عدد سكان إسواتيني 

مملكة إسواتيني، التي كانت تُعرف سابقًا باسم سوازيلاند، تُعد من الدول الصغيرة من حيث المساحة وعدد السكان، لكنها تتمتع بتركيبة سكانية فريدة من نوعها وتاريخ ديموغرافي غني بالتحديات. ورغم صغر حجمها الجغرافي، فإن دراسة عدد سكانها وتحليل خصائصهم يُقدم صورة شاملة عن وضعها الاقتصادي والاجتماعي، كما يُساهم في فهم إمكانياتها المستقبلية على صعيد التنمية المستدامة. في هذا المقال، نُسلط الضوء على عدد سكان إسواتيني في عام 2025، مع عرض موسع لمعدل النمو السكاني، التركيبة العمرية، التوزيع الجغرافي، ومجموعة من العوامل المؤثرة الأخرى في تركيبتها الديموغرافية.

عدد سكان إسواتيني

بلغ عدد سكان إسواتيني حتى 26 مايو 2025 حوالي 1,254,746 نسمة، وفقًا لأحدث التقديرات العالمية. ويُعد هذا الرقم استمرارًا للاتجاه التصاعدي في عدد السكان، على الرغم من التحديات الصحية والاقتصادية التي تواجه البلاد. ويُشار إلى أن هذه الزيادة السكانية ناتجة عن نمو طبيعي مستمر، حيث تتفوق معدلات الولادة على معدلات الوفاة، وإن كان الفارق ليس كبيرًا مقارنة بدول إفريقية أخرى ذات معدلات نمو أعلى.

معدل النمو السكاني في إسواتيني

تُظهر المؤشرات الديموغرافية أن معدل النمو السكاني في إسواتيني يبلغ نحو 1.09% سنويًا في عام 2025، وهو معدل مستقر نسبيًا لكنه دون المتوسط الإقليمي في إفريقيا جنوب الصحراء. يُعزى هذا المعدل إلى عدد من العوامل، أبرزها انخفاض معدلات الخصوبة تدريجيًا مقارنة بالسنوات الماضية، إضافة إلى تحسن بسيط في خدمات الرعاية الصحية ما أدى إلى تقليص معدلات الوفيات، خاصة بين الأطفال.

التركيبة السكانية في إسواتيني: الجنس والعمر

يمتاز المجتمع الإسواتيني بتركيبة سكانية يغلب عليها الطابع الشبابي، إذ يُقدر متوسط العمر بحوالي 22 عامًا. ويُشكّل الذكور حوالي 49.1% من السكان، بينما تشكل الإناث 50.9%، وهو ما يعكس توازنًا مقبولًا بين الجنسين. أما بالنسبة للفئات العمرية، فإن النسبة الأكبر من السكان تقع ضمن فئة الشباب بين 15 و29 عامًا، ما يُمثل فرصة ديموغرافية يُمكن أن تدفع بالنمو الاقتصادي للبلاد في حال توفير فرص تعليم وعمل مناسبة.

التوزيع الجغرافي لسكان إسواتيني

يتوزع سكان إسواتيني بشكل متفاوت بين المدن والمناطق الريفية. يعيش نحو 25.1% من السكان في المناطق الحضرية مثل العاصمة الإدارية مبابان والعاصمة الاقتصادية مانزيني، في حين يقيم حوالي 74.9% في القرى والأرياف. هذا التوزيع يُظهر أن نمط الحياة في إسواتيني لا يزال يغلب عليه الطابع التقليدي، حيث تلعب الزراعة دورًا محوريًا في حياة السكان، وهو ما يُقلل من الضغط السكاني في المدن لكنه يُظهر محدودية فرص التطوير الحضري.

الكثافة السكانية في إسواتيني

مع مساحة لا تتجاوز 17,364 كيلومتر مربع، تُسجل إسواتيني كثافة سكانية تقدر بحوالي 72 نسمة لكل كيلومتر مربع. هذه الكثافة تُعد معتدلة بالمقارنة مع دول مجاورة مثل جنوب أفريقيا، ولكنها قد تُشكّل ضغطًا في المناطق التي تتركز فيها الخدمات والبنية التحتية مثل مانزيني. ويُتوقع أن تزداد هذه الكثافة مع مرور السنوات ما لم يتم وضع خطط استراتيجية لتوسيع المناطق الحضرية وتطوير الريف.

معدلات الولادة والوفيات في إسواتيني

يُسجل في إسواتيني حوالي 11,448 ولادة سنويًا، مقابل ما يقارب 3,819 حالة وفاة، ما يُنتج زيادة طبيعية تُقدر بـ 5,332 نسمة في السنة. وعلى الرغم من انخفاض معدل وفيات الأطفال مقارنة بالعقود الماضية، إلا أن البلاد لا تزال تُعاني من تحديات صحية خطيرة، خاصة في ما يتعلق بالأمراض المزمنة وسوء التغذية في بعض المناطق الريفية. ولا تزال معدلات وفيات الرضع مرتفعة نسبيًا حيث تصل إلى 36.5 وفاة لكل 1000 ولادة حية.

الهجرة الداخلية والخارجية

تشهد إسواتيني حركة هجرة خارجية معتدلة، حيث يسافر العديد من الشباب بحثًا عن فرص عمل في الدول المجاورة، خاصة جنوب أفريقيا. هذا التوجه يُقلل من معدل الزيادة السكانية الصافية. أما داخليًا، فثمة حركة انتقال من الأرياف نحو المدن، بحثًا عن التعليم والخدمات، ما يُحدث ضغطًا إضافيًا على المدن الرئيسية. هذه الهجرات تؤثر بشكل مباشر على التوزيع السكاني وعلى احتياجات الدولة من الخدمات والبنى التحتية.

المؤثرات الاجتماعية على السكان في إسواتيني

العوامل الاجتماعية، مثل التعليم، الثقافة التقليدية، والعادات القبلية، تُشكل جزءًا أساسيًا في تشكيل سلوك السكان. رغم الجهود الحكومية في دعم التعليم الابتدائي والثانوي، إلا أن الفقر والتمييز الاجتماعي لا يزالان يُعيقان تطور شريحة كبيرة من السكان. كما أن الزواج المبكر في بعض المناطق يؤثر على دور المرأة في الحياة العامة ويُسهم في زيادة عدد السكان بشكل غير مدروس.

إسواتيني والصحة العامة

تُعد إسواتيني من الدول التي تُعاني من أعلى معدلات الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية (HIV) في العالم، وهو عامل يؤثر على متوسط العمر المتوقع وعلى خصائص السكان الصحية. على الرغم من تحسن نسبي في الوصول إلى العلاج، إلا أن المرض لا يزال يُشكل تحديًا أمام استقرار التركيبة السكانية على المدى الطويل. كما أن تفشي الأمراض المعدية ونقص الغذاء في بعض المناطق يضعف مناعة الفئات العمرية الشابة.

خاتمة

رغم صغر حجمها الجغرافي، تُعد إسواتيني نموذجًا ديموغرافيًا غنيًا بالدروس والتحديات. فعدد السكان المتزايد والتركيبة العمرية الشابة يمثلان فرصة نادرة لتحقيق طفرة تنموية، إلا أن هذه الفرصة مهددة بعدة عوامل أبرزها الصحة العامة، الهجرة، وتفاوت التنمية بين المدن والريف. إن الاستثمار في التعليم، الرعاية الصحية، والبنية التحتية يُعد ضرورة مُلحة لتوجيه هذا النمو السكاني نحو مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا.