الكلاب ليست مجرد حيوانات أليفة نربّيها في منازلنا، بل هي شركاء حياة، تمتلك حساسية عالية تجاه محيطها وتتفاعل مع البشر بطريقة فريدة. لكن كما هو الحال مع أي كائن حي، تمر الكلاب أحيانًا بظروف صحية تجعلها تتصرف بشكل غير معتاد. التغيرات السلوكية أو الحركية التي تظهر فجأة قد تكون جرس إنذار على مشكلة صحية داخلية أو مرض في بدايته. في هذا المقال، نستعرض أبرز الحركات الغريبة التي يجب أن تلفت انتباه مربي الكلاب، مع تحليل أسبابها المحتملة وطرق التعامل معها.
أقسام المقال
الدوران حول الذات بشكل متكرر
واحدة من أشهر الحركات الغريبة التي قد يقوم بها الكلب هي الدوران حول نفسه مرارًا وتكرارًا. قد يظن البعض أن الأمر مجرد لعبة أو طاقة زائدة، إلا أن تكرار هذا السلوك قد يشير إلى مشاكل في الأذن الداخلية المسؤولة عن التوازن، أو إلى ضغط على الدماغ نتيجة ورم أو عدوى. وفي بعض الأحيان، يرتبط هذا السلوك بمتلازمات عصبية أو حالة تسمى السلوك القهري. لذلك، من المهم توثيق عدد مرات الدوران وزمن حدوثه، لأن هذه التفاصيل تساعد الطبيب البيطري في التشخيص.
الضغط بالرأس على الجدران أو الأثاث
عندما يُلاحظ أن الكلب يضغط رأسه على الحائط أو زوايا الأثاث بشكل متكرر وبدون هدف، فإن هذا السلوك لا يجب أن يُهمل. في كثير من الحالات، تكون هذه الحركة ناتجة عن مشاكل عصبية داخل الدماغ، مثل ارتفاع الضغط داخل الجمجمة، التهاب الدماغ، أو حتى التسمم. الكلب يحاول بهذه الطريقة التخفيف من ألم داخلي لا يستطيع التعبير عنه. من الأفضل في هذه الحالة عرض الكلب على الطبيب فورًا دون تأخير، لأن هذه الأعراض قد تتطور بسرعة إذا لم تُعالج.
تغير نمط الحركة أو فقدان التوازن
من العلامات التحذيرية أيضًا أن يبدأ الكلب في المشي بشكل غير طبيعي، مثل التعثر أو الميل إلى جهة معينة. هذه التغيرات قد تكون نتيجة لمشكلة في الفقرات، أو إصابة عصبية، أو خلل في العضلات. بعض الكلاب تبدأ بهذه الأعراض نتيجة انزلاق غضروفي، بينما يعاني البعض الآخر من مشاكل في النخاع الشوكي. اللافت أن هذه الأعراض قد تكون غير دائمة، لذا من المهم الانتباه إلى تكرارها وربطها بعوامل أخرى مثل الألم أو الصوت عند اللمس.
نوبات الغضب أو العدوانية غير المبررة
إذا تحول الكلب فجأة من كائن لطيف إلى كائن غاضب وعدواني، دون أي موقف استفزازي، فهذه علامة لا ينبغي تجاهلها. العدوانية المفاجئة قد تكون ناتجة عن إصابة في الدماغ، أو تأثير جانبي لأدوية، أو بداية مرض خطير كداء الكلب. وقد تظهر أيضًا في حال وجود ألم داخلي مزمن في المعدة أو المفاصل. لذلك، لا بد من التعامل مع الأمر بجدية، وعدم اللجوء فقط إلى الترويض السلوكي دون فحص طبي شامل.
الارتعاش والتشنجات العضلية
الهزات المفاجئة والتشنجات العضلية تعتبر من الحركات الغريبة التي تستحق الانتباه. في كثير من الحالات، تشير هذه التشنجات إلى مشكلة عصبية مثل الصرع، أو رد فعل على مواد سامة تناولها الكلب، مثل بعض أنواع النباتات أو الأدوية البشرية. قد تكون التشنجات مصحوبة بفقدان وعي أو إفراز رغوي من الفم، وكلها علامات حرجة تستوجب التدخل الطبي العاجل. تجاهل هذه الأعراض قد يؤدي إلى تلف عصبي دائم أو الوفاة.
الاختباء والانطواء على النفس
الكلب الاجتماعي بطبيعته والذي يحب التفاعل مع محيطه، إذا بدأ في الانعزال أو الاختباء تحت الأثاث أو خلف الأبواب، فإن ذلك غالبًا يدل على وجود ألم داخلي أو شعور بالخوف وعدم الأمان. بعض الكلاب تفعل ذلك عند الشعور بصداع حاد أو اضطرابات عصبية، وأحيانًا يكون السلوك ناتجًا عن اكتئاب بيطري. الملاحظة المستمرة هي الحل الوحيد لفهم سلوك الكلب وتحديد ما إذا كان بحاجة إلى تدخل طبي.
اللهاث الزائد وصعوبة التنفس
اللهاث هو وسيلة الكلب للتبريد، لكن إن كان مستمرًا حتى في ظل درجات حرارة معتدلة أو بعد الراحة، فقد يشير إلى أمراض في الجهاز التنفسي أو القلب. بعض الكلاب تعاني من احتباس السوائل في الرئة، أو ضعف في عضلة القلب، ما يسبب صعوبة في التنفس. إذا ترافق اللهاث مع صوت صفير أو انكماش في الصدر، فالأمر أصبح طارئًا. من المهم عدم انتظار تفاقم الحالة، لأن مشاكل التنفس قد تكون مميتة.
تغير الشهية والوزن
تعد الشهية والوزن من أهم المؤشرات الحيوية لصحة الكلب. إذا رفض الطعام أو بدأ بفقدان الوزن بسرعة، فقد يكون السبب مرض داخلي مثل مشاكل الكلى أو الكبد أو اضطرابات الجهاز الهضمي. في المقابل، الزيادة المفاجئة في الشهية أو الوزن قد تشير إلى اختلالات هرمونية مثل قصور الغدة الدرقية. من المهم جدًا مراقبة هذه التغيرات وتسجيلها لمساعدة الطبيب في وضع تشخيص دقيق.
حركات الفم الغريبة أو سيلان اللعاب
سيلان اللعاب بكميات كبيرة أو قيام الكلب بحركات متكررة بفمه مثل المضغ في الهواء، قد تدل على وجود جسم غريب في الفم، أو ألم في الأسنان، أو أعراض أولية لداء الكلب. بعض الكلاب تعاني من نوبات عض لسانها بسبب مشاكل عصبية. هذه الأعراض لا ينبغي تجاهلها، ويجب فحص الفم جيدًا وربما إجراء تصوير بالأشعة إن لزم الأمر.
الخاتمة
في النهاية، من المهم أن يدرك كل مربي أن الكلاب كائنات لا تستطيع التعبير بالكلام، لكنها ترسل إشارات واضحة حين تكون في ضيق أو ألم. الحركات الغريبة ليست عشوائية بل وسيلة تواصل بيطرية تحتاج إلى فِطنة المربي. الفحص الدوري، والملاحظة الدقيقة، وسرعة التصرف، قد تُنقذ حياة صديق وفيّ لا يملك سوى نظراته ليوصل بها رسائله.