رغداء هاشم، الفنانة السورية التي دخلت عالم الفن في نهاية التسعينيات، ليست مجرد ممثلة ظهرت في عدد من المسلسلات ثم اختفت، بل هي وجه درامي استطاع أن يترك أثرًا خاصًا في أذهان الجمهور السوري والعربي. عُرفت بتجسيدها المميز لدور الأم، خاصة في البيئة الشامية، وأبرز أدوارها كان في مسلسل “باب الحارة” الذي نقلها إلى قلوب المشاهدين. في المقابل، تظهر ابنتها مرح زيتون وابنها عبد الله زيتون اليوم كامتداد فني وعائلي لما بنته والدتهم، وسط تحديات الوسط الفني وتحولاته.
أقسام المقال
رغداء هاشم: مسيرة فنية حافلة
ولدت رغداء هاشم في العاصمة دمشق عام 1965، ونشأت في بيئة ثقافية واجتماعية محافظة، لكن ميولها الفنية ظهرت مبكرًا، حتى قبل دخولها الوسط الفني. جاءت فرصتها الكبرى عندما التقت بالفنان دريد لحام الذي رأى فيها موهبة تستحق الدعم، فكانت بدايتها في مسلسل “عودة غوار” عام 1998. من هنا، بدأت مسيرتها تتسع لتشمل مشاركات مميزة في الدراما السورية. واظبت رغداء على تجسيد أدوار الأم، المرأة الشامية، والمربية القوية، واستطاعت من خلال بساطتها وتلقائيتها أن تصبح وجهًا مألوفًا ومحبوبًا لدى الجمهور.
رغداء هاشم: الأمومة والفن
جمعت رغداء هاشم بين دورها كفنانة محترفة ودورها كأم بتفانٍ شديد. أنجبت ابنها عبد الله زيتون وابنتها مرح زيتون من زوجها السيد زيتون، وكان اهتمامها منصبًا دومًا على تنشئتهما تربية متوازنة تحترم القيم وتُشجع الطموحات. عاشت رغداء مراحل نمو أولادها وهي تحاول التوفيق بين التصوير، والبروفات، والأمومة، فأصبحت مرح تتنقل مع والدتها في مواقع التصوير وتتعرف على كواليس الدراما عن قرب. هذا القرب ساعد في خلق علاقة صداقة متينة بينهما، تجاوزت العلاقة التقليدية بين الأم وابنتها.
مرح زيتون: السير على خطى الأم بثقة وإصرار
مرح زيتون شابة نشأت في بيت فني، حيث كانت والدتها تُحدثها دائمًا عن أهمية الموهبة والعمل والاجتهاد في الفن، لا الشهرة السريعة. رغم أن رغداء لم تفرض على ابنتها الانخراط في الوسط الفني، إلا أن مرح اختارت الطريق بنفسها، مدفوعةً بالإعجاب بعالم التمثيل وبالقيم التي رُسخت لديها منذ الصغر. بدأت مرح تظهر في بعض المشاهد الصغيرة في مسلسلات، ومن ثم تطورت مهاراتها شيئًا فشيئًا. ومع ذلك، تُصرّ رغداء على أن نجاح مرح لا يجب أن يكون مرتبطًا باسمها، بل بإبداعها الخاص.
رغداء هاشم: مواجهة التحديات الصحية
مرت رغداء بتجربة صحية صعبة عندما خضعت لعمليتين جراحيتين في الرقبة بسبب انزلاق غضروفي أثر على أعصابها، ما أجبرها على التوقف المؤقت عن العمل. لكنها لم تتخلَّ عن حلمها، وعادت تدريجيًا إلى الشاشة بعد فترة النقاهة. تُشير رغداء إلى أن هذه المحنة كانت فرصة للتأمل وإعادة التقييم، وأنها تعلمت منها الصبر والاعتماد على الذات. الدعم الكبير الذي تلقته من جمهورها، إضافة إلى حب أولادها ووقوفهم بجانبها، جعلا مرحلة المرض بداية جديدة بدلاً من نهاية محتملة.
رغداء هاشم: نظرة مستقبلية وتطلعات فنية
رغداء هاشم ليست من الفنانات اللواتي يكتفين بالماضي، بل تسعى دائمًا إلى تقديم أعمال مختلفة ومتجددة. تُفضل الأدوار التي تحمل رسائل إنسانية واجتماعية، وترفض الأدوار السطحية التي تعتمد على الشكل دون المضمون. في لقاءات عديدة، عبّرت عن أمنيتها في المشاركة في أعمال تاريخية تُعيد إحياء التراث السوري الحقيقي، وكذلك إنتاج عمل مشترك يجمعها بابنتها مرح. ترى أن الفن هو منصة تعليم وتوعية، وليس فقط وسيلة ترفيه.
رغداء هاشم وابنتها: تفاعل الجمهور
يحظى الثنائي رغداء ومرح بتفاعل لافت من الجمهور على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة بعد ظهورهم في مقابلات مصورة ولقطات من الحياة اليومية. الكثير من المتابعين يُشيدون بعلاقتهما المبنية على الصداقة والدعم المتبادل، ويعتبرونها مثالاً لعلاقة صحية بين أم وابنتها. كما يتساءل البعض عن إمكانية ظهورهما في عمل درامي مشترك، وهو أمر لم تنفه رغداء، بل ألمحت إلى إمكانية ذلك في المستقبل، بشرط أن تكون القصة عميقة وتحمل بعدًا إنسانيًا قويًا.
رغداء هاشم: شخصية هادئة
بعيدًا عن الكاميرات، تُعرف رغداء بشخصيتها الهادئة والمتواضعة، فهي لا تحب الأضواء الزائفة ولا تسعى لافتعال الجدل. تفضل قضاء وقتها مع عائلتها، أو في القراءة ومتابعة الأعمال الفنية العالمية. تعيش حياة بسيطة ترفض فيها المبالغات التي تطغى على حياة بعض الفنانين. هذه الخصوصية جعلتها تحافظ على سمعتها ونقائها الفني، وهو ما انعكس بشكل إيجابي على أولادها الذين يتبنون نفس النهج في حياتهم.