في عالم يعج بالأسماء اللامعة في الفن السوري، تألقت الفنانة سمر عبد العزيز بصوتها الشجي وموهبتها المتعددة، بينما سارت شقيقتها ريم عبد العزيز بخطى واثقة نحو عالم الإخراج والتمثيل. يشكل الثنائي حكاية فنية وإنسانية ثرية، تستحق الغوص في تفاصيلها لفهم عمق التأثير الذي تركته كل منهما في المشهد الفني السوري، لا سيما بعد الرحيل المفاجئ لسمر، الذي أحزن جمهورها وزملاءها وترك أثرًا بالغًا في حياة ريم.
أقسام المقال
- سمر عبد العزيز: صوت دافئ من حلب
- سمر عبد العزيز: من الغناء إلى التمثيل
- سمر عبد العزيز: صراع مع المرض ورحيل مبكر
- ريم عبد العزيز: شقيقة في الفن والحياة
- العلاقة بين سمر وريم: أكثر من شقيقات
- سمر عبد العزيز وحياتها العاطفية المعقدة
- ظهورها الإعلامي الأخير ورسالتها قبل الرحيل
- إرث سمر عبد العزيز: فن لا يُنسى
- خاتمة: سمر وريم عبد العزيز.. قصة حب وفن
سمر عبد العزيز: صوت دافئ من حلب
ولدت سمر عبد العزيز في 7 يناير 1973 بمدينة حلب، ضمن عائلة فنية مرموقة كان لها باع طويل في الشعر والموسيقى. فقد كان والدها الشاعر نظمي عبد العزيز من أبرز أعمدة الأغنية السورية، أما خالها عزمي مورة، فكان ملحنًا معروفًا ترك بصمته على الأغنية التراثية الحلبية. هذا الإرث الفني جعل سمر تتنفس الفن منذ الطفولة، فبدأت تغني قبل أن تتقن نطق الكلمات، وكانت تشارك في الحفلات المدرسية وتقلد المطربات الكبار مثل ميادة الحناوي ونجاة الصغيرة.
سمر عبد العزيز: من الغناء إلى التمثيل
برزت موهبة سمر الغنائية بشكل رسمي خلال مشاركتها في مهرجانات الأغنية السورية، وخصوصًا في الدورة الثالثة، حيث قدمت أغاني نالت إعجاب الجمهور مثل “يسعدلي هالمسا” و”تعلمنا”. لاحقًا، جذبتها عدسة الكاميرا إلى عالم الدراما، فدخلت التمثيل بكل حيوية. تنقلت بين الأدوار الاجتماعية والتاريخية والكوميدية، وكان من أشهر أعمالها مشاركتها في مسلسل “باب الحارة” بدور وداد، حيث قدمت شخصية عاطفية بعمق إنساني ملفت. كما لعبت أدوارًا مؤثرة في مسلسلات مثل “الثريا” و”روزنا”، واستطاعت أن تبني لنفسها مكانة فريدة بين نجمات الدراما السورية.
سمر عبد العزيز: صراع مع المرض ورحيل مبكر
في عام 2021، فجّرت سمر مفاجأة صادمة عندما أعلنت إصابتها بسرطان الثدي، وهو الخبر الذي قلب حياة محبيها وأصدقائها. خضعت لعدة جلسات علاج كيماوي وعملية جراحية لاستئصال الورم، وظهرت في لقاءات إعلامية بكل شجاعة تتحدث عن تجربتها، وتحث النساء على الكشف المبكر والتمسك بالأمل. وعلى الرغم من إعلانها الشفاء في 2023، إلا أن مضاعفات العلاج الكيماوي أضعفت جهازها المناعي. وفي 30 أبريل 2025، رحلت عن عالمنا بعد صراع مع التهاب الكبد، لتترك فراغًا فنيًا وإنسانيًا لا يُعوض.
