تُعد مملكة إسواتيني، الواقعة في الجنوب الإفريقي بين جنوب إفريقيا وموزمبيق، إحدى أصغر دول القارة من حيث المساحة وعدد السكان، لكنها رغم ذلك تمثل ملاذًا آمنًا لآلاف اللاجئين وطالبي اللجوء. في ظل تصاعد الأزمات في الدول المجاورة، برزت إسواتيني كلاعب إنساني هادئ في ملف الحماية الدولية. وبالرغم من محدودية مواردها، فقد اتخذت خطوات قانونية ومؤسساتية ملموسة لضمان حقوق اللاجئين وتسهيل اندماجهم. هذا المقال يستعرض بإسهاب الوضع القانوني والعملي للاجئين في إسواتيني، ويحلل تحديات النظام وفرص تطويره.
أقسام المقال
- الإطار القانوني لحماية اللاجئين في إسواتيني
- أعداد اللاجئين في إسواتيني خلال 2025
- كيف يتم تقديم طلب اللجوء في إسواتيني؟
- ظروف اللاجئين داخل المخيمات وخارجها
- التحديات التي تعيق نظام اللجوء في إسواتيني
- جهود حكومية ودولية لتعزيز الحماية
- اللاجئون في إسواتيني وسوق العمل
- اندماج اللاجئين في المجتمع الإسواتيني
- نظرة مستقبلية نحو تطوير نظام اللجوء في إسواتيني
الإطار القانوني لحماية اللاجئين في إسواتيني
في عام 2017، أقرّت حكومة إسواتيني قانون اللاجئين الذي جاء منسجمًا مع اتفاقية 1951 الخاصة بوضع اللاجئين، وبروتوكول 1967، وكذلك اتفاقية منظمة الوحدة الإفريقية لعام 1969. هذا القانون يضمن عدم الإعادة القسرية، ويوفر الأساس القانوني لمنح حق اللجوء، ويحدد آليات التسجيل والفحص والاستئناف. كما يمنح القانون اللاجئين الحق في الإقامة والتنقل والعمل والتعليم والرعاية الصحية، وهو ما يشكل نقلة نوعية في التعامل مع اللاجئين مقارنة بعديد من الدول الإفريقية.
أعداد اللاجئين في إسواتيني خلال 2025
وفقًا لأحدث بيانات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين حتى فبراير 2025، بلغ عدد الأشخاص المعنيين بالحماية في إسواتيني 4,483 فردًا، منهم 1,336 لاجئًا و3,132 من طالبي اللجوء. ويُلاحظ أن معظم هؤلاء الوافدين الجدد جاءوا من موزمبيق نتيجة تصاعد النزاع المسلح في شمال البلاد. يُضاف إلى ذلك عدد محدود من اللاجئين من الكونغو الديمقراطية ورواندا ودول أخرى مضطربة. وتشير التقديرات إلى أن العدد الفعلي قد يكون أعلى، نظرًا لوجود أفراد لم يُسجلوا رسميًا بعد.
كيف يتم تقديم طلب اللجوء في إسواتيني؟
يبدأ اللاجئون رحلتهم في إسواتيني من مركز الاستقبال في منطقة ماليندزا، حيث يتم تسجيلهم باستخدام نظام ProGresV4، الذي يُدار بالتعاون مع المفوضية. يتم بعد ذلك تقييم طلباتهم من قبل لجنة وطنية مختصة، ويُتاح لهم حق الاستئناف في حال الرفض. وقد أحرزت إسواتيني تقدمًا ملموسًا في تعزيز استقلالية هذه اللجنة، مع تطوير لوائح جديدة ستدخل حيز التنفيذ في عام 2025 لضمان الشفافية والكفاءة.
ظروف اللاجئين داخل المخيمات وخارجها
يُقيم غالبية اللاجئين في إسواتيني داخل مركز ماليندزا الذي يُعد منطقة استقبال وإقامة دائمة للبعض. يضم المخيم مساكن بسيطة، ومدرسة ابتدائية، ومركزًا صحيًا أساسيًا. غير أن بعض اللاجئين اختاروا الانتقال إلى المناطق الحضرية بحثًا عن فرص عمل وتعليم أفضل، إلا أنهم غالبًا ما يواجهون تحديات متعلقة بالاندماج، نظرًا لصعوبة الحصول على الوثائق الرسمية اللازمة أو تصاريح العمل.
التحديات التي تعيق نظام اللجوء في إسواتيني
رغم القوانين الجيدة، إلا أن إسواتيني تواجه تحديات كبيرة على أرض الواقع، أهمها ضعف الموارد المالية واللوجستية، وتأخر معالجة الطلبات، وضيق مساحة مخيمات الاستقبال. كما تعاني بعض الفئات من صعوبات إضافية، مثل النساء والأطفال غير المصحوبين، في ظل نقص برامج الحماية الخاصة بهم. ولا تزال بعض الإجراءات، مثل توفير الإقامة القانونية الدائمة، بحاجة إلى إصلاحات هيكلية.
جهود حكومية ودولية لتعزيز الحماية
تتعاون حكومة إسواتيني بشكل وثيق مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين والعديد من المنظمات غير الحكومية، مثل كاريتاس ومجلس اللاجئين في جنوب إفريقيا، لتحسين ظروف اللاجئين. تشمل الجهود توسيع البرامج التعليمية داخل المخيمات، وتوفير التدريب المهني، وتحسين البنية التحتية الصحية، وزيادة التوعية المجتمعية لمكافحة التمييز والوصم الاجتماعي تجاه اللاجئين.
اللاجئون في إسواتيني وسوق العمل
يُسمح للاجئين الحاصلين على تصاريح عمل رسمية بالمشاركة في الأنشطة الاقتصادية، خاصة في قطاعات الزراعة والبناء والخدمات. ومع ذلك، فإن الوصول إلى سوق العمل لا يزال محدودًا، بسبب العقبات البيروقراطية، وصعوبة الاعتراف بالشهادات المهنية، والتنافس مع السكان المحليين على فرص العمل المحدودة.
اندماج اللاجئين في المجتمع الإسواتيني
الاندماج الاجتماعي للاجئين لا يزال تحديًا مستمرًا، نظرًا للاختلافات الثقافية واللغوية، إلى جانب التحيزات المجتمعية. إلا أن هناك مبادرات محلية لتعزيز التفاهم بين المجتمعات، مثل البرامج التثقيفية المشتركة في المدارس، ومهرجانات ثقافية تدمج بين اللاجئين والمواطنين. تُعد هذه المبادرات ضرورية لبناء مجتمع متسامح يحترم التنوع.
نظرة مستقبلية نحو تطوير نظام اللجوء في إسواتيني
تُظهر إسواتيني التزامًا متزايدًا بتطوير نظامها الوطني للجوء، مع العمل على تحديث البنية التحتية، وتوسيع آليات الحماية، وتكثيف التعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين. ومع استمرار التحديات في المنطقة، يبدو أن الحاجة إلى وجود منظومة حماية مرنة وشاملة في إسواتيني ستظل قائمة. وقد تشكل هذه الدولة الصغيرة نموذجًا إنسانيًا ملهمًا لدول الجوار إن أحسنت إدارة ملف اللجوء بمقاربة تنموية لا تقتصر على البُعد الإغاثي فقط.