تُعد الكولا من أشهر المشروبات الغازية عالميًا، حيث أصبحت جزءًا من الحياة اليومية لكثير من الناس، سواء في المناسبات الاجتماعية أو الوجبات السريعة أو حتى كوسيلة للترطيب. ورغم شعبيتها الجارفة، تُثير الكولا العديد من التساؤلات حول آثارها الصحية، سواء الإيجابية أو السلبية. وعلى الرغم من كونها مشروبًا لذيذ الطعم، إلا أن مكوناتها تطرح علامات استفهام حول مدى سلامتها، خاصة عند تناولها بانتظام. في هذا المقال، نستعرض التركيبة الغذائية لمشروب الكولا، مع تحليل مفصل لأهم فوائدها وأضرارها، مدعومًا بمعلومات حديثة حتى تاريخ اليوم.
أقسام المقال
القيمة الغذائية لمشروب الكولا وتأثيرها على الجسم
تتكون الكولا من عدة مكونات أساسية، وهي: الماء المكربن، السكر أو شراب الذرة عالي الفركتوز، الكافيين، حمض الفوسفوريك، نكهات صناعية وطبيعية، وأحيانًا صبغات مثل الكراميل. تختلف التركيبة قليلًا حسب الشركة المُصنّعة، ولكن تبقى المكونات الرئيسية ثابتة. تحتوي العبوة العادية (355 مل) على ما يلي:
- حوالي 140 سعرة حرارية.
- 39 جرامًا من السكر.
- 34 ملغ من الكافيين.
- 45 ملغ من الصوديوم.
- 0 دهون أو بروتين أو ألياف.
هذا التركيب يجعل من الكولا مصدرًا غنيًا بالطاقة السريعة ولكن خاليًا من العناصر الغذائية المفيدة كالبروتينات والفيتامينات والمعادن. كما أن ارتفاع نسبة السكر بها يجعلها غير مناسبة للاستهلاك اليومي، خاصة لمن يعانون من السمنة أو اضطرابات التمثيل الغذائي.
فوائد الكولا في تحسين الهضم وتخفيف الغثيان
يعتقد بعض الناس أن تناول كمية صغيرة من الكولا قد يساعد في تخفيف بعض اضطرابات الجهاز الهضمي، مثل الغثيان أو عسر الهضم. يُعزى هذا التأثير إلى الكربنة التي قد تُخفف من الضغط على المعدة، والكافيين الذي يحفز حركة الأمعاء. كما أن السكر الموجود فيها قد يمنح دفعة طاقة سريعة تساعد على تقليل الشعور بالتعب المصاحب للغثيان. لكن من المهم التأكيد أن هذه الفوائد لا تستند إلى دراسات علمية واسعة، وقد لا تكون فعالة للجميع.
بعض الأطباء يوصون باستخدام الكولا عند المعاناة من عسر الهضم المؤقت، ولكن بشرط أن تكون منزوعة الغازات وتُستخدم بكمية صغيرة فقط. أما الاستخدام المفرط فقد يؤدي إلى تفاقم المشكلة بدلاً من معالجتها.
أضرار الكولا على صحة الأسنان والعظام
تُعد الأضرار المرتبطة بصحة الفم والعظام من أبرز آثار الكولا السلبية. السكر يُغذي البكتيريا في الفم، مما يؤدي إلى إنتاج الأحماض التي تهاجم مينا الأسنان وتُسبب التسوس. كما أن حمض الفوسفوريك يضاعف من هذا التأثير، حيث يزيد من حموضة الفم ويُساهم في تآكل طبقة المينا بمرور الوقت.
أما بالنسبة للعظام، فإن استهلاك الكولا بكثرة قد يؤدي إلى انخفاض كثافة العظام، خاصة عند النساء. يُعتقد أن الكافيين وحمض الفوسفوريك يقللان من امتصاص الكالسيوم في الجسم، مما يؤثر على صحة العظام على المدى الطويل. وقد تم الربط بين الاستهلاك المزمن للكولا وارتفاع خطر الإصابة بهشاشة العظام، خاصة مع غياب استهلاك كافٍ لمنتجات الحليب أو مكملات الكالسيوم.
تأثير الكولا على الوزن وخطر الإصابة بالسكري
تُعد الكولا من المشروبات عالية السعرات الحرارية، ما يجعلها مساهمًا رئيسيًا في زيادة الوزن عند استهلاكها بانتظام. كل عبوة تحتوي على أكثر من 9 ملاعق صغيرة من السكر، وهي كمية تفوق الحدود اليومية الموصى بها من قِبل منظمة الصحة العالمية. هذا النوع من السكر السريع الامتصاص يُحفز إفراز الأنسولين، ويزيد من خطر مقاومة الأنسولين على المدى الطويل.
الأشخاص الذين يتناولون الكولا يوميًا معرضون أكثر للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، خاصةً إذا تزامن ذلك مع نمط حياة خامل ونظام غذائي غير صحي. ومن المفارقات أن الكولا الخالية من السكر (الدايت) قد لا تكون أفضل كثيرًا، حيث أظهرت بعض الدراسات أن المحليات الصناعية تؤثر على التمثيل الغذائي والشهية بطرق غير متوقعة.
تأثير الكولا على النوم وصحة القلب
يُعد الكافيين الموجود في الكولا من المنبهات القوية التي تؤثر على الجهاز العصبي المركزي. تناول الكولا في فترات المساء قد يؤدي إلى صعوبة في النوم، تأخر في دخول مرحلة النوم العميق، وزيادة في عدد مرات الاستيقاظ أثناء الليل. هذا يؤدي إلى قلة النوم المزمنة، والتي بدورها ترتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والسمنة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن استهلاك الكولا يرتبط بزيادة ضغط الدم عند بعض الأشخاص، خاصةً أولئك الذين يعانون من ارتفاع الضغط أو أمراض القلب. الكافيين يرفع معدل ضربات القلب، كما أن السكر الزائد يسبب التهابات مزمنة في الأوعية الدموية، مما يزيد من خطر تصلب الشرايين.
الاستنتاج: هل يجب تقليل استهلاك الكولا؟
رغم بعض الاستخدامات المحدودة للكولا في تحسين الهضم أو التخلص من الغثيان المؤقت، إلا أن أضرارها المحتملة تفوق فوائدها بكثير، خاصة عند الإفراط في تناولها. تحتوي الكولا على عناصر قد تؤثر سلبًا على صحة الأسنان والعظام، وتزيد من خطر الإصابة بالسمنة والسكري وأمراض القلب.
لذلك يُوصى بالاستهلاك المعتدل أو استبدالها بمشروبات طبيعية وصحية مثل الماء، شاي الأعشاب، أو عصائر الفواكه الطازجة. ويجب أن يكون هذا التغيير مصحوبًا بتوعية مستمرة، خاصة للأطفال والمراهقين، حول المخاطر الصحية المرتبطة بالمشروبات الغازية، لضمان بناء عادات غذائية سليمة تدوم مدى الحياة.