فوائد وأضرار شراب العرقسوس

يُعتبر شراب العرقسوس من أقدم المشروبات الطبيعية التي استخدمها الإنسان في الطب التقليدي، ولا يزال حتى اليوم يحظى بشعبية واسعة في العديد من الثقافات، خاصة في الدول العربية والإسلامية خلال شهر رمضان. يتميز هذا الشراب بطعمه الحلو المميز، ويُستخلص من جذور نبات العرقسوس الذي ينمو في مناطق متعددة مثل البحر الأبيض المتوسط وآسيا الوسطى. يُستخدم العرقسوس في صور متعددة، منها المشروب الشعبي، والمستخلصات الطبية، ومستحضرات العناية بالبشرة. لكن بين فوائده الكبيرة تكمن بعض الأضرار التي قد تؤثر على الصحة عند الإفراط في استهلاكه أو استخدامه بشكل غير مدروس.

القيمة الغذائية لشراب العرقسوس

العرقسوس غني بمركبات بيولوجية نشطة تجعله مشروبًا ذا طابع علاجي مميز. من أبرز هذه المركبات الجليسريزين، والذي يمنحه الطعم الحلو القوي ويُعتبر العنصر الرئيسي في تأثيراته البيولوجية. تتضمن مكوناته الأخرى مركبات الفلافونويد والبوليفينولات، التي تُعد مضادات أكسدة قوية تُسهم في تقوية جهاز المناعة ومكافحة الشوارد الحرة. بالإضافة إلى ذلك، يحتوي العرقسوس على معادن مهمة مثل الكالسيوم، المغنيسيوم، البوتاسيوم، والحديد، كما يحتوي على كميات قليلة من البروتينات والألياف.

فوائد العرقسوس للمعدة والقولون

يُعد العرقسوس من العلاجات التقليدية الأكثر فعالية لمشاكل الجهاز الهضمي. تُساعد مركباته على تعزيز إفراز المخاط الواقي في المعدة، مما يحمي جدارها الداخلي من التقرحات والالتهابات الناتجة عن الحموضة أو العدوى. ويُستخدم أيضًا كمهدئ طبيعي للتقلصات المعوية، حيث يُخفف من أعراض القولون العصبي والانتفاخ، كما يُسهم في تنظيم حركة الأمعاء. وتشير دراسات إلى أن له قدرة محتملة على مكافحة بكتيريا *H. pylori* التي تُسبب قرحة المعدة، مما يُعزز من فعاليته كمكمل علاجي في بعض الحالات.

تأثير العرقسوس على الجهاز التنفسي

لشراب العرقسوس دور فعال في تهدئة الجهاز التنفسي، وقد استخدم تقليديًا كعلاج للسعال والتهابات الحلق. يُساعد في تليين الأغشية المخاطية وتسهيل خروج البلغم، مما يجعله مفيدًا في حالات نزلات البرد، التهاب الشعب الهوائية، والربو. كما أن خصائصه المضادة للفيروسات والبكتيريا تُعزز مناعته ضد العدوى التنفسية، وتُسهم في تقليل مدة المرض وشدة الأعراض.

فوائد العرقسوس للبشرة

تُستخدم مستخلصات العرقسوس بكثرة في منتجات العناية بالبشرة بفضل خصائصه التجميلية والطبية. يُعرف بفعاليته في تفتيح البشرة وتقليل التصبغات الناتجة عن أشعة الشمس أو الهرمونات. تُساعد مركباته مثل اللِيكويريتين والجلابريدين في تثبيط إنتاج الميلانين، مما يُساهم في توحيد لون البشرة. كما يُستخدم كعلاج موضعي لتهدئة البشرة المصابة بالأكزيما أو الالتهابات الجلدية المزمنة.

أضرار العرقسوس عند الإفراط في تناوله

رغم فوائد العرقسوس المتعددة، إلا أن الإفراط في تناوله يُعد خطرًا حقيقيًا على الصحة. تعود معظم أضراره إلى مركب الجليسريزين، الذي قد يؤدي إلى احتباس السوائل وارتفاع ضغط الدم بشكل ملحوظ. ومن أبرز الآثار الجانبية:

  • ارتفاع ضغط الدم بسبب التأثير على الكلى واختلال توازن الصوديوم والبوتاسيوم.
  • انخفاض شديد في البوتاسيوم، مما قد يسبب ضعف العضلات وتشنجات وعدم انتظام في ضربات القلب.
  • اضطرابات هرمونية تؤثر على النساء، خاصة الحوامل، وقد تؤدي إلى مضاعفات أثناء الحمل.
  • احتمالية التداخل مع أدوية ضغط الدم ومدرات البول ومضادات الاكتئاب، مما يُعزز أو يُضعف تأثيرها.

الجرعة الموصى بها لتناول العرقسوس

من أجل الاستفادة الآمنة من العرقسوس، يُوصى بعدم تناول أكثر من 100 مل من مستخلص العرقسوس يوميًا، أو ما يُعادل كوبًا متوسطًا من شرابه الطبيعي. ولا يُنصح باستمرار تناوله لأكثر من أسبوعين متتالين دون إشراف طبي، خاصة لدى الأشخاص الذين يُعانون من أمراض مزمنة مثل ارتفاع الضغط أو مشاكل الكلى. ويُفضل دائمًا اختيار العرقسوس منزوع الجليسريزين للأشخاص المعرضين للمضاعفات.

هل العرقسوس مفيد لمرضى السكري؟

تُشير بعض الدراسات إلى أن العرقسوس يحتوي على مركبات تُحاكي تأثير الإنسولين وتُسهم في خفض مستويات السكر في الدم. ومع ذلك، فإن بعض منتجات العرقسوس تحتوي على سكريات مضافة أو تركيزات عالية من الجليسريزين، ما قد يرفع مستوى السكر عند مرضى السكري. لذا، يُنصح بالتعامل بحذر مع هذا المشروب واستشارة الطبيب قبل اعتماده ضمن النظام الغذائي لمرضى السكري.

الخلاصة

العرقسوس مشروب تراثي يحمل في طياته فوائد صحية عظيمة، خاصة فيما يتعلق بالمعدة، الجهاز التنفسي، والمناعة. ومع ذلك، فإن سلاحه ذو حدين، حيث يُمكن أن يؤدي إلى أضرار خطيرة عند الإفراط في استخدامه أو تناوله دون وعي. من المهم الاعتدال في تناوله، واستشارة الطبيب في حال وجود أي حالة صحية مزمنة. وبذلك، يمكن الاستفادة من خصائصه العلاجية دون التعرض لمخاطره الصحية.