عائلة نزار أبو حجر

يُعد الفنان السوري الفلسطيني نزار أبو حجر من الشخصيات التي لا تُنسى في ذاكرة الدراما الشامية، ليس فقط بسبب أدواره المحبوبة وأسلوبه التمثيلي المميز، بل أيضًا لما تمثّله خلفيته العائلية من ثراء ثقافي وإنساني. في هذا المقال، نسلط الضوء على الجوانب العائلية لحياة نزار أبو حجر، ونستعرض علاقاته العائلية، وجذوره الفلسطينية، ودور أسرته في تشكيل شخصيته الفنية، في سردٍ تفصيلي يربط الحاضر بالماضي.

نشأة نزار أبو حجر وسط عائلة فلسطينية

وُلد نزار أحمد أبو حجر في دمشق بتاريخ 13 مايو 1952، لأسرة فلسطينية هجّرتها نكبة عام 1948 من مدينة المجدل الواقعة جنوب فلسطين. العائلة، مثل كثير من الأسر الفلسطينية في الشتات، حملت معها ذاكرة المكان والموروث الشعبي، واستقرت في سوريا حيث اندمجت في النسيج الاجتماعي، لكنها احتفظت بهويتها الفلسطينية. نشأ نزار في حي الميدان الشعبي، واكتسب منذ صغره حسًا فنيًا وثقافيًا نابعًا من بيئته الاجتماعية وعائلته ذات الجذور الفنية.

خال نزار أبو حجر كان فنانًا مشهورًا

أنور البابا، أحد أبرز رموز المسرح والإذاعة في سوريا، كان خال نزار وأول من ألهمه طريق الفن. شخصية “أم كامل” التي ابتكرها أنور البابا أصبحت من الشخصيات الخالدة في الذاكرة السورية، وكان تأثيره في حياة نزار يتجاوز التوجيه الفني، فقد كان بمثابة المعلم والداعم الأول. وتعود أصول البابا أيضًا إلى مدينة المجدل، مما يعزز الروابط العائلية والفنية في آن واحد.

نزار أبو حجر قريب سعاد حسني ونجاة الصغيرة

الجانب الأكثر إثارة في نسب نزار العائلي هو صلته بالفنانتين الكبيرتين سعاد حسني ونجاة الصغيرة. والدته ابنة خال محمد حسني البابا، والد سعاد ونجاة، مما يجعل نزار قريبًا مباشرًا لهما. هذه الروابط العائلية التي تربط بين عائلات فنية في سوريا ومصر تعكس شبكة معقدة من العلاقات التي شكّلت تاريخ الفن العربي. رغم قلّة اللقاءات بسبب المسافات وظروف الحياة، إلا أن نزار كان دائم الفخر بهذه القرابة.

زوجة نزار أبو حجر كانت طبيبة

ارتبط نزار أبو حجر بالسيدة أسيمة، وهي طبيبة عُرفت بتواضعها وبعدها عن الأضواء. جمعت بينهما علاقة احترام وتفاهم استمرت حتى وفاتها في أكتوبر 2022. كانت الزوجة شريكًا صامتًا لمسيرة نزار، واختارت أن تبقى بعيدًا عن الإعلام، لكنها لعبت دورًا محوريًا في حياته العائلية، حيث اعتنت بالأبناء وشكّلت الدعامة النفسية له في أصعب لحظاته الفنية والشخصية.

أبناء نزار أبو حجر بعيدون عن الفن

رُزق نزار بخمسة أبناء، جميعهم اتجهوا نحو مجالات علمية كالطب والهندسة، مبتعدين كليًا عن مجال الفن. وفي مقابلات متعددة، أبدى نزار حزنه لكون أبنائه لا يشاهدون أعماله الفنية ولا يشاركونه الفخر بها، ويشعرون بشيء من التحفظ تجاه مهنة التمثيل. هذا الموقف يعكس الصراع بين جيل نشأ على تقديس الفن، وجيل يرى النجاح في الألقاب الأكاديمية والمهن العملية.

نزار أبو حجر التقى بأخيه في غزة

في رحلة إنسانية مؤثرة، سافر نزار إلى قطاع غزة عام 2010 ضمن قافلة فنية لكسر الحصار. وهناك التقى بشقيقه من والده، بعد فراق دام سنوات طويلة. اللقاء كان عاطفيًا بامتياز، خصوصًا في ظل معاناة أهل غزة آنذاك. تحدث نزار بعد عودته عن وجع الفلسطيني المغترب في وطنه، واعتبر أن هذا اللقاء رسّخ في داخله حتمية العودة إلى الجذور، حتى لو بالوجدان فقط.

عائلته ظهرت بشكل غير مباشر في أدواره

رغم أن نزار نادرًا ما تحدّث عن عائلته في لقاءاته، إلا أن المتابع لأعماله الدرامية يلاحظ حضورًا روحيًا لعناصر من حياته الخاصة. شخصياته التي تجمع بين القسوة والحنان تعكس تركيبة بيئته العائلية، خاصة في مسلسل “باب الحارة” حيث جسّد دور “أبو غالب”، البائع الشعبي الذي يتحدث كثيرًا ويخفي في داخله آلامًا دفينة.

عائلة نزار أبو حجر تحمل هوية مزدوجة

عائلة نزار أبو حجر، مثل كثير من العائلات الفلسطينية في سوريا، عاشت هوية مزدوجة لا تخلو من التعقيدات. فبين التمسك بفلسطين والانخراط في المجتمع السوري، وجدت الأسرة نفسها تصنع توازنًا هشًا ولكنه غني بالثقافة والمعاني. وقد انعكس هذا التوازن في شخصية نزار، الذي حمل قضايا الناس وهموم الوطنين في آن.

خاتمة عن عائلة نزار أبو حجر

من خلال هذا السرد العائلي، يتضح أن نزار أبو حجر ليس مجرد فنان مرّ على الشاشة، بل هو نتاج بيئة إنسانية مركّبة، تأرجحت بين الفن والعلم، بين الوطنية والاغتراب، بين العزلة الاجتماعية والحضور الجماهيري. عائلته، رغم كونها بعيدة عن الشهرة، كانت أساسًا صلبًا ساهم في تشكّل هذا الفنان الذي لا يزال حاضرًا في ذاكرة كل من تابع الدراما السورية الأصيلة.