عدد سكان جزر المالديف

تُعد جزر المالديف من أكثر الدول الجزرية تميزًا في العالم، فهي ليست مجرد وجهة سياحية حالمة بشواطئها البيضاء ومياهها الفيروزية، بل هي دولة ذات طابع ديموغرافي خاص يعكس طبيعتها الجغرافية والتاريخية. ومع اقتراب عام 2025، يزداد الاهتمام بفهم البنية السكانية لهذه الدولة الصغيرة المنتشرة على شكل أرخبيل، في ظل التحديات البيئية والاجتماعية التي تواجهها. يهدف هذا المقال إلى تقديم نظرة شاملة على عدد سكان جزر المالديف، مع تحليل دقيق للتوزيع الجغرافي والعُمري والجندري للسكان، إلى جانب استعراض مؤشرات النمو والتحضر والهجرة والتغيرات المستقبلية المتوقعة.

عدد سكان جزر المالديف

تشير أحدث التقديرات السكانية حتى منتصف عام 2025 إلى أن عدد سكان جزر المالديف بلغ نحو 529,676 نسمة. يُعتبر هذا الرقم دليلاً على استقرار النمو السكاني في الدولة مقارنة بالسنوات السابقة. ففي عام 2024، كان عدد السكان 527,799 نسمة، مما يعني تسجيل زيادة سنوية بسيطة تُقدّر بنسبة 0.36%. رغم أن هذه النسبة تبدو متواضعة، إلا أنها تعكس استقرارًا سكانيًا نادرًا في منطقة تتعرض لضغوط اقتصادية ومناخية.

المساحة والكثافة السكانية في جزر المالديف

تمتد جزر المالديف على مساحة بحرية شاسعة، إلا أن المساحة اليابسة التي يسكنها السكان لا تتجاوز 298 كيلومترًا مربعًا، مما يجعل الكثافة السكانية مرتفعة جدًا وتبلغ نحو 1,776 نسمة لكل كيلومتر مربع. هذه الكثافة تُعد من بين الأعلى عالميًا، وهو ما يفرض تحديات حضرية وبيئية هائلة على الدولة، خاصة في ما يتعلق بتوفير الخدمات والبنية التحتية في ظل محدودية المساحة.

التوزيع الجغرافي للسكان عبر الجزر

يتوزع سكان المالديف عبر حوالي 200 جزيرة مأهولة فقط من أصل أكثر من 1,100 جزيرة تُشكّل الأرخبيل، وتُعد العاصمة ماليه أكثر المدن اكتظاظًا بالسكان، حيث تُقدّر كثافتها بأكثر من 23,000 نسمة في الكيلومتر المربع الواحد. هذا التركّز في العاصمة يؤدي إلى تكدس سكاني واضح، بينما تبقى بعض الجزر الريفية ذات كثافة منخفضة وتفتقر إلى الخدمات الأساسية، مما يشجع على الهجرة الداخلية.

التركيبة العمرية للسكان في المالديف

السكان في جزر المالديف يغلب عليهم الطابع الشبابي، حيث تُظهر الإحصائيات أن أغلب السكان تتراوح أعمارهم بين 18 و40 عامًا، مما يعكس قاعدة ديموغرافية نشطة وقادرة على العمل. الفئة العمرية الأكبر حاليًا تتركز حول سن 32 و33 عامًا، وهو ما يشير إلى تركيبة سكانية قادرة على دفع عجلة الاقتصاد الوطني، إذا ما تم استثمارها بالشكل الأمثل في قطاعات التعليم والتدريب والعمل.

عدد الذكور والإناث في المالديف

تشير الأرقام إلى وجود تفاوت ملحوظ بين عدد الذكور والإناث. فعدد الذكور يبلغ نحو 327,000، مقابل 203,000 إناث، ويُعزى هذا الاختلال إلى أسباب اقتصادية واجتماعية، من بينها الهجرة المرتبطة بالعمل والتي تستقطب الذكور أكثر من الإناث، إلى جانب طبيعة سوق العمل في البلاد التي تعتمد على الذكور في القطاعات الخدمية والسياحية والبناء.

الهجرة الخارجية وتأثيرها السكاني

تشهد جزر المالديف هجرة خارجية ملحوظة، خصوصًا بين فئة الشباب الباحثين عن فرص تعليم أو عمل في دول مجاورة مثل الهند وسريلانكا والإمارات. وقد سجلت الدولة صافي هجرة سلبي يُقدّر بحوالي -2,283 نسمة في عام 2025. هذه الظاهرة تؤثر على سوق العمل المحلي وتُقلل من عدد السكان الفعليين القادرين على المساهمة في التنمية، وتدفع الدولة إلى استقدام عمالة أجنبية لتعويض النقص.

نمو السكان وأثره على البيئة والبنية التحتية

رغم أن النمو السكاني بطيء نسبيًا، إلا أن تأثيره على البيئة والجغرافيا في المالديف يُعتبر كبيرًا نظرًا لصغر المساحة وتنوع الجزر. زيادة عدد السكان في العاصمة وضواحيها يضع ضغطًا هائلًا على البنية التحتية، ويؤدي إلى مشاكل في الإسكان والصرف الصحي والنقل، إلى جانب تأثير سلبي محتمل على النظم البيئية البحرية التي تُعد شديدة الحساسية.

معدلات الخصوبة والوفيات

تشير البيانات إلى انخفاض واضح في معدل الخصوبة، حيث يُقدّر بـ 1.55 طفل لكل امرأة في 2025، وهو أقل بكثير من معدل الاستبدال السكاني الطبيعي البالغ 2.1. أما معدل الوفيات فيُعد منخفضًا، ويبلغ نحو 2.85 حالة وفاة لكل 1,000 نسمة، مما يعكس تحسن مستوى الرعاية الصحية. متوسط العمر المتوقع للمواطن المالديفي يبلغ حاليًا نحو 81.5 عامًا، وهو من أعلى المعدلات في آسيا الجنوبية.

التحضر وزيادة السكان في المدن

شهدت المالديف في العقد الأخير تحولًا ملحوظًا نحو التحضر، حيث يعيش الآن أكثر من 39.6% من السكان في المناطق الحضرية، وعلى رأسها العاصمة ماليه. هذا التحضر السريع يعكس رغبة السكان في الاستفادة من الخدمات التعليمية والطبية والوظيفية المتاحة في المدن. لكنه في المقابل، يخلق تحديات في إدارة النمو الحضري وتوفير الإسكان الكافي والنقل العام والصرف الصحي والمياه النظيفة.

تأثير التغير المناخي على السكان

واحدة من أكبر التهديدات المستقبلية التي تواجه سكان جزر المالديف هي التغير المناخي، خاصةً في ظل ارتفاع منسوب مياه البحر. إذ تُعد البلاد من أكثر الدول تعرضًا لخطر الغرق بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر. هذا التهديد قد يؤدي إلى تهجير سكان بعض الجزر، ويجعل من الضروري وضع خطط سكانية طويلة الأمد تعتمد على التكيف المناخي وإعادة توزيع السكان.

الرؤية المستقبلية للتنمية السكانية

تسعى حكومة المالديف إلى تبني سياسات سكانية متوازنة تضمن استقرار السكان وتنمية الموارد البشرية. يشمل ذلك تحسين جودة التعليم والصحة، وتشجيع الاستثمار في الجزر الأقل كثافة، والحد من الهجرة الداخلية والخارجية، وتحقيق التوازن بين الجنسين في فرص العمل. كما تُعد برامج التدريب المهني والدعم الاقتصادي أدوات رئيسية في هذه الاستراتيجية، بما يساهم في تعزيز استقرار البلاد على المستويين الاجتماعي والاقتصادي.