الحياة في تشاد

تُعد تشاد واحدة من أكبر الدول الإفريقية من حيث المساحة، لكنها في الوقت نفسه من أكثرها تعقيدًا من حيث التحديات التنموية والاجتماعية والسياسية. تجمع تشاد بين تنوع ثقافي كبير وتعدد عرقي وديني، في ظل مناخ صحراوي قاسٍ في الشمال وسافاني في الجنوب، مما يجعل من الحياة اليومية فيها مزيجًا من الصراع مع الطبيعة وتحديات الإدارة والتنمية. تُعرف تشاد بثرواتها الطبيعية التي لم تُستغل بشكل كامل حتى الآن، ويعيش شعبها في مواجهة شبه دائمة مع الفقر، ونقص الخدمات الأساسية، وعدم الاستقرار السياسي. في هذا المقال، نستعرض تفاصيل الحياة في تشاد كما هي في عام 2025، من خلال رصد الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والصحية والتعليمية وغيرها من الجوانب.

الاقتصاد في تشاد

يعتمد الاقتصاد في تشاد بشكل كبير على النفط، الذي يُعد المصدر الرئيسي للإيرادات الوطنية. منذ بداية تصديره عام 2003، شكل النفط أملًا كبيرًا في إخراج البلاد من الفقر، لكنه لم ينعكس فعليًا على حياة المواطن. تفتقر تشاد إلى اقتصاد متنوع، حيث تظل الزراعة والرعي في مستوياتها التقليدية دون تطوير حقيقي. ومع ذلك، سجّلت مؤشرات النمو في عام 2025 تحسنًا بنسبة 5.3%، نتيجة تحسن الطلب على النفط واستقرار نسبي في أسعار السوق العالمية.

الفساد الإداري والمالي من أبرز العقبات التي تعرقل الاستفادة من الموارد الاقتصادية. ومع أن الحكومة وضعت خططًا لتنويع مصادر الدخل، إلا أن هذه الخطط تصطدم بواقع معقد، يتطلب إصلاحات مؤسساتية عميقة وجذب استثمارات أجنبية تحتاج إلى مناخ سياسي أكثر استقرارًا.

البنية التحتية في تشاد

ما تزال تشاد تعاني من ضعف واضح في البنية التحتية، خاصة في شبكات النقل والكهرباء والمياه. كثير من الطرق الرئيسية غير معبّدة، ما يزيد من صعوبة التنقل، خصوصًا خلال موسم الأمطار. في إنجمينا، العاصمة، شهدت بعض التحسينات الملحوظة في السنوات الأخيرة، إلا أن ذلك لا يكفي لتغطية احتياجات البلاد الشاسعة.

الطاقة الكهربائية تصل لنسبة محدودة من السكان، وتعتمد العديد من المناطق الريفية على مولدات خاصة أو لا كهرباء لديها إطلاقًا. وفي عام 2025، أعلنت الحكومة عن مشاريع شراكة مع شركات أجنبية للاستثمار في الطاقة الشمسية، نظرًا للظروف المناخية المواتية، لكن هذه المشاريع ما تزال في مراحلها الأولى.

الوضع الاجتماعي في تشاد

يعيش أكثر من 44% من سكان تشاد تحت خط الفقر الوطني، ويُعد انعدام الأمن الغذائي مشكلة واسعة النطاق. النزاعات المتكررة في المنطقة، وتدفق اللاجئين من السودان وليبيا والنيجر، فاقم من الأزمة، حيث تحتضن البلاد أكثر من مليون لاجئ، ما يشكل عبئًا إضافيًا على البنية الهشة.

التركيبة السكانية لتشاد متنوعة، تشمل أكثر من 200 مجموعة عرقية ولغوية، مما يعزز من الثراء الثقافي لكنه في الوقت ذاته يمثل تحديًا على صعيد الانسجام الاجتماعي. التمييز في توزيع الموارد والخدمات يزيد من التوترات المحلية، ويؤثر سلبًا على فرص التنمية المتوازنة.

المشهد السياسي في تشاد

منذ اغتيال الرئيس إدريس ديبي في 2021 وتولي نجله محمد إدريس ديبي السلطة، تعيش تشاد مرحلة انتقالية محفوفة بالحذر. أُجريت انتخابات رئاسية وتشريعية في 2024، لكنها شهدت انسحابات ومقاطعات من قوى معارضة، أثارت شكوكًا حول نزاهتها.

ورغم محاولات الحكومة الجديدة تحسين صورة البلاد دوليًا، إلا أن تحديات الحكم الرشيد ومحاربة الفساد والانفتاح السياسي ما تزال قائمة. على الصعيد الأمني، تواجه تشاد تهديدات دائمة من جماعات متطرفة مثل بوكو حرام، التي تنشط في منطقة بحيرة تشاد.

الزراعة والموارد الطبيعية في تشاد

تشاد بلد زراعي رعوي بامتياز، حيث يعتمد أغلب السكان على الزراعة التقليدية وتربية المواشي. ومع أن القطاع الزراعي يوفر فرص عمل واسعة، إلا أنه يعاني من ضعف التكنولوجيا، نقص التمويل، والتغيرات المناخية التي تؤثر على إنتاجية المحاصيل.

أما فيما يخص الموارد الطبيعية، فتضم تشاد احتياطيات هامة من الذهب واليورانيوم، إضافة إلى النفط. وقد بدأت في السنوات الأخيرة خطوات لاستغلال مناجم الذهب في مناطق مثل تيبستي، لكن هذه الخطوات ما زالت تواجه تحديات لوجستية وأمنية. استغلال الموارد الطبيعية بشكل فعّال قد يشكل نقطة تحول في مسار التنمية.

الخدمات الأساسية في تشاد

الخدمات الأساسية في تشاد تعاني من نقص شديد. في القطاع الصحي، تفتقر العديد من المناطق إلى مستشفيات ومراكز صحية مؤهلة، مما يجعل من الأمراض البسيطة تهديدًا حقيقيًا لحياة السكان. كما يعاني النظام الصحي من نقص في الكوادر الطبية والمستلزمات.

أما في التعليم، فالوضع ليس أفضل، حيث يعاني النظام التعليمي من ارتفاع نسب التسرب، خاصة بين الإناث، وضعف المناهج والبنية التحتية. رغم المبادرات المحلية والدولية لتحسين التعليم، ما زال الطريق طويلًا أمام تحقيق تعليم شامل وجيد.

الآفاق المستقبلية في تشاد

رغم التحديات الكثيرة التي تعاني منها تشاد، إلا أن هناك إشارات إيجابية نحو التحسن. الخطط الحكومية لتنمية البنية التحتية، وتطوير قطاعي الزراعة والطاقة المتجددة، تعطي أملًا بإمكانية التغيير. كما أن الاهتمام الدولي بتشاد، خاصة في إطار مواجهة التغير المناخي ومكافحة التطرف، يوفر فرص دعم مهمة.

تحقيق هذه الآمال مرهون بإصلاحات حقيقية في الحكم والإدارة، وبناء مؤسسات قوية، وضمان المشاركة السياسية العادلة لكل فئات الشعب. فبتكاتف الجهود المحلية والدولية، يمكن لتشاد أن تبدأ طريقًا نحو تنمية شاملة تضمن مستقبلًا أفضل لشعبها.