عدد سكان تنزانيا

تُعدّ تنزانيا من أبرز الدول الإفريقية التي تشهد تحولًا ديموغرافيًا متسارعًا، حيث تعكس الإحصائيات الحديثة نموًا سكانيًا مطردًا وتوسعًا حضريًا متسارعًا. هذا النمو السكاني لا يقتصر فقط على الزيادة العددية، بل يطال أيضًا التغيرات في الهيكل العمري وتوزيع السكان بين الأرياف والمدن. وتُعدّ دراسة عدد السكان في تنزانيا من المؤشرات الأساسية لفهم اتجاهات التنمية والتحديات المستقبلية التي تواجه الدولة في قطاعات مثل التعليم والصحة والبنية التحتية. في هذا المقال، نرصد بدقة أحدث الأرقام والتحليلات حول عدد سكان تنزانيا، ونسلط الضوء على التركيبة السكانية، والنمو الحضري، ومؤشرات التوزيع الجغرافي والديموغرافي.

عدد السكان في تنزانيا

وفقًا لأحدث البيانات الرسمية لعام 2025، يُقدّر عدد سكان تنزانيا بحوالي 70.3 مليون نسمة، وهو رقم يعكس زيادة سكانية كبيرة مقارنة بالأعوام السابقة. هذا الرقم يجعل من تنزانيا واحدة من أكثر الدول الإفريقية سكانًا، حيث تأتي بعد نيجيريا وإثيوبيا ومصر. النمو السريع في عدد السكان يعكس مزيجًا من ارتفاع معدلات الولادة، وانخفاض معدلات الوفيات، وتحسّن الخدمات الصحية، ما ساهم في تعزيز الزيادة الطبيعية للسكان. كما يُتوقّع أن يصل عدد السكان إلى أكثر من 85 مليونًا بحلول عام 2035 إذا استمرت معدلات النمو الحالية، ما يشكل ضغطًا إضافيًا على الموارد والخدمات العامة.

النمو السكاني في تنزانيا

تبلغ نسبة النمو السكاني السنوي في تنزانيا حوالي 2.85%، وهي من أعلى النسب على مستوى القارة الإفريقية. يعود هذا النمو بشكل أساسي إلى معدل خصوبة مرتفع يبلغ نحو 4.8 أطفال لكل امرأة، وهو مؤشر يعكس الطابع الشاب للمجتمع التنزاني. إضافة إلى ذلك، فإن انخفاض معدلات وفيات الأطفال وتحسّن الرعاية الصحية ساهم في ارتفاع متوسط العمر المتوقع، الذي يبلغ حاليًا حوالي 66 عامًا. ومن الملاحظ أن النمو السكاني لا يسير بالتوازن ذاته في جميع المناطق، حيث تزداد وتيرته بشكل ملحوظ في المدن الكبرى على حساب المناطق الريفية.

الكثافة السكانية والتوزيع الجغرافي

الكثافة السكانية في تنزانيا تُقدّر بنحو 80 نسمة لكل كيلومتر مربع، مع تفاوت كبير في التوزيع بين الأقاليم. تُعتبر العاصمة التجارية دار السلام من أكثر المناطق ازدحامًا، حيث يعيش فيها ملايين السكان ويُقدّر عدد سكانها بأكثر من 6 ملايين نسمة. في المقابل، هناك مناطق واسعة في تنزانيا ما تزال منخفضة الكثافة مثل الأقاليم الجنوبية والغربية. يؤثر هذا التفاوت في التوزيع السكاني على مدى فاعلية الخدمات الحكومية ومدى الوصول إليها، مما يدفع الحكومة إلى تطوير خطط للتنمية الإقليمية المتوازنة.

التركيبة السكانية حسب العمر والجنس

المجتمع التنزاني يتميز بتركيبة سكانية شابة للغاية، إذ يُشكّل الأفراد الذين تقل أعمارهم عن 15 عامًا حوالي 43% من إجمالي السكان. هذه النسبة العالية تعكس تحديًا كبيرًا للدولة في مجال التعليم، إذ تحتاج إلى استيعاب ملايين الأطفال في المدارس. أما الفئة العمرية من 15 إلى 64 عامًا، والتي تُشكّل القوى العاملة، فتُمثّل قرابة 54% من السكان، فيما لا تتجاوز نسبة كبار السن (65 عامًا فما فوق) 3%. وعلى مستوى التوزيع بين الجنسين، فإن النسبة شبه متعادلة، مع تفوق طفيف لعدد الإناث على الذكور.

التحضر والهجرة الداخلية

تعيش تنزانيا مرحلة تحول من مجتمع ريفي إلى مجتمع أكثر تحضرًا، حيث تشير الإحصائيات إلى أن نحو 40% من السكان يعيشون حاليًا في المدن. وتُعدّ مدينة دار السلام المركز الحضري الأبرز، تليها مدن مثل موانزا وأروشا. تدفع الهجرة الداخلية المستمرة من الأرياف إلى المدن إلى زيادة الضغط على الخدمات والبنية التحتية في المناطق الحضرية. وقد بدأت الحكومة التنزانية في تنفيذ مشاريع لتطوير المدن المتوسطة وتشجيع الاستثمارات في المناطق الريفية للحد من ظاهرة التمدد الحضري العشوائي.

التحديات التي تواجهها تنزانيا بسبب النمو السكاني

النمو السكاني السريع في تنزانيا يُمثّل تحديًا حقيقيًا في عدة قطاعات حيوية، أبرزها قطاع التعليم، حيث لا تزال نسبة كبيرة من الأطفال خارج النظام التعليمي، كما تعاني المدارس من الاكتظاظ ونقص المعلمين. وفي القطاع الصحي، يواجه النظام ضغطًا متزايدًا لتوفير الرعاية الصحية الأساسية لملايين السكان، خصوصًا في المناطق النائية. كما أن البطالة بين الشباب تشكل تحديًا كبيرًا، وتتطلب استراتيجيات فعالة لتوليد فرص عمل جديدة عبر الاستثمار في القطاعات الإنتاجية مثل الزراعة والصناعة والخدمات.

الفرص الديموغرافية في تنزانيا

رغم التحديات، فإن التركيبة السكانية الشابة في تنزانيا تشكّل فرصة ديموغرافية هائلة إذا ما تم توظيفها بالشكل الصحيح. فوجود نسبة كبيرة من السكان في سن العمل يعني إمكانيات هائلة للنمو الاقتصادي إذا تم تزويدهم بالتعليم والتدريب والمهارات المطلوبة. لذلك تسعى الحكومة إلى الاستثمار في برامج تمكين الشباب، والتعليم التقني، وريادة الأعمال، وذلك ضمن رؤية تنموية تهدف إلى تحويل التحدي السكاني إلى محرك للنمو الاقتصادي والاجتماعي.