في فضاء الدراما السورية الغني بالتجارب الفنية الأصيلة، تبرز أسماء شكلت وجدان المشاهد لعقود، من بينها الأختان فيلدا سمور وليلى سمور. فنانتان حملتا مشعل الإبداع كلٌ على طريقتها، وساهما في ترسيخ حضور المرأة السورية في مشهد التمثيل التلفزيوني والمسرحي بموهبة لافتة وشخصية متفردة. ومع مرور السنوات، أصبحت سيرتهما شاهدة على تقاطع الفن بالحياة، وعلى روابط أخوية تعززها الزمالة الإبداعية.
أقسام المقال
- فيلدا سمور: رحلة فنية بدأت من المسرح الجامعي
- فيلدا سمور: تألق في الدراما البدوية والتلفزيونية
- فيلدا سمور: حياة شخصية مليئة بالتحديات
- فيلدا سمور: مبادرات ثقافية لتعزيز القراءة
- ليلى سمور: الأخت الصغرى ومسيرة فنية متميزة
- ليلى سمور: حياة شخصية واستقرار في فرنسا
- العلاقة بين فيلدا وليلى سمور: ترابط أخوي وفني
- فيلدا سمور: عودة هادئة إلى الواجهة
- ختامًا: إرث فني متجذر في الدراما السورية
فيلدا سمور: رحلة فنية بدأت من المسرح الجامعي
وُلدت الفنانة فيلدا سمور في 8 أكتوبر 1955 بمدينة السويداء، ونشأت في بيئة ثقافية مهتمة بالفنون والآداب. تخرجت من جامعة دمشق بشهادة في الأدب الإنجليزي، وكان دخولها عالم المسرح الجامعي بوابة لانطلاق موهبتها الفنية. انضمت إلى المسرح القومي، وهناك صقلت قدراتها من خلال مشاركتها في عروض ذات طابع فكري ومجتمعي، مزجت فيها بين الأداء القوي والالتزام بالقضايا الإنسانية.
فيلدا سمور: تألق في الدراما البدوية والتلفزيونية
عُرفت فيلدا بحضورها الهادئ وأدائها العميق، لا سيما في الأعمال البدوية التي أجادت فيها اللهجة والتفاصيل الحركية. تألقت في مسلسلات مثل “نمر بن عدوان” و”الزير سالم”، حيث قدمت شخصيات نسائية قوية تجسد صلابة المرأة العربية. كما شاركت في “باب الحارة” و”دقيقة صمت” و”سيرة الحب”، وامتلكت قدرة فريدة على الانتقال من الدراما الاجتماعية إلى التاريخية بسلاسة.
فيلدا سمور: حياة شخصية مليئة بالتحديات
لم تكن حياة فيلدا سمور بعيدة عن التحديات، فقد واجهت وفاة زوجها الإعلامي خليل عبد الله بحكمة وصبر، وتحملت مسؤولية تربية ولديها سيزار وسومر. رغم الانشغالات الفنية، حرصت على بناء علاقة متينة مع أبنائها الذين ورثوا منها حب الفن ودرسوه أكاديميًا. في إحدى المقابلات، تحدثت عن إمكانية انتقالها لدار مسنين، ليس كنوع من الهروب، بل كخيار للتأمل والهدوء في مرحلة متقدمة من العمر.
فيلدا سمور: مبادرات ثقافية لتعزيز القراءة
في خطوة ثقافية نادرة بين الفنانين، قامت فيلدا بالتبرع بمكتبتها الخاصة التي تضم آلاف الكتب إلى مكتبة دمشق التربوية. لم يكن هذا التبرع مجرد تصرف عابر، بل رسالة واضحة تؤكد على دور المثقف في دعم الأجيال القادمة، وتوفير موارد معرفية