عدد سكان تشاد

تُعتبر دولة تشاد واحدة من أكثر الدول الأفريقية تنوعًا من حيث الأعراق واللغات، وتتميّز بتركيبة سكانية متغيرة بوتيرة سريعة بفعل النمو الطبيعي المرتفع. هذا التنوع السكاني والجغرافي ينعكس بشكل مباشر على التحديات التنموية والاقتصادية التي تواجهها البلاد، خاصة في ظل محدودية البنية التحتية وضعف الخدمات الأساسية في بعض المناطق. في هذا المقال، نسلّط الضوء على عدد سكان تشاد لعام 2025، ونستعرض توزيعهم الجغرافي والديموغرافي، بالإضافة إلى التحديات والفرص المرتبطة بهذا النمو.

النمو السكاني في تشاد

تشاد تُعد من بين الدول التي تشهد نموًا سكانيًا متسارعًا خلال السنوات الأخيرة. يعود هذا النمو المرتفع إلى عدة عوامل، من أبرزها ارتفاع معدل الخصوبة، حيث لا تزال معظم الأسر تنجب عددًا كبيرًا من الأطفال، إلى جانب انخفاض معدلات الهجرة الخارجية مقارنة بالدول الأخرى. كما أن تحسّن بعض الخدمات الصحية في المناطق الحضرية ساهم في خفض معدل الوفيات، خاصة بين الأطفال حديثي الولادة، ما يعزّز استمرار هذا النمو السكاني بمعدلات سنوية تفوق 3%.

تعداد السكان في تشاد لعام 2025

بحسب أحدث البيانات السكانية المحدثة حتى مايو 2025، يُقدّر عدد سكان تشاد بنحو 21,003,705 نسمة. وتُشير الاتجاهات إلى أن هذه الزيادة مستمرة بوتيرة ثابتة، حيث يزداد عدد السكان بمعدل يقارب 1,500 نسمة يوميًا، وهو ما يُترجم إلى ما يقارب 550,000 نسمة سنويًا. هذه الأرقام تضع تشاد ضمن قائمة الدول الأفريقية الأعلى نموًا من حيث عدد السكان، وتُلزم الحكومة بالتخطيط بعيد المدى لتوفير الاحتياجات الأساسية من تعليم وصحة ومياه صالحة للشرب.

الكثافة السكانية والتوزيع الجغرافي

رغم الزيادة السكانية المتواصلة، تبقى الكثافة السكانية في تشاد منخفضة على المستوى الوطني، حيث لا تتجاوز 17 شخصًا لكل كيلومتر مربع، وهي نسبة منخفضة تعود إلى المساحة الشاسعة التي تُغطيها الصحارى والمناطق غير الصالحة للسكن في الشمال. في المقابل، تتركز الكثافة السكانية في الجنوب، خاصة حول نهر شاري والعاصمة نجامينا، حيث تتوافر المياه والأراضي الزراعية والفرص الاقتصادية المحدودة نسبيًا.

التركيبة السكانية

تشاد دولة فتية بطبيعتها السكانية، إذ تُقدّر نسبة من هم دون سن الخامسة عشرة بنحو 46% من مجموع السكان، ما يُشير إلى عبء ديموغرافي مستقبلي على مؤسسات التعليم والرعاية الصحية. أما الفئة المنتجة (من 15 حتى 64 عامًا) فتُشكل حوالي 52%، وهي الفئة التي يُعوّل عليها في دعم الاقتصاد الوطني في حال توفير التدريب والفرص المناسبة. بينما تشكّل الفئة العمرية فوق 65 عامًا نسبة صغيرة لا تتعدى 2% من السكان، وهي نسبة تعكس ضعف متوسط العمر المتوقع في البلاد.

التنوع العرقي واللغوي

يُشكّل التنوع الإثني والثقافي سمة بارزة في التكوين السكاني لدولة تشاد، حيث تضم أكثر من 200 مجموعة عرقية وقومية، لكل منها لغتها وعاداتها وتقاليدها. من أبرز المجموعات السكانية: السارا في الجنوب، الزغاوة في الشرق، والعرب في الوسط والشمال. أما من الناحية اللغوية، فإلى جانب اللغتين الرسميتين الفرنسية والعربية، تُستخدم لغات محلية عديدة مثل الكانوري، التوبو، والسارا، مما يخلق تحديًا كبيرًا في قطاع التعليم وتوحيد الخطاب الوطني.

الاقتصاد وتأثير السكان

الهيكل السكاني لتشاد له تأثير مباشر على اقتصادها. فالنسبة الكبيرة من السكان الشباب تضع ضغطًا على سوق العمل، في ظل ضعف النمو الاقتصادي ومحدودية الفرص المتاحة. كما أن نسبة كبيرة من السكان تعمل في الزراعة التقليدية والرعي، وهي قطاعات تتأثر بالتقلبات المناخية والجفاف. ومن جهة أخرى، فإن تزايد عدد السكان يُمثل فرصة لزيادة السوق الداخلية، خاصة إذا ما تم الاستثمار في التعليم والبنية التحتية بما يعزز القدرة الإنتاجية لهذه الفئة النشطة من السكان.

التحديات المرتبطة بالنمو السكاني

تشاد تواجه تحديات كبيرة مرتبطة بالنمو السكاني السريع، أبرزها ضعف التخطيط الحضري، انتشار العشوائيات، نقص الخدمات الصحية والتعليمية، وصعوبة إيصال الخدمات إلى المناطق الريفية والنائية. كما يُعد سوء التغذية من أبرز المشكلات الصحية التي تؤثر على الأطفال، ما يؤدي إلى ارتفاع معدلات وفيات الأطفال دون سن الخامسة. إضافة إلى ذلك، يُشكّل النزوح الداخلي الناتج عن النزاعات أو الجفاف مشكلة متفاقمة تؤثر على توزيع السكان وضغط الخدمات.

فرص النمو والتنمية

رغم التحديات، فإن تشاد تمتلك فرصًا حقيقية للنمو من خلال استثمار مواردها البشرية الغنية. إن وجود نسبة كبيرة من الشباب يُعد فرصة ذهبية للتحول الاقتصادي إذا ما تم توجيههم نحو التعليم المهني والتقني، وتوفير بيئة أعمال داعمة للمبادرات الصغيرة. كما يمكن استغلال التنوع الثقافي لبناء مجتمع متماسك يُسهم في تعزيز الوحدة الوطنية والتنمية المستدامة. ومن خلال التعاون الإقليمي والدولي، يمكن لتشاد جذب الاستثمارات التي تُسهم في خلق فرص عمل وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين.