خليل العبدالله زوج فيلدا سمور

في كل حكاية فنية نجد خيوطًا من الواقع تتشابك مع الوجدان، لتشكل نسيجًا من المشاعر والعبر. من هذه الحكايات اللافتة قصة الإعلامي الراحل خليل العبدالله والفنانة المتألقة فيلدا سمور. لم يكن ارتباطهما مجرد زواج عابر في الوسط الفني، بل شكل نموذجًا فريدًا لشراكة حياتية ومهنية ممتدة، تخللها الحب والاحترام والدعم المتبادل، إلى جانب لحظات الحزن والفقد التي تركت أثرًا عميقًا. هذا المقال يغوص في تفاصيل هذه العلاقة التي جمعت بين عالمين مختلفين واتحدا ليشكّلا حالة وجدانية لا تُنسى.

بدايات خليل العبدالله في الإعلام السوري

برز خليل العبدالله كواحد من الإعلاميين السوريين الذين امتلكوا حضورًا لافتًا على الشاشة وخلف الميكروفون. عمل في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، حيث شارك في إعداد وتقديم العديد من البرامج التي مزجت بين المهنية والبعد الثقافي. كان صوته معروفًا لدى الجمهور، وارتبط حضوره بالرصانة والعمق، ما جعله شخصية محبوبة وموثوقة. امتاز بأسلوب تقديم هادئ وواعي، وتفاعل دائم مع قضايا الناس دون مبالغة أو تهويل.

فيلدا سمور: مسيرة فنية حافلة بالعطاء

بدأت فيلدا سمور مسيرتها الفنية من على خشبة المسرح القومي، ثم انتقلت إلى التلفزيون لتترك بصمتها في مسلسلات عدة، كان من أبرزها “الزير سالم” و”باب الحارة” و”إخوة التراب”، حيث تميزت بأداء درامي عميق وقدرة تمثيلية استثنائية. عرفها الجمهور بملامحها الجادة وصوتها الواثق، وكانت تجسد أدوار الأم والمربية والمرأة الريفية بحسّ واقعي لا يخلو من الحنان أو الحزم.

زواج يجمع بين الإعلام والفن

شكّل زواج فيلدا سمور من الإعلامي خليل العبدالله نموذجًا نادرًا من العلاقات التي جمعت بين الإعلام والفن على أسس الاحترام والتفاهم. بعيدًا عن أضواء الشهرة، حافظا على خصوصية علاقتهما التي بنيت على الحوار والدعم المتبادل. كان خليل حريصًا على متابعة أعمال زوجته، وكان رأيه الفني موضع تقدير لديها، فيما كانت فيلدا تعتبره مصدر أمان وسند في لحظات ضعفها.

رحيل خليل العبدالله وتأثيره على العائلة

في عام 2013، خطف الموت الإعلامي خليل العبدالله إثر أزمة صحية مفاجئة، تاركًا وراءه فراغًا كبيرًا في قلوب محبيه وعائلته. عبّرت الفنانة ليلى سمور، شقيقة زوجته، عن حزنها العميق بكلمات مؤثرة، مشيدة بنزاهته ومواقفه الرجولية. أما فيلدا، فآثرت الصمت واكتفت برسالة وداع قصيرة: “إلى اللقاء يا خليل الغالي”، ما عبّر عن ألم لا يُترجم بالكلمات.

فيلدا سمور بعد فقدان زوجها: تحديات الحياة واستمرار العطاء

بعد وفاة شريكها، واجهت فيلدا الحياة بشجاعة، وواصلت مسيرتها رغم الأحزان. غير أن عام 2021 حمل معها قرارًا جريئًا وصادمًا، إذ أعلنت أنها تفكر في الانتقال إلى دار للمسنين، مبررة ذلك بعدم رغبتها في أن تكون عبئًا على أبنائها سيزار وسومر، اللذين انشغلا بحياتهما الخاصة. القرار أثار موجة من التعاطف والجدل، وكشف جانبًا إنسانيًا مؤلمًا في حياة فنانة أفنت عمرها في العطاء.

إرث مشترك في الإعلام والفن

يُعد كل من خليل العبدالله وفيلدا سمور جزءًا من ذاكرة الإعلام والفن السوري. ورغم أن خليل لم يكن من الأسماء التي ظهرت تحت الأضواء دائمًا، إلا أن أثره ظل حيًا في وجدان من عرفه أو عمل معه. أما فيلدا، فقد واجهت سنواتها الأخيرة بمزيد من الصمت والحنين، مستمرة في تقديم الأعمال رغم قلة الظهور، لأنها تؤمن أن الفن رسالة لا تموت بموت الأحبة.

الأبناء وامتداد الحكاية

أنجب الثنائي سيزار وسومر، وهما شابان حملا بعضًا من ملامح والديهما، خصوصًا في التوجه نحو الفن. درسا التمثيل في المعهد العالي للفنون المسرحية، إلا أنهما لم يحققا شهرة واسعة حتى الآن. تحاول فيلدا دائمًا أن تحافظ على خصوصية أبنائها، رافضة إدخالهم في ضجيج الإعلام، لكنها لا تتوانى عن التعبير عن حبها وفخرها بهما.

الهدوء الذي يخبئ الكثير

تُعرف فيلدا سمور بهدوئها الدائم ونبرتها الخافتة، لكنها تخفي خلف ذلك صلابة داخلية وتجارب إنسانية عميقة. منذ رحيل زوجها، أصبحت أكثر تحفظًا في الظهور، وأقل مشاركة في الحياة الاجتماعية والفنية، لكنها في كل مرة تظهر فيها، تترك أثرًا عاطفيًا واضحًا في قلوب المتابعين. قصتها مع خليل، بكل ما فيها من حب وألم، تبقى من القصص التي تستحق أن تُروى.