ريم عبد العزيز: شقيقة في الفن والحياة
ريم عبد العزيز، من مواليد 23 أكتوبر 1976، لم تكن مجرد أخت لسمر، بل كانت رفيقتها في الفن والنجاح والتحديات. دخلت عالم التمثيل منذ منتصف التسعينات، لكنها وجدت شغفها الأكبر في الإخراج، خصوصًا في إخراج الأغاني المصورة. أخرجت العديد من الكليبات لسمر، وكانت تسعى لإبراز صوتها وإحساسها من خلال مشاهد تتناغم مع عمق الكلمات. ومن بين أبرز أعمالها “تحت المطر” و”لحظة حنان”، فضلًا عن أعمال وطنية مثل “سنبني سوريا”.
العلاقة بين سمر وريم: أكثر من شقيقات
لم تكن العلاقة بين سمر وريم علاقة شقيقات عادية. كانتا أقرب لصديقتين تتشاركان أسرار الحياة والعمل. دعمت ريم سمر خلال رحلتها العلاجية، ورافقتها في المستشفيات وساندتها نفسيًا، وكانت تبث فيها القوة وترافقها في جلسات العلاج. وعندما رحلت سمر، كتبت ريم منشورًا مؤثرًا على فيسبوك عبّرت فيه عن وجع الفقد، قائلة: “سمورة، كنا سوا بكل شي، حتى الوجع. بس هالمرة رحتي قبلي”. هذا الانهيار العاطفي أظهر مدى الترابط بين الأختين.
سمر عبد العزيز وحياتها العاطفية المعقدة
مرت سمر بتجربة زواج قصيرة أثارت الجدل، حيث تزوجت من المخرج محمد معروف في نهاية عام 2020، بعد علاقة حب استمرت ثلاث سنوات، لكن الزواج لم يدم أكثر من 12 يومًا فقط. كشفت لاحقًا في مقابلات صحفية أن سبب الطلاق كان تعارضًا في الطباع وعدم القدرة على التفاهم. هذه التجربة العاطفية العنيفة تزامنت مع اكتشاف إصابتها بالسرطان، ما جعلها تمر بمرحلة نفسية عصيبة، لكنها كانت دومًا تحاول تجاوز الألم بالابتسام والعمل.
ظهورها الإعلامي الأخير ورسالتها قبل الرحيل
قبل وفاتها بأسابيع، ظهرت سمر في لقاء إذاعي، بدت فيه مرهقة لكن متماسكة، وتحدثت عن أحلامها التي لم تكتمل، ورغبتها في أداء دور مركب يتناول قضايا المرأة في ظل الحرب. وجهت رسالة لجمهورها قالت فيها: “إذا الله عطاني عمر، رح تشوفوا شي جديد مني. بس إذا ما عطاني، بدي بس تذكروني بمحبة”. كانت كلماتها مؤثرة، وتحمل نبرة وداع لم يفهمها الكثيرون إلا بعد فوات الأوان.
إرث سمر عبد العزيز: فن لا يُنسى
رغم أن رصيدها الفني ليس ضخمًا من حيث الكم، إلا أن تأثير سمر كان كبيرًا من حيث النوع. كانت تؤدي كل دور بشغف، وتغني بإحساس يجعل من يسمعها يشعر وكأنها تحكي قصته. تركت خلفها عشرات الأغاني، ومجموعة من الأدوار التلفزيونية التي ستظل شاهدة على موهبتها النقية. أرشيفها الفني اليوم بات بمثابة كنز لمحبي الفن السوري الأصيل.
خاتمة: سمر وريم عبد العزيز.. قصة حب وفن
تبقى حكاية سمر وريم عبد العزيز نموذجًا نادرًا في الوسط الفني العربي، حيث امتزجت الأخوة بالموهبة، والحب بالوفاء، والفن بالحياة. رحلت سمر تاركة خلفها إرثًا روحيًا وفنيًا، وستكمل ريم الدرب محملة بذكرى أختها، لتبقى أعمالهما معًا تجسيدًا لعلاقة لا تنكسر بالموت، بل تقوى بالحضور الدائم في قلوب الناس.