فوائد وأضرار السكر

يُعتبر السكر من أكثر المكونات استخدامًا في الأنظمة الغذائية حول العالم، فهو يدخل في عدد لا يُحصى من الأطعمة والمشروبات، سواء في شكله الطبيعي أو المصنع. وعلى الرغم من شعبيته الكبيرة، فإن الجدل لا يزال قائمًا حول مدى تأثيره على صحة الإنسان. ففي حين يرى البعض أن السكر ضروري لتوفير الطاقة، يُحذر آخرون من أضراره الجسيمة إذا ما تم الإفراط في استهلاكه. نستعرض في هذا المقال الشامل الفوائد المحتملة للسكر إلى جانب الأضرار الصحية المرتبطة به، مع تسليط الضوء على القيم الغذائية، الفرق بين أنواعه، والطرق الفعالة لتقليل استهلاكه.

القيمة الغذائية للسكر الأبيض

يتكوَّن السكر الأبيض من السكروز، وهو نوع من الكربوهيدرات البسيطة التي تُهضم سريعًا وتُمتص في الدم على شكل جلوكوز وفركتوز. تحتوي ملعقة صغيرة (حوالي 4 جرامات) من السكر الأبيض على نحو 16 سعرة حرارية، دون أي عناصر غذائية أخرى كالفيتامينات أو المعادن أو الألياف. السكر يُعد “سعرات حرارية فارغة”، أي أنه يُمد الجسم بالطاقة دون فوائد غذائية إضافية. وهذا ما يجعله مصدرًا مثيرًا للقلق عند الحديث عن التغذية الصحية المتوازنة.

فوائد السكر في تحسين المزاج والطاقة

يُحفز السكر الجهاز العصبي المركزي ويُسهم في رفع مستويات الطاقة في الجسم خلال فترة قصيرة. فعند تناوله، يزداد إفراز الإنسولين الذي يساعد الخلايا على امتصاص الجلوكوز من الدم، مما يؤدي إلى إحساس فوري بالنشاط. كما يُساعد السكر في إفراز السيروتونين والدوبامين، وهما ناقلان عصبيان مسؤولان عن الإحساس بالسعادة. لهذا السبب، يُلاحظ أن العديد من الأشخاص يلجأون إلى الحلويات لتحسين المزاج أو مواجهة التوتر. إلا أن هذا التأثير مؤقت وقد يتبعه انخفاض حاد في الطاقة يُعرف بـ”الانهيار السكري”.

دور السكر في تحسين طعم الأطعمة والمشروبات

من الناحية الصناعية، يُستخدم السكر في صناعة الأغذية ليس فقط للتحلية، بل أيضًا لتحسين القوام والمظهر. فهو يُسهم في تفاعلات كيميائية مسؤولة عن اللون البني في المخبوزات (مثل الكراملة)، كما يساعد في تثبيت النكهات الأخرى وتوازن الطعم الحامض أو المُر. ويُستخدم أيضًا كعامل حفظ في المربيات والمعلبات، إذ يُخفض من نشاط الماء ويمنع نمو البكتيريا الضارة، ما يُطيل عمر المنتجات.

أضرار الإفراط في تناول السكر على الصحة العامة

الإفراط في تناول السكر يُعد من أبرز مسببات المشاكل الصحية المزمنة. فارتفاع استهلاك السكر يرتبط بزيادة معدلات السمنة، حيث يُخزن الجسم الطاقة الزائدة على شكل دهون. كما يُؤدي إلى مقاومة الإنسولين، وهي خطوة أولى نحو الإصابة بداء السكري من النوع الثاني. وتشير دراسات متعددة إلى أن السكر يُسهم أيضًا في ارتفاع ضغط الدم وزيادة نسب الكوليسترول الضار، مما يزيد من خطر أمراض القلب. كما يُضعف السكر جهاز المناعة ويزيد من فرص الإصابة بالتهابات مزمنة.

الكمية الموصى بها من السكر يوميًا

توصي منظمة الصحة العالمية بأن لا تتجاوز كمية السكر المضاف في اليوم 10% من إجمالي السعرات الحرارية، ويفضل تقليلها إلى 5% لتحقيق أقصى استفادة صحية. بالنسبة للبالغين، هذا يعادل نحو 25 جرامًا فقط (حوالي 6 ملاعق صغيرة). ومن المهم الانتباه إلى أن السكر المضاف لا يوجد فقط في الحلويات، بل أيضًا في الصلصات، واللبن المُنكه، والمشروبات الغازية، وحتى بعض أنواع الخبز، مما يجعل التحكم في الكمية أمرًا بالغ الأهمية.

الفرق بين السكر الأبيض والسكر البني

يُستخرج كلا النوعين من نفس المصدر (قصب السكر أو الشمندر)، لكن الفرق يكمن في درجة المعالجة ومحتوى دبس السكر. السكر البني يحتوي على نسبة أعلى من الرطوبة والدبس، مما يُضفي عليه نكهة كاراميلية ومظهرًا أكثر رطوبة. ورغم أن البعض يعتقد أنه أكثر فائدة من الأبيض، إلا أن الفارق الغذائي بينهما محدود للغاية. فالسعرات الحرارية متقاربة، والمحتوى المعدني في السكر البني لا يُعد ذا تأثير كبير على الصحة.

استراتيجيات تقليل استهلاك السكر في النظام الغذائي

للحد من أضرار السكر، يُفضل اعتماد سلوكيات غذائية ذكية، مثل:

  • تقليل استهلاك المشروبات المحلاة، واستبدالها بالماء أو الشاي غير المُحلى.
  • الاعتماد على الفواكه الطازجة كمصدر طبيعي للسكر بدلًا من الحلويات المصنعة.
  • إعداد الوجبات في المنزل بدلًا من الأطعمة الجاهزة التي غالبًا ما تحتوي على سكريات خفية.
  • قراءة الملصقات بعناية لاكتشاف كميات السكر في المنتجات المختلفة.
  • استخدام المحليات البديلة مثل الستيفيا أو الإريثريتول باعتدال.

تأثير السكر على صحة الأسنان

يُعد السكر من العوامل الرئيسية في تسوس الأسنان، إذ يُغذي البكتيريا الموجودة في الفم، مما يؤدي إلى إنتاج أحماض تُضعف مينا الأسنان وتُحدث تجاويف. ولهذا السبب، يُوصى بتقليل تناول السكريات، وتنظيف الأسنان بعد تناول الحلويات، ومضغ العلكة الخالية من السكر لتحفيز إنتاج اللعاب.

أثر السكر على التوازن الهرموني

تشير الأبحاث إلى أن الإفراط في تناول السكر يُمكن أن يُحدث خللًا في التوازن الهرموني، خاصةً لدى النساء. فالسكر يزيد من إنتاج الإنسولين، مما يُؤثر بدوره على هرمونات مثل الإستروجين والبروجستيرون، وقد يُفاقم أعراض متلازمة تكيس المبايض (PCOS). كما أن تقلبات السكر في الدم تُؤثر على إفراز الكورتيزول، هرمون التوتر، مما يؤدي إلى اضطرابات في النوم والمزاج.

فوائد وأضرار السكر للأطفال

يُعَدّ السكر عنصرًا شائعًا في تغذية الأطفال، لكنه يُثير مخاوف كثيرة تتعلق بصحتهم وسلوكهم. فعلى الرغم من أن السكر يمنح الأطفال طاقة سريعة تساعدهم على النشاط، إلا أن الإفراط في تناوله قد يؤدي إلى فرط الحركة، تقلب المزاج، وضعف الانتباه. كما يُعد أحد الأسباب الرئيسية لانتشار تسوس الأسنان والسمنة بين الأطفال، مما يُشكل تهديدًا طويل الأمد لصحتهم.

تأثير السكر على جودة النوم

ربطت دراسات متعددة بين تناول السكر واضطرابات النوم. فالأطعمة السكرية تُسبب ارتفاعًا سريعًا في سكر الدم يتبعه انخفاض حاد، ما قد يؤدي إلى الاستيقاظ الليلي أو النوم المتقطع. كما أن تقلبات الأنسولين تُؤثر سلبًا على إفراز الميلاتونين، الهرمون المسؤول عن تنظيم النوم، مما يُصعّب الدخول في نوم عميق ومريح.