تُعتبر عادات الزواج في المملكة العربية السعودية من أبرز المظاهر الثقافية والاجتماعية التي تميز المجتمع السعودي، وتُجسد قيمًا راسخة مثل الاحترام، الترابط الأسري، والتمسك بالعادات الإسلامية. ورغم تطور الحياة الاجتماعية والاقتصادية، ما زالت هذه العادات تحتفظ بأصالتها وتتجدد بأساليب تتماشى مع العصر، ما يمنحها طابعًا خاصًا يجمع بين التراث والحداثة.
أقسام المقال
طلب العروس في السعودية
يبدأ الزواج السعودي بخطوة تُعرف باسم “طلب العروس”، وهي مراسم تقليدية تُظهر الاحترام والتقدير لعائلة العروس. يتوجه والد العريس أو أحد وجهاء العائلة إلى منزل العروس لطلب يدها بشكل رسمي، وتُعد هذه الزيارة إعلانًا عن نية الزواج. عادةً ما يرافق هذه الزيارة نقاش مبدئي حول الأمور الأساسية كالقبول، المهر، والشروط. في بعض المناطق، يتبع هذا اللقاء قراءة الفاتحة والدعاء من الطرفين، ما يُضفي طابعًا دينيًا وروحيًا على الحدث.
الشوفة الشرعية في السعودية
تُعد الشوفة الشرعية من أبرز التقاليد التي تُمنح للعريس قبل إتمام الخطبة، وهي لحظة يلتقي فيها العروسان للمرة الأولى بحضور أحد محارم العروس. يتم هذا اللقاء وفق الضوابط الشرعية، ويُتيح للطرفين التحقق من القبول النفسي والمظهر العام قبل الانتقال إلى الخطوة التالية. كثيرًا ما يُرافق هذا اللقاء شعور بالرهبة والاحترام، ويُعبّر عن الخصوصية التي يوليها المجتمع السعودي لموضوع الزواج.
المهر والشبكة في السعودية
المهر يُعتبر ركنًا أساسيًا في الزواج، ويُقدم من العريس للعروس كدليل على الجدية والنية الصادقة. تختلف قيمته حسب المنطقة والعائلة، وقد تتراوح بين مبالغ مالية متفق عليها أو هدايا ذات قيمة رمزية. الشبكة، وهي مجوهرات تُهدى للعروس، تُقدَّم غالبًا في مناسبة “الملكة”، وتشمل الذهب، الألماس، والعطور الفاخرة. كما يُخصص للعروس جهاز متكامل من الملابس والعطورات، وهو ما يُعرف بـ”جهاز العروس”، ويُعد رمزًا للمكانة الاجتماعية.
كتب الكتاب في السعودية
في هذه المرحلة، يتم عقد القران رسميًا بحضور مأذون شرعي وولي أمر العروس، وبشهادة اثنين. يُقام كتب الكتاب في أجواء عائلية، وقد يتضمن تلاوة آيات من القرآن الكريم ودعاء بالتوفيق للعروسين. يُعتبر هذا العقد البداية القانونية والرسمية للزواج، وغالبًا ما يُتبعه حفل بسيط للاحتفاء بالمناسبة، يُعرف في بعض المناطق بـ”الملكة”.
ليلة الغمرة في السعودية
ليلة الغمرة، أو ليلة الحناء، تُعد من أقدم التقاليد المرتبطة بالزواج في السعودية، وتحمل طابعًا نسائيًا بامتياز. تُزيَّن العروس بالحناء في أجواء مليئة بالأهازيج والزغاريد، وتُشاركها الصديقات والأقارب بالرقص وتبادل الهدايا. ترتدي العروس في هذه الليلة ملابس تراثية تختلف من منطقة لأخرى، مثل الثوب النجدي أو الحجازي المطرز. تُرمز هذه الليلة إلى توديع العروس لحياتها كعزباء واستعدادها لدخول الحياة الزوجية.
حفل الزفاف في السعودية
يُقام حفل الزفاف في قاعات فخمة عادةً، وغالبًا ما يكون منفصلًا للرجال والنساء، وفق الأعراف السائدة. يتميز هذا الحفل بعروض تقليدية مثل رقصة العرضة بالسيوف التي يُؤديها الرجال، وأغاني شعبية تراثية تملأ الأجواء بالحيوية. تُقدَّم في الحفل الولائم الفاخرة التي تشمل أطباقًا سعودية أصيلة مثل الكبسة، الحنيذ، والمندي. تتألق العروس في فستان أبيض فاخر، بينما يرتدي العريس البشت والشماغ الرسمي.
الزفة والصباحية في السعودية
الزفة تُعتبر اللحظة الختامية لحفل الزفاف، حيث يُزف العروسان إلى منزلهما الجديد وسط الزغاريد والموسيقى. في بعض المناطق، ترافق الزفة مواكب سيارات مزينة بالورود وتُبث الأغاني الخاصة بالفرح. في صباح اليوم التالي، تُقام “الصباحية”، وهي زيارة تقليدية من الأقارب لتقديم الهدايا والتهاني للعروسين، ما يعزز الروابط الأسرية ويدعم بداية حياتهما المشتركة.
ما بعد الزواج في السعودية
لا تنتهي عادات الزواج في السعودية بمجرد انتهاء الحفل، بل تمتد إلى ما بعد الزواج، حيث تستمر الزيارات العائلية وتبادل الهدايا لفترة. كما يُنظم أحيانًا ما يُعرف بـ”القهوة الصباحية” التي تجمع والدة العروس بضيوفها في منزل الزوجية الجديد، وهي عادة اجتماعية تهدف لتعزيز التقارب بين الأسرتين.
تطور عادات الزواج في السعودية
رغم الحداثة والتغيرات الاجتماعية التي طالت المجتمع السعودي، إلا أن كثيرًا من العائلات لا تزال تحرص على الحفاظ على التقاليد، مع التكيف في التفاصيل. أصبح من الشائع اليوم الاستعانة بمنظمي حفلات مختصين، وتوثيق كل اللحظات عبر التصوير الاحترافي. إلا أن روح الاحترام والخصوصية والهوية الأصيلة تبقى هي العنوان الأبرز لعادات الزواج السعودية.