عدد المسلمين في الأردن

تتمتع المملكة الأردنية الهاشمية بتركيبة سكانية يغلب عليها الطابع الإسلامي، وهو ما ينعكس في مختلف جوانب الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية. الإسلام في الأردن ليس مجرد ديانة، بل هو مكون رئيسي من هوية الدولة والمجتمع، ويُنظر إليه كعنصر توحيد بين مختلف مكونات الشعب الأردني. تتنوع الخلفيات الثقافية والقبلية للسكان، إلا أن الدين الإسلامي يبقى الرابط الأساسي الذي يجمع الغالبية الساحقة من المواطنين والمقيمين.

نسبة المسلمين في الأردن

يُقدّر عدد سكان الأردن بنحو 11.5 مليون نسمة حسب أحدث بيانات عام 2025، ويشكّل المسلمون حوالي 97.2% من مجموع السكان، أي ما يعادل تقريبًا 11.2 مليون نسمة. ينتمي غالبية المسلمين في الأردن إلى المذهب السني، بينما تمثل الطوائف الأخرى، مثل الشيعة، نسبة ضئيلة جدًا لا تكاد تُذكر في التعدادات الرسمية. يُعد هذا التجانس الديني أحد أهم سمات المجتمع الأردني، وهو ما يسهم في استقرار البنية الاجتماعية.

توزيع المسلمين في المحافظات الأردنية

تتوزع الكثافة السكانية للمسلمين في الأردن بشكل غير متساوٍ بين المحافظات. العاصمة عمان تستحوذ على النسبة الأكبر، إذ يعيش فيها ما يقرب من نصف سكان البلاد، وتليها الزرقاء وإربد. بينما تتركز نسبة أقل من المسلمين في المناطق الجنوبية مثل الكرك ومعان والطفيلة، التي تمتاز بمساحات واسعة وكثافة سكانية منخفضة. هذا التوزيع يعبّر عن توجه السكان نحو المدن الكبرى لأسباب اقتصادية واجتماعية وتعليمية، وهو ما يعزز من مركزية الإسلام في هذه المناطق.

التنوع الديني في الأردن

رغم النسبة الساحقة للمسلمين، إلا أن الأردن يحتضن تنوعًا دينيًا واضحًا يتمثل في وجود أقلية مسيحية تُقدَّر بحوالي 2.2% من السكان، بالإضافة إلى أقليات دينية صغيرة أخرى مثل الدروز والبهائيين. المسيحيون في الأردن يتمتعون بحقوق دينية وسياسية متساوية، ولهم تمثيل في البرلمان ومؤسسات الدولة. تعايش هذه الأديان ضمن مجتمع إسلامي الأغلبية يعكس مستوى عالٍ من التسامح والانفتاح.

الهجرة وتأثيرها على التركيبة السكانية

شهد الأردن موجات هجرة كبيرة خلال العقود الماضية، أبرزها اللجوء الفلسطيني منذ عام 1948، وموجات اللجوء العراقي بعد عام 2003، ثم اللجوء السوري منذ عام 2011. الغالبية العظمى من هؤلاء اللاجئين هم من المسلمين، مما ساهم في تعزيز نسبة المسلمين في الأردن وزيادة الضغط على البنية التحتية والخدمات العامة. تُشير التقديرات إلى وجود أكثر من 1.3 مليون لاجئ سوري في الأردن، معظمهم يقيمون في المدن الشمالية مثل المفرق وإربد والزرقاء.

التحولات الديموغرافية المستقبلية

تشير الدراسات الديموغرافية إلى أن الأردن سيواصل نموه السكاني في السنوات القادمة، لا سيما في فئة الشباب، التي تمثل أكثر من 60% من السكان. هذا النمو مصحوب بزيادة طبيعية في أعداد المسلمين، خاصة في ظل معدلات الخصوبة المرتفعة. كما أن استمرارية الأزمات الإقليمية قد تؤدي إلى مزيد من موجات اللجوء التي تعزز من نسبة المسلمين داخل الأردن.

دور الإسلام في الحياة اليومية والسياسية

الإسلام في الأردن ليس مجرد منظومة عقائدية، بل هو أسلوب حياة يُنظم تفاصيل اليوم من الأذان حتى صلاة العشاء. يُدرّس الإسلام في المدارس الرسمية، وتُقام الشعائر الدينية بحرية تامة، وتُبنى المساجد في جميع الأحياء. أما من الناحية السياسية، فينص الدستور الأردني على أن الإسلام هو دين الدولة، وتستند قوانين الأحوال الشخصية إلى الشريعة الإسلامية. كما أن المناسبات الدينية مثل رمضان وعيد الأضحى لها طابع رسمي وشعبي خاص، وتُعد من مظاهر الوحدة الوطنية.

التعليم الديني وانتشاره

يهتم الأردن بشكل ملحوظ بالتعليم الديني، حيث توجد كليات ومعاهد شرعية تُخرّج علماء وفقهاء في مجالات الشريعة. كما تُدرّس الثقافة الإسلامية في جميع المراحل التعليمية، مما يُرسّخ القيم الدينية في نفوس الأجيال منذ الصغر. وتُعقد الندوات والخطب والبرامج الدينية المنتظمة، سواء على مستوى المساجد أو عبر الإعلام الرسمي.

المؤسسات الدينية في الأردن

تُشرف وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية على إدارة المساجد وتنظيم شؤون الأئمة والخطباء، كما تقوم بإصدار الفتاوى وتوجيه الخطاب الديني. تضم الوزارة مؤسسات فرعية مثل دائرة الإفتاء العام، التي تُعد مرجعية دينية موثوقة للمواطنين. وتحرص الدولة على أن يكون الخطاب الديني وسطيًا ومعتدلًا، بعيدًا عن التطرف والتشدد.

الخاتمة

في ضوء هذه المعطيات، يُمكن القول إن الإسلام يُشكل العمود الفقري للحياة في الأردن، سواء من حيث التركيبة السكانية أو التأثير الثقافي والديني. ومع استمرار النمو السكاني، والتدفق البشري من دول الجوار، فإن نسبة المسلمين مرشحة للثبات وربما الزيادة الطفيفة في السنوات المقبلة. كما أن التفاعل بين الإسلام والمكونات الأخرى في المجتمع الأردني يظل نموذجًا يُحتذى به في التعايش والانفتاح.