيل وعي الجمهور وتوسيع أفق الفن السوري.
إسكندر عزيز: الخلاصة
يظل إسكندر عزيز شاهدًا حيًا على تاريخ الفن السوري، وفنانًا لا يمكن تجاوزه أو نسيانه. لم يكن مجرد ممثل يُجيد الوقوف أمام الكاميرا أو على خشبة المسرح، بل فنانًا ملتزمًا، وقائدًا ثقافيًا ترك أثرًا لا يُمحى في ذاكرة الوطن. وبينما يستمر في إلهام الأجيال الجديدة، سيبقى اسمه خالدًا، تتردد أصداؤه في قاعات المسرح وصفحات التاريخ الفني العربي.