يعد رامز الأسود أحد الأسماء البارزة في المشهد الفني السوري، حيث ترك بصمة واضحة في عالم الدراما والمسرح بفضل موهبته المتنوعة وتفانيه في تقديم أدوار متميزة. ولد في مدينة طرطوس عام 1976، ونشأ في بيئة فنية متأثرة بوالده الفنان التشكيلي خالد الأسود. تخرج من المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق عام 1998، وبدأ مسيرته الفنية التي امتدت لأكثر من عقدين، ليصبح من الوجوه المعروفة في الأعمال الشامية والتاريخية. متزوج من رزان حيدر ولديه طفلان، جوليا وجود، ويقسم وقته بين سوريا وكندا حيث تعيش عائلته حاليًا. لكن دوره لم يقتصر على التمثيل فقط، بل كان له حضور في أحداث الثورة السورية التي غيرت مسار البلاد منذ 2011.
أقسام المقال
رامز الأسود والثورة السورية بداية الموقف
مع اندلاع الثورة السورية في مارس 2011، وجد رامز الأسود نفسه أمام لحظة مفصلية. كفنان عاش في قلب دمشق، كان شاهدًا على التحولات الاجتماعية والسياسية التي عصفت بالبلاد. لم يكن موقفه محايدًا، بل انعكس في اختياراته الفنية وتصريحاته التي أثارت جدلاً بين مؤيد ومعارض. في تلك الفترة، كان رامز قد أسس فرقة “مسرح الخريف” مع زميله نوار بلبل، وكانت المسرحية “المنفردة” التي تناولت قضية سجناء الرأي إحدى أبرز الأعمال التي عكست رؤيته للواقع السوري قبل الثورة وبعدها. هذا العمل، الذي عُرض في أكثر من 25 دولة، كان بمثابة صرخة فنية ضد القمع، لكنه أيضًا وضع رامز تحت أنظار النظام.
تأثير الثورة على مسيرة رامز الأسود الفنية
لم تترك الثورة السورية رامز الأسود دون أن تؤثر على إنتاجه الفني. مع تصاعد الأحداث، توقفت العديد من المشاريع الفنية التي كانت قيد الإعداد، بما في ذلك خطط دعم “مسرح الخريف” من القصر الرئاسي التي كانت قد بدأت قبل الثورة. اختار رامز الانحياز إلى الشعب، مما جعله يبتعد عن الأضواء لفترة، لكنه لم يتوقف عن العمل. مسلسلات مثل “زمن البرغوت” و”باب الحارة” التي شارك فيها خلال تلك الفترة، حملت بين طياتها إشارات غير مباشرة إلى الواقع السوري، حيث جسّد شخصيات تعكس صراعات المجتمع بين الخير والشر.
رامز الأسود ونوار بلبل انفصال بعد الثورة
كان تعاون رامز الأسود مع نوار بلبل علامة فارقة في مسيرتهما المسرحية، لكن الثورة كشفت عن تباين في مواقفهما. بينما انحاز نوار بلبل بشكل صريح إلى الثورة وغادر سوريا لاحقًا، اختار رامز موقفًا أكثر حذرًا، مفضلاً البقاء في البلاد والتعبير عن رأيه من خلال الفن. هذا الاختلاف أدى إلى تفكك فرقة “مسرح الخريف” التي كانت قد حققت نجاحًا عالميًا. يرى البعض أن هذا الانفصال كان نتيجة ضغوط سياسية، بينما يعتقد آخرون أنه كان اختلافًا في الرؤية الفنية تفاقم بسبب الأحداث.
كيف تعامل رامز الأسود مع الواقع الجديد؟
بعد سنوات من الثورة، واصل رامز الأسود مسيرته في ظل واقع جديد مليء بالتحديات. لم يتخلَ عن جذوره المسرحية، لكنه ركز أكثر على الدراما التلفزيونية التي وجدت طريقها إلى الجمهور رغم الأزمة. أعمال مثل “ولاد بديعة” و”العهد” التي شارك فيها مؤخرًا، أظهرت قدرته على التكيف مع متطلبات السوق الفني الجديد، مع الحفاظ على لمسة إنسانية تعكس تجربته الشخصية. تصريحاته حول افتقاره إلى منزل في دمشق رغم عقود من العمل، ألقت الضوء على الصعوبات التي واجهها كفنان في زمن الحرب.
رامز الأسود يتحدث عن الوضع الفني في سوريا
في حواراته، لم يخفِ رامز الأسود رأيه في الوضع الفني السوري بعد الثورة. وصف الواقع الدرامي بأنه “سيء جدًا”، مشيرًا إلى تراجع الإنتاج الفني بسبب الأزمة الاقتصادية والسياسية. لكنه أكد أن الموهبة لا تزال موجودة، وأن الفنانين بحاجة إلى “ثورة حقيقية” في الدراما لاستعادة مكانتهم. هذا التصريح يعكس إيمانه بقدرة الفن على التغيير، وهو ما حاول تجسيده في أعماله حتى في أحلك الظروف.
أبرز أعمال رامز الأسود بعد الثورة
على الرغم من التحديات، استمر رامز الأسود في تقديم أعمال تركت أثرًا لدى الجمهور. من أبرزها “زمن البرغوت” الجزء الثاني (2012)، حيث لعب دور “صفوان”، شخصية سلبية تثير الفتن، ما جعلها مرآة للواقع الاجتماعي. كما شارك في “باب الحارة” بجزئه العاشر (2019) بشخصية “محجوب”، وهي إضافة جديدة لمسيرته في هذا العمل الشامي الشهير. هذه الأدوار أثبتت أن الثورة لم تكسر عزيمته، بل صقلت قدرته على تقديم شخصيات معقدة.
رامز الأسود في أحدث أعماله
في السنوات الأخيرة، برز رامز الأسود في مسلسل “ولاد بديعة” (2024) بدور “الوفا الشامي”، وهي شخصية كوميدية أظهرت جانبًا جديدًا من موهبته. هذا العمل، الذي عُرض في رمضان، لاقى استحسان الجمهور بفضل خفة ظله وتفاصيله الدقيقة في الأداء. كما انتهى مؤخرًا من تصوير “ما اختلفنا 2″، وهو عمل آخر يؤكد استمراريته في الساحة الفنية رغم كل الظروف، مما يجعله نموذجًا للصمود في زمن الثورة وما بعدها.