تتمتع مملكة البحرين باقتصاد متنوع يعتمد على النفط والخدمات والقطاع المالي، ما يجعلها بيئة جاذبة للعمالة المحلية والوافدة على حد سواء. ومع ازدهار عدد من القطاعات، برزت الفروقات في مستوى الرواتب بين الوظائف، والقطاعات، والمستويات التعليمية. ويُلاحظ اهتمام حكومي واضح بتطوير منظومة الأجور وتعزيز فرص البحرينيين في سوق العمل من خلال برامج الدعم وتحفيز القطاع الخاص. في هذا المقال، نرصد متوسط الرواتب في البحرين، ونسلط الضوء على تفاصيل الأجور في القطاعين العام والخاص، وأثر البرامج الوطنية على تحسين الأجور، والتفاوت بين الرواتب حسب المؤهل والمهنة، إضافة إلى تكاليف المعيشة التي يجب أخذها بعين الاعتبار.
أقسام المقال
متوسط الرواتب في البحرين
بلغ متوسط الراتب الشهري في البحرين حوالي 893 دينارًا بحرينيًا، وفق أحدث التقديرات، إلا أن هذا الرقم يتفاوت بشكل كبير حسب الوظيفة، والقطاع، وسنوات الخبرة. ففي بعض الوظائف الإدارية أو التقنية قد يصل الراتب إلى أكثر من 2,000 دينار بحريني شهريًا، بينما في الوظائف ذات المهارات المحدودة قد لا يتجاوز الراتب 200 دينار بحريني. الجدير بالذكر أن متوسط الرواتب يشمل المواطنين والمقيمين، مما يجعل الفجوة بين الأجور واضحة بين الفئات.
الرواتب في القطاع الحكومي في البحرين
يتميز القطاع الحكومي في البحرين بالاستقرار والامتيازات الإضافية، ويبدأ سلم الرواتب من حوالي 327 دينارًا بحرينيًا للوظائف الإدارية البسيطة، وقد يصل إلى ما يزيد عن 2,500 دينار بحريني للوظائف العليا أو المتخصصة. يُمنح الموظفون الحكوميون علاوات تشمل بدل السكن، ودعم الأطفال، والمواصلات، إضافة إلى إجازات مدفوعة وساعات عمل محددة. كما تحرص الحكومة على تحديث جداول الرواتب بشكل دوري لتحفيز الكوادر الوطنية، مع تطبيق برامج لتطوير الكفاءات.
الرواتب في القطاع الخاص في البحرين
يشهد القطاع الخاص في البحرين تنوعًا واضحًا في مستويات الرواتب، حيث يعتمد بشكل أساسي على المؤهلات وسنوات الخبرة وطبيعة النشاط التجاري. ففي المجالات المالية والمصرفية، تتجاوز الرواتب 1,500 دينار شهريًا، بينما في قطاعات التجزئة أو المطاعم قد تبدأ الأجور من 180 دينارًا. وقد ساهمت مبادرات تمكين ودعم الأجور الحكومية في تحسين مستوى الرواتب للمواطنين، إذ ارتفع متوسط الأجر في هذا القطاع إلى 853 دينارًا في عام 2024 مقارنة بـ757 دينارًا في 2021.
الرواتب حسب المهن والقطاعات في البحرين
تختلف الرواتب اختلافًا كبيرًا باختلاف المهنة والقطاع. على سبيل المثال، يحصل الأطباء على متوسط راتب يفوق 2,000 دينار بحريني، فيما يحصل المدرسون على نحو 1,100 دينار، ويبلغ متوسط راتب المهندس المدني 1,390 دينارًا، ويصل راتب مدير الموارد البشرية إلى 1,950 دينارًا. أما الوظائف الإدارية العادية مثل السكرتارية، فتتراوح رواتبها بين 400 و600 دينار. في المقابل، تميل بعض القطاعات مثل السياحة أو الضيافة إلى تقديم رواتب منخفضة نسبيًا، لا سيما للعمالة غير الماهرة.
هل يوجد حد أدنى للأجور في البحرين؟
لا تفرض البحرين حتى الآن حدًا أدنى قانونيًا موحدًا للأجور على مستوى الدولة، سواء للمواطنين أو للوافدين. إلا أن الحكومة تعتمد على برامج الدعم كآلية غير مباشرة لتحديد الحد الأدنى المقبول، خصوصًا في القطاع الخاص. توفر مبادرات مثل “تمكين” دعمًا شهريًا يبدأ من 450 دينارًا لحملة الثانوية، ويصل إلى 800 دينار للجامعيين، لمدة ثلاث سنوات. هذا النموذج يشكل مرجعًا فعليًا لكثير من المؤسسات، على الرغم من أنه لا يُصنف كحد أدنى رسمي. أما العمالة الأجنبية، فغالبًا ما تحصل على أجور منخفضة نسبيًا، تبدأ من 120 دينارًا شهريًا لبعض الوظائف، مما يُبرز التفاوت الكبير داخل سوق العمل.
برامج دعم الأجور في البحرين
أطلقت الحكومة البحرينية عدة مبادرات لتحفيز التوظيف ورفع الرواتب، أبرزها برنامج “دعم الأجور” الذي يُموَّل عبر صندوق العمل (تمكين). يهدف البرنامج إلى تشجيع أصحاب الأعمال على توظيف البحرينيين من خلال تغطية نسبة من الرواتب تصل إلى 70% في السنة الأولى من التوظيف. كما يقدم البرنامج دعمًا إضافيًا في حالات التوظيف للباحثين عن عمل ضمن سجلات وزارة العمل. تشمل الحوافز كذلك دعم التطوير المهني والتدريب أثناء العمل، بهدف تمكين الكوادر المحلية من شغل وظائف ذات أجور أعلى وتحقيق الاستقرار المهني.
الحد الأدنى للأجور وتكاليف المعيشة في البحرين
رغم عدم وجود حد أدنى رسمي، إلا أن تكاليف المعيشة في البحرين تُشكل مؤشرًا واقعيًا لاحتساب الأجر المقبول. وفق التقديرات، يحتاج الفرد إلى دخل شهري يتراوح بين 800 و1,500 دينار بحريني لتغطية متطلبات المعيشة الأساسية مثل السكن، الغذاء، المواصلات، والتأمين. وتتفاوت هذه التكاليف باختلاف نمط الحياة والموقع الجغرافي. فمثلًا، يُعد السكن في العاصمة المنامة أكثر تكلفة من المناطق الطرفية. ويعتمد مستوى الراحة المعيشية بدرجة كبيرة على المهنة التي يعمل بها الفرد وطبيعة العقد الوظيفي.
مقارنة بين رواتب المواطنين والوافدين
تشير البيانات إلى وجود فجوة واضحة بين رواتب المواطنين والوافدين في البحرين. فالمواطنون غالبًا ما يتقاضون أجورًا أعلى نتيجة للدعم الحكومي والمزايا الاجتماعية، بينما يعاني بعض الوافدين من تدني الأجور، خاصة في الأعمال اليدوية أو الخدماتية. هذه الفجوة أثارت اهتمام الجهات الرقابية ودعت إلى تبني سياسات أكثر عدالة في توزيع الرواتب، وتشجيع القطاع الخاص على اعتماد معايير أكثر توازنًا في تحديد الرواتب.
خاتمة
إن سوق العمل في البحرين يعكس مزيجًا من الفرص والتحديات فيما يخص الرواتب. وبينما يستفيد المواطنون من برامج الدعم والأجور التصاعدية، لا يزال القطاع الخاص بحاجة إلى إعادة تقييم سياسات الرواتب لتحقيق التوازن والعدالة. كما أن ارتفاع تكاليف المعيشة يستدعي مزيدًا من الجهود لضمان أن الأجور تعكس متطلبات الحياة اليومية. ومع استمرار الدولة في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، من المتوقع أن تتحسن منظومة الرواتب في البحرين تدريجيًا، مما يعزز من جاذبية المملكة كوجهة عمل مستدامة للكوادر المحلية والوافدة.