سامية الجزائري وهي صغيرة

تُعد سامية الجزائري واحدة من أبرز نجمات الدراما السورية، حيث تركت بصمة لا تُنسى في عالم الفن العربي بفضل موهبتها الاستثنائية وأدائها المتميز في الأعمال الكوميدية والدرامية على حد سواء. وُلدت هذه الفنانة القديرة في 25 نوفمبر 1946 بأحد أحياء دمشق القديمة، ونشأت وسط عائلة متواضعة، لتصبح لاحقًا رمزًا للكوميديا في سوريا والوطن العربي. اشتهرت بلقب “سيدة الكوميديا السورية”، وهي الأخت الكبرى للفنانة صباح الجزائري، وقد اختارت حياة العزوبية لتكرس نفسها للفن، معوضة ذلك بأدوار الأم التي أبدعت في تقديمها على الشاشة. بدأت رحلتها الفنية بالصدفة في سن مبكرة، لتتحول إلى أيقونة تُحتفى بها حتى اليوم.

ولادة سامية الجزائري في دمشق القديمة

رأت سامية الجزائري النور في قلب العاصمة السورية، دمشق، في حي من أحيائها التاريخية التي تحمل عبق الماضي. كانت طفولتها بسيطة، بعيدة عن أضواء الفن التي ستغمر حياتها لاحقًا. نشأت في بيئة عائلية متواضعة، حيث كانت الكبرى بين أشقائها، ومنهم الفنانة صباح الجزائري التي سارت على خطاها في عالم التمثيل. لم تكن هناك مؤشرات واضحة في تلك السنوات المبكرة على أن هذه الفتاة الصغيرة ستصبح يومًا ما واحدة من أهم الممثلات في المنطقة العربية، لكن الحياة كانت تُخبئ لها مفاجأة كبيرة.

طفولة سامية الجزائري بعيدة عن الأضواء

عاشت سامية سنواتها الأولى في ظل حياة هادئة، بعيدة عن صخب الشهرة. لم تكن الفتاة الصغيرة تحلم بالوقوف أمام الكاميرات أو تجسيد الشخصيات على المسرح، بل كانت تعيش يومياتها كأي طفلة في تلك الحقبة. في دمشق القديمة، حيث الأزقة الضيقة والتقاليد العريقة، شكلت طفولتها جزءًا من شخصيتها التي انعكست لاحقًا في أدوارها الفنية. هذه البساطة التي عاشتها منحتها لمسة إنسانية جعلتها قريبة من قلوب الجمهور عندما بدأت مسيرتها.

سامية الجزائري تدخل الفن بالصدفة

في سن السابعة عشرة، تغيرت حياة سامية بشكل غير متوقع. كانت تمشي في أحد شوارع دمشق عندما لفتت انتباه المخرجة السورية قسمت طوزان، التي رأت فيها موهبة طبيعية وشخصية فريدة. اقترحت عليها التمثيل، فسألتها سامية بعفوية: “تمثلي؟ أمثل شو، خايفة منك؟”، لكن هذه اللحظة العابرة كانت بداية مشوارها. في عام 1963، شاركت في تمثيلية “أبو البنات” بدور الممرضة، وكان ذلك أول ظهور لها على شاشة التلفزيون، ممهدًا الطريق لتحولها من فتاة عادية إلى نجمة لامعة.

بداية سامية الجزائري في المسرح العسكري

بعد تجربتها الأولى في التلفزيون، لم تتجه سامية مباشرة إلى عالم الشهرة، بل عملت كموظفة في المسرح العسكري لعدة سنوات. كانت تلك الفترة بمثابة مرحلة تأسيسية، حيث اكتسبت خبرة وثقلت موهبتها بعيدًا عن الأضواء. هذه الخطوة المبكرة أظهرت جديتها وحرصها على صقل مهاراتها، مما ساهم في نجاحها الكبير لاحقًا عندما بدأت الأعمال تتوالى عليها.

سامية الجزائري تتألق في الكوميديا

مع مرور الوقت، بدأت سامية في اكتشاف موهبتها الحقيقية في تقديم الأدوار الكوميدية. في السبعينيات والثمانينيات، أصبحت واحدة من أبرز الوجوه التي تجلب الضحك للمشاهدين. قدرتها على تقديم شخصيات خفيفة الظل بطريقة طبيعية جعلتها مميزة، ومن هنا بدأ لقب “سيدة الكوميديا” يرتبط بها. أعمالها في تلك الفترة وضعت الأساس لشهرتها الواسعة التي امتدت إلى التسعينيات.

علاقة سامية الجزائري بأختها صباح

لم تكن سامية الوحيدة في عائلتها التي اختارت الفن، فقد تبعتها شقيقتها الصغرى صباح الجزائري في هذا المجال. رغم أن سامية بقيت عزباء، فإن صباح اختارت حياة مختلفة بالزواج وتكوين أسرة، لكن الشقيقتين جمعتها علاقة وثيقة وتعاون فني في بعض الأحيان. ظهرتا معًا في صور نادرة، تعكس الدفء الأسري بينهما، وكانتا معًا جزءًا من جيل الرواد في الدراما السورية.

سامية الجزائري تترك بصمة في التسعينيات

وصلت سامية إلى ذروة نجاحها في التسعينيات، حيث أصبحت النجمة الأولى في العديد من الأعمال الكوميدية التي حفرت اسمها في ذاكرة الجمهور العربي. من خلال تعاونها مع مخرجين كبار مثل هشام شربتجي، قدمت شخصيات لا تُنسى، مثل “أم أحمد بلاليش” في “عائلة خمس نجوم”، و”أم محمود” في “يوميات جميل وهناء”. هذه الفترة شهدت تألقها كأم كوميدية على الشاشة، رغم أنها لم تكن أمًا في حياتها الشخصية.

جوائز سامية الجزائري تكرم مسيرتها

على مدار مسيرتها الطويلة، حصدت سامية العديد من الجوائز التي عكست تفوقها. منها جائزة أفضل ممثلة صاعدة في 1967 من إذاعة دمشق، وتكريم عن دورها في فيلم “كفرون” في مهرجان القاهرة عام 1990، بالإضافة إلى جوائز كأفضل ممثلة عربية عن أدوارها في “عيلة 6 نجوم” و”عيلة 7 نجوم”. كما حصلت على تكريم خاص في 2008 من الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون في سوريا، تتويجًا لمسيرة امتدت لأكثر من ستة عقود.

سامية الجزائري مستمرة حتى اليوم

رغم تقدمها في العمر، لا تزال سامية الجزائري حاضرة في الساحة الفنية. في السنوات الأخيرة، شاركت في أعمال مثل “الكندوش” و”صالون زهرة”، محافظة على قدرتها على إضحاك الجمهور وإبهاره. اختيارها للأدوار بعناية يعكس حرصها على تقديم ما هو مميز، مما يجعلها أيقونة حية تستمر في إلهام الأجيال الجديدة من الممثلين والمشاهدين على حد سواء.