عدد سكان بوروندي

تُعد جمهورية بوروندي من الدول الإفريقية الصغيرة مساحةً، لكنها تتميز بعدد سكان متزايد باستمرار، ما يجعلها نقطة تركيز مهمة في الدراسات السكانية والتنموية داخل القارة. تقع بوروندي في قلب منطقة البحيرات العظمى بإفريقيا، وتتمتع بجغرافيا غنية وطبيعة جبلية جميلة، لكنها تُعاني في الوقت ذاته من تحديات اقتصادية كبيرة وانعدام الموارد، وهو ما يضاعف أثر النمو السكاني السريع. في هذا المقال، نرصد عدد سكان بوروندي وفق أحدث الإحصائيات لعام 2025، ونتناول تفاصيل التوزيع الديموغرافي، والهيكل العمري، والكثافة السكانية، بالإضافة إلى العوامل المؤثرة في هذا النمو.

التعداد السكاني الحالي في بوروندي

تشير أحدث البيانات السكانية إلى أن عدد سكان بوروندي في عام 2025 قد بلغ نحو 14.39 مليون نسمة، أي بزيادة تفوق 700 ألف نسمة مقارنة بعام 2023. هذه الزيادة تأتي في إطار معدل نمو سكاني سنوي يقدَّر بحوالي 2.44%، وهو من أعلى المعدلات في إفريقيا. ما يميز هذا النمو أنه لا يقابله نمو اقتصادي مماثل، ما يُشكل ضغطًا على البنية التحتية والخدمات العامة.

الكثافة السكانية وتوزيع السكان

تُعد بوروندي من أكثر دول إفريقيا كثافة سكانية، حيث تصل الكثافة إلى ما يقارب 560 نسمة لكل كيلومتر مربع. هذه الكثافة ترتفع في المناطق الوسطى والغربية حيث المدن الكبرى مثل بوجمبورا وجيتيغا. الغالبية الساحقة من السكان – حوالي 85% – يعيشون في المناطق الريفية ويعتمدون على الزراعة التقليدية كمصدر رئيسي للدخل، وهو ما يُعزز نمط الحياة البسيطة لكنه في الوقت ذاته يفاقم من مشاكل الفقر وقلة الموارد.

التركيبة العمرية للسكان

واحدة من أبرز سمات سكان بوروندي هي فئة الشباب الواسعة، إذ يبلغ متوسط أعمار السكان نحو 16.4 سنة، مما يعني أن أكثر من نصف السكان دون سن الثامنة عشرة. هذه التركيبة تُعد سلاحًا ذا حدين؛ من جهة تمثل قوة بشرية هائلة يمكن توظيفها في التنمية، ومن جهة أخرى تُمثل عبئًا كبيرًا على النظام التعليمي والصحي الذي يعاني أصلاً من ضعف التمويل.

معدل الخصوبة والوفيات

يبلغ معدل الخصوبة في بوروندي حوالي 4.7 طفل لكل امرأة، وهو رقم مرتفع ويُعزى إلى الثقافة السائدة التي تُشجع على الإنجاب، بالإضافة إلى ضعف التوعية بوسائل تنظيم الأسرة. في المقابل، تُسجل البلاد انخفاضًا نسبيًا في معدل وفيات الرضع مقارنة بالسنوات السابقة، حيث يبلغ المعدل الحالي نحو 34.4 وفاة لكل 1000 ولادة حية، ما يُعد تقدمًا نسبيًا لكنه لا يزال مرتفعًا مقارنة بالمعايير العالمية.

التوزيع الديني واللغوي

من الناحية الدينية، تشكل المسيحية الديانة الأوسع انتشارًا، إذ يُشكل الكاثوليك حوالي 62.1% من السكان، تليهم الطوائف البروتستانتية بنسبة 23.9%. كما يُوجد أقلية مسلمة تُشكل نحو 2.5%. أما من حيث اللغة، فاللغة الكيروندية تُعتبر اللغة الرسمية والشعبية الأولى، بينما تُستخدم الفرنسية والإنجليزية في التعليم والمجالات الرسمية.

الهجرة الداخلية والخارجية في بوروندي

الهجرة الداخلية تُعد من الظواهر الملحوظة في بوروندي، حيث ينتقل السكان من المناطق الريفية إلى المدن الكبرى بحثًا عن فرص عمل وخدمات صحية وتعليمية أفضل. أما على المستوى الخارجي، فقد أدت النزاعات السياسية والمشاكل الاقتصادية إلى هجرة عدد كبير من المواطنين إلى دول الجوار أو إلى أوروبا، لا سيما خلال العقدين الأخيرين.

تأثير النزاعات على التركيبة السكانية

شهدت بوروندي صراعات سياسية وعرقية أثرت بشكل مباشر على النمو السكاني والاستقرار الداخلي. هذه النزاعات دفعت آلاف الأشخاص إلى اللجوء والنزوح، ما تسبب في تقلبات واضحة في التوزيع السكاني، وأثرت أيضًا على معدلات الإنجاب والتعليم وفرص العمل، خاصة في المناطق المتأثرة بالنزاع.

التحديات والفرص المستقبلية

رغم كل هذه التحديات، فإن مستقبل بوروندي السكاني يحمل بين طياته العديد من الفرص. فالشريحة الشابة تمثل طاقة بشرية ضخمة يمكن استثمارها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، إذا ما توفرت السياسات اللازمة. تحتاج الدولة إلى تكثيف الاستثمار في التعليم، وتمكين المرأة، وتوسيع الخدمات الصحية، وتفعيل برامج تنظيم الأسرة لضمان التوازن بين النمو السكاني والتنمية المستدامة.