عدد المسلمين في نيجيريا 

تُعتبر نيجيريا دولة فريدة في تنوعها الديني، حيث يُشكّل المسلمون جزءًا أساسيًا من النسيج السكاني والاجتماعي للبلاد. ومع كونها الدولة الأكبر في أفريقيا من حيث عدد السكان، فإن عدد المسلمين فيها يُعد من الأعلى على مستوى القارة، بل وحتى على مستوى العالم. يتوزع المسلمون في نيجيريا بين مناطق متعددة، وينتمون لمذاهب دينية متباينة، ويؤدون أدوارًا محورية في مختلف جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والتعليمية والدينية. هذا المقال يُسلط الضوء على العدد الحقيقي للمسلمين في نيجيريا حتى عام 2025، ويستعرض جوانب متنوعة حولهم بما في ذلك التوزيع الجغرافي، الخلفية المذهبية، التاريخ الديني، والتحديات والفرص المستقبلية.

عدد المسلمين في نيجيريا: تقديرات حديثة

تشير أحدث التقديرات السكانية حتى مايو 2025 إلى أن نسبة المسلمين في نيجيريا تتراوح بين 52% إلى 54% من إجمالي السكان الذين يُقدَّر عددهم بأكثر من 230 مليون نسمة. هذا يعني أن عدد المسلمين في البلاد يتجاوز 120 مليون نسمة، ما يجعل نيجيريا من أكثر دول العالم الإسلامي من حيث عدد السكان المسلمين، متفوقة على العديد من الدول العربية والإسلامية التقليدية.

خلفية تاريخية: متى دخل الإسلام إلى نيجيريا؟

دخل الإسلام إلى نيجيريا في وقت مبكر، يعود إلى القرن الحادي عشر الميلادي، عبر قوافل التجار والعلماء والدعاة من شمال أفريقيا. وكان لممالك الهوسا وفولاني تأثير كبير في نشر الإسلام، خصوصًا في شمال البلاد، حيث اعتُمد الدين الإسلامي دينًا رسميًا للحكم والتعليم والقضاء. ومنذ ذلك الحين، استمر الإسلام في الانتشار تدريجيًا حتى شمل مناطق الجنوب الغربي ومناطق في الوسط.

التوزيع الجغرافي للمسلمين

يتركز المسلمون بشكل رئيسي في شمال نيجيريا، خاصة في ولايات مثل كانو وكاتسينا وسوكوتو وباوتشي، حيث تُطبق الشريعة الإسلامية في العديد من تلك المناطق. كما توجد كثافة ملحوظة في الغرب، خاصة بين قبائل اليوروبا، مثل ولاية لاغوس وأوغن وأويو. وفي حين أن الجنوب يضم أقلية مسلمة، إلا أن هناك وجودًا معتبرًا في المدن الكبرى وفي الجاليات التجارية.

المذاهب والتيارات الدينية بين المسلمين

ينتمي غالبية المسلمين في نيجيريا إلى المذهب السني وتحديدًا إلى المدرسة المالكية، المنتشرة في غرب أفريقيا. إلى جانب ذلك، توجد طرق صوفية مؤثرة مثل الطريقة التيجانية والقادرية، اللتين تلعبان دورًا دينيًا وتعليميًا واسعًا في المجتمعات. وهناك أيضًا أقلية شيعية يُقدَّر عددها بمئات الآلاف، تتركز في بعض ولايات الشمال. كما توجد جماعات أحمدية تؤدي أنشطة دعوية وتعليمية وإن كانت محدودة الانتشار.

المؤسسات الإسلامية ودورها في المجتمع

تنتشر في نيجيريا آلاف المساجد والمدارس الدينية، التي تُعد مراكز رئيسية للتعليم الإسلامي وتحفيظ القرآن. وتُشرف العديد من الجمعيات الإسلامية على برامج توعية صحية وتعليمية واقتصادية، تسهم في دعم المجتمعات المحلية. كما تُقام مؤتمرات دينية بشكل دوري، تجمع العلماء والدعاة وتبحث في قضايا الأمة الإسلامية محليًا وعالميًا.

الإسلام والتعليم في نيجيريا

يلعب التعليم الإسلامي دورًا كبيرًا في الحياة الثقافية والدينية للمسلمين في نيجيريا. توجد مدارس قرآنية تقليدية، إلى جانب جامعات إسلامية حديثة مثل جامعة بايرو في كانو وجامعة المدينة العالمية. كما تشهد نيجيريا نشاطًا متزايدًا في تأليف وطباعة الكتب الدينية المحلية وتوزيعها في الأقاليم الريفية والحضرية.

تحديات تواجه المسلمين

يواجه المسلمون في نيجيريا عدة تحديات، من أبرزها النزاعات الطائفية في مناطق التماس الديني، والانقسامات الداخلية بين التيارات الإسلامية المختلفة. كما أن العوامل الاقتصادية مثل الفقر والبطالة تؤثر على بعض المجتمعات الإسلامية، خاصة في الشمال الشرقي. ولا يمكن تجاهل تأثير جماعات متطرفة كـ “بوكو حرام” التي أساءت لصورة الإسلام وسببت أزمات أمنية وإنسانية حادة.

دور المسلمين في الحياة السياسية

يُشارك المسلمون بفاعلية في الحياة السياسية النيجيرية، حيث تولى العديد من المسلمين رئاسة البلاد أو مناصب وزارية كبرى، وكان لهم تأثير واضح في صياغة السياسات العامة. وتُمثل النخب الدينية والسياسية الإسلامية جزءًا مهمًا في التوازن الوطني، خاصة في ظل النظام الفيدرالي الذي يمنح الولايات حرية تشريعية واسعة.

النمو السكاني وتوقعات المستقبل

مع استمرار معدل النمو السكاني المرتفع في نيجيريا، يُتوقع أن يزداد عدد المسلمين إلى أكثر من 150 مليون نسمة بحلول عام 2050، وهو ما يجعل من نيجيريا محورًا حيويًا في مستقبل العالم الإسلامي. هذا النمو يفتح الباب أمام فرص كبيرة، لكنه أيضًا يضع تحديات تتطلب إدارة حكيمة لتفادي النزاعات وتعزيز التعايش.

خاتمة: المسلمون في قلب نيجيريا

إن المسلمين في نيجيريا ليسوا مجرد جزء من السكان، بل هم قلب البلاد وروحها الثقافية والدينية. من الشمال إلى الغرب، ومن القرى إلى المدن الكبرى، يُشكّل المسلمون نسيجًا متماسكًا يعكس التنوع والغنى الحضاري. ورغم التحديات، فإن آفاق المستقبل تَعِدُ بدور أكبر وأكثر تأثيرًا للمسلمين في بناء مجتمع نيجيري قوي ومزدهر.