رضوان عقيلي تاريخ ومكان الميلاد

في عالم الفن السوري، يبرز اسم رضوان عقيلي كأحد الأعمدة التي ساهمت في تشكيل ملامح الدراما العربية على مدى عقود. هذا الممثل المخضرم، الذي بدأ مسيرته في أواخر الستينيات، ترك بصمة واضحة في المسرح والتلفزيون والسينما، ليصبح رمزًا من رموز الجيل الأول للفنانين السوريين. ولد في مدينة حلب، تلك المدينة العريقة التي شهدت انطلاقته الفنية، وعاش حياة حافلة بالإنجازات والتحديات. يُعرف عنه شغفه بالتمثيل منذ الصغر، وحرصه على تقديم أدوار ذات عمق وتأثير، بعيدًا عن مطامح النجومية السطحية. في هذا المقال، نستعرض تفاصيل حياة رضوان عقيلي، بداية من تاريخ ومكان ميلاده، مرورًا بمحطاته الفنية، وصولًا إلى جوانب شخصية أثرت في مسيرته.

متى وأين ولد رضوان عقيلي؟

جاء رضوان عقيلي إلى الوجود في الأول من يناير عام 1949، في قلب مدينة حلب السورية. هذه المدينة، التي تُعدّ واحدة من أقدم المدن المأهولة في التاريخ، كانت مهد طفولته وبداياته الفنية. حلب، بتراثها الغني وأسواقها التقليدية، شكلت خلفية مثالية لنشأة فنان عشق الفن منذ نعومة أظفاره. تاريخ ميلاده يضعه ضمن جيل عايش تحولات كبيرة في سوريا، سواء على الصعيد الاجتماعي أو الفني، حيث كان افتتاح التلفزيون السوري في عام 1960 نقطة تحول ألهمت أحلامه الأولى.

رضوان عقيلي يبدأ من حلب

لم يكن اختيار حلب كمكان ميلاد رضوان عقيلي مجرد صدفة، بل كان عاملاً حاسمًا في تكوين شخصيته الفنية. في شوارع هذه المدينة التاريخية، بدأ يمارس التمثيل على خشبة المسرح المدرسي، حيث أظهر موهبة مبكرة لفتت الأنظار. شغفه بالفن دفع به للانضمام إلى فرق مسرحية محلية، ليصبح لاحقًا أحد مؤسسي مسرح الشعب في حلب عام 1968. هذا المسرح، الذي استمر لسنوات، كان بمثابة الحاضنة الأولى لموهبته، ومنه انطلق نحو فضاءات أوسع في عالم الدراما.

كيف شكل رضوان عقيلي مسيرته الفنية؟

بعد بداياته في حلب، انتقل رضوان عقيلي إلى دمشق في أوائل السبعينيات، حيث انضم إلى فرق مسرحية مرموقة مثل تلك التي أسسها عبد الله ونوس. هناك، شارك في عروض مسرحية كبرى مثل “مغامرة رأس المملوك جابر” و”حفلة سمر من أجل 5 حزيران”، مما عزز مكانته كممثل مسرحي متميز. لم يتوقف عند المسرح، بل خطى خطوته الأولى في التلفزيون عام 1971 بمسلسل “أولاد بلدي”، ليبدأ رحلة طويلة مع الشاشة الصغيرة التي جعلته وجهًا مألوفًا لدى الجمهور العربي.

رضوان عقيلي والأدوار البدوية

اشتهر رضوان عقيلي بتقديم الأدوار البدوية ببراعة لافتة، حيث أضفى على هذه الشخصيات طابعًا خاصًا جعلها عالقة في أذهان المشاهدين. من أبرز أعماله في هذا المجال مسلسل “آخر الفرسان”، الذي جسد فيه شخصية بدوية معقدة بأسلوب أقرب إلى الواقعية. على الرغم من نجاحه في هذا النوع، عبّر رضوان عن رأيه بأن بعض هذه الأعمال قد تسيء لصورة الإنسان العربي، مما يعكس وعيه الفني والاجتماعي.

ما الذي ميز رضوان عقيلي في الدراما التاريخية؟

لم تقتصر موهبة رضوان عقيلي على الأدوار البدوية، بل امتدت لتشمل الدراما التاريخية التي أبدع فيها أيضًا. في مسلسل “ذي قار”، قدم أداءً مميزًا أظهر قدرته على الغوص في أعماق الشخصيات التاريخية. كذلك، شارك في “أبو زيد الهلالي”، حيث أضاف لمسة فنية لقصة تراثية شهيرة، مما جعله اسمًا مرتبطًا بالأعمال ذات البعد التاريخي والثقافي العميق.

رضوان عقيلي في السينما والإذاعة

على الرغم من تركيزه على التلفزيون والمسرح، لم يغفل رضوان عقيلي عن السينما والإذاعة. ظهر في فيلمه الأول “واحد + واحد” عام 1971، لكنه لم يواصل السينما بنفس الوتيرة، حيث غاب عنها لنحو ثلاثة عقود قبل أن يعود بأعمال لاحقة. في الإذاعة، كان له حضور قوي من خلال برامج ومسلسلات مثل “حكم العدالة”، التي أبقت صوته محفورًا في ذاكرة الجمهور.

حياة رضوان عقيلي الشخصية

خارج الأضواء، عاش رضوان عقيلي حياة عائلية هادئة. تزوج من السيدة وفيقة مصطفى في السبعينيات، وهي سعودية الأصل، أنجب منها ولدين. رافقته في مسيرته حتى وفاتها عام 2014 بعد معاناة مع مرض السرطان، تاركةً فراغًا كبيرًا في حياته. هذا الحدث أثر عليه نفسيًا، خاصة مع سفر أبنائه إلى أوروبا، مما جعله يعيش وحيدًا في السنوات الأخيرة.

تحديات واجهت رضوان عقيلي

لم تكن رحلة رضوان عقيلي خالية من العقبات. في عام 2018، أصيب بالتهاب رئوي حاد أثناء تصوير مسلسل “عطر الشام”، مما استدعى نقله إلى المستشفى. بعدها بعام، خضع لعملية قلب مفتوح بعد أزمة قلبية، وفي نفس العام تعرض لحادث سير أدى إلى إصابته في قدمه. هذه التحديات الصحية أظهرت قوته وصموده، لكنه ظل يحلم برؤية أحفاده في هولندا، وهو ما عبّر عنه في تصريحات لاحقة.

رضوان عقيلي يطمح للإقامة الذهبية

في عام 2021، كشف رضوان عقيلي عن رغبته في الحصول على الإقامة الذهبية في الإمارات، ليتمكن من السفر إلى هولندا لرؤية أحفاده الذين لم يرهم منذ سنوات. وصف البيروقراطية بـ”طقطقة البراغي” التي أخرت حلمه، معبرًا عن أمله في تحقيق هذه الأمنية قبل أن يغادر الحياة. هذا التصريح أثار تعاطف الجمهور، وسلط الضوء على جانب إنساني في حياة الفنان.

إرث رضوان عقيلي الفني

بأكثر من 120 عملًا فنيًا، يبقى رضوان عقيلي شاهدًا على تطور الدراما السورية. من مسلسلات مثل “خان الحرير” و”كوم الحجر” إلى “باب الحارة” في جزئه الحادي عشر، قدم تنوعًا فنيًا قلّ نظيره. لم يسعَ يومًا للنجومية، بل فضّل أن يكون صوتًا مؤثرًا يحمل رسالة. إرثه يتجاوز الأدوار التي لعبها، ليشمل دوره كمؤسس لمسرح الشعب وكفنان رفض تقديم أي عمل دون هدف سامٍ.