العرب في أوغندا 

لطالما شكّل التواجد العربي في شرق إفريقيا علامة فارقة في التاريخ الاجتماعي والثقافي والديني للمنطقة، وتُعد أوغندا واحدة من أبرز البلدان التي شهدت موجات استقرار عربية منذ القرن التاسع عشر. هذا الحضور العربي، الذي بدأ بالتجارة وامتد إلى الدين والثقافة، ترك أثرًا لا يُمحى في هوية البلاد. في هذا المقال، نسلط الضوء على تاريخ العرب في أوغندا، وجنسياتهم، وأدوارهم المتعددة، والتحديات التي واجهوها، مع استعراض دقيق لأحدث المعلومات المتوفرة.

التواجد العربي في أوغندا: بداية الحضور والتأثير

بدأ التواجد العربي في أوغندا في منتصف القرن التاسع عشر، حيث وصلت أولى القوافل التجارية العربية من زنجبار عبر بحيرة فيكتوريا، باحثين عن فرص تجارية في قلب إفريقيا. كان أحمد بن إبراهيم من أوائل هؤلاء الروّاد الذين استقروا في مملكة بوغندا، وتمكن من بناء علاقات متينة مع الملك سونا الثاني، ما مهّد الطريق أمام العرب للتغلغل في النسيج الاجتماعي للبلاد. لم يكن هذا التغلغل محصورًا في التجارة، بل تطوّر ليشمل الجوانب الثقافية والدينية، حيث اعتنق بعض سكان المنطقة الدين الإسلامي وارتدوا الزي العربي المعروف باسم “الكانزو”، والذي لا يزال يُرتدى حتى اليوم في الاحتفالات الرسمية.

نشر الإسلام في أوغندا: دور العرب في التبشير الديني

كان لنشر الإسلام دور أساسي في ترسيخ الوجود العربي داخل المجتمع الأوغندي. فمنذ عام 1844، بدأ الإسلام ينتشر في البلاط الملكي لمملكة بوغندا بفضل الحضور العربي المكثف وتعليمهم الديني. يُذكر أن الملك سونا الثاني أبدى اهتمامًا خاصًا بهذا الدين الجديد، ما سهّل قبوله لدى عامة الناس. ومع تزايد عدد معتنقي الإسلام، بدأت تنشأ المدارس القرآنية والمساجد، خاصة في العاصمة كمبالا ومدن مثل جينجا ومبالي. تُقدّر نسبة المسلمين اليوم في أوغندا بين 11.5% و14% من السكان، ما يعكس عمق التأثير العربي في النسيج الديني للبلاد.

اللغة العربية في أوغندا: بين الانتشار والتحديات

رغم الجهود التاريخية لنشر اللغة العربية، إلا أنها لا تزال تواجه تحديات كبيرة داخل أوغندا. فاللغة، التي انتشرت بفعل الأنشطة التجارية والدينية، بقيت محصورة في الأوساط الإسلامية والدينية. غير أن السنوات الأخيرة شهدت تطورًا ملحوظًا، مثل تأسيس الجامعة الإسلامية في أوغندا عام 1988، والتي تُعتبر منصة تعليمية مركزية لنشر اللغة العربية وتعليم الشريعة الإسلامية. وفي عام 2025، تم إطلاق أول معجم عربي-لوغندي، وهو إنجاز مهم يسعى لتقريب الثقافتين وتعزيز الفهم المتبادل بين العرب والأوغنديين. ورغم هذه الجهود، لا تزال الحاجة ملحة لتوفير الدعم الحكومي والمؤسساتي لنشر العربية بشكل أوسع.

التحديات التي تواجه الجالية العربية في أوغندا

لا يخلو وضع العرب في أوغندا من التحديات والصعوبات. فالجالية العربية، التي تُقدّر بنحو 3,000 شخص، تواجه ضعف التمثيل السياسي، وقلة فرص العمل، خاصة للخريجين من الجامعات العربية. كما يُعاني العديد من أفرادها من مشكلات قانونية تتعلق بالإقامة، خاصة أولئك القادمين من مناطق نزاع مثل اليمن أو السودان. وعلى الرغم من ذلك، تواصل الجالية جهودها في الحفاظ على هويتها من خلال إنشاء المدارس، والمراكز الدينية، والجمعيات الخيرية التي تهدف إلى تثبيت حضورها الثقافي والاجتماعي في البلاد.

آفاق المستقبل: تعزيز الدور العربي في أوغندا

في ظل التحديات، تبقى الفرص قائمة لتعزيز الحضور العربي في أوغندا عبر الاستثمار في مجالات التعليم، والدين، والثقافة. يمكن للدول العربية أن تلعب دورًا حيويًا من خلال تقديم منح دراسية، ودعم المراكز الثقافية الإسلامية، وتمويل المشاريع التنموية التي تسهم في رفع مستوى الجالية العربية. كما أن تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين الدول العربية وأوغندا من شأنه أن يُعيد إحياء الروابط القديمة، ويؤسس لشراكة تنموية متوازنة. ويُعد هذا النهج فرصة لبناء تواصل حضاري طويل الأمد يخدم الطرفين.

عدد العرب وجنسياتهم داخل أوغندا

تشير أحدث التقديرات إلى أن عدد العرب في أوغندا لا يتجاوز 3,000 شخص، لكن هذا الرقم لا يشمل اللاجئين العرب من دول مثل الصومال وجنوب السودان، الذين يبلغ عددهم معًا أكثر من 130,000 نسمة. أبرز الجنسيات التي تُشكّل الجالية العربية تشمل:

  • السودانيون: يشكّلون الجزء الأكبر من العرب في أوغندا، خاصة من جنوب السودان، نتيجة للنزاعات المستمرة هناك.
  • اللبنانيون: يُعرفون بتاريخ طويل في التجارة والأعمال، ويُعدون من الجاليات المؤثرة اقتصاديًا.
  • المصريون: تاريخهم ممتد منذ زمن محمد علي، وتربطهم علاقات استراتيجية بأوغندا منذ حفر قناة جونجلي.
  • الصوماليون: جالية كبيرة من اللاجئين والنازحين، اندمج بعضهم في المجتمع، بينما لا يزال البعض الآخر يعيش في أوضاع هشة.
  • اليمنيون: أقلية صغيرة تعمل غالبًا في التجارة والدعوة والتعليم.

ويُتركّز العرب بشكل رئيسي في كمبالا وضواحيها، بالإضافة إلى مدن أخرى تُتيح فرصًا اقتصادية أو تعليمية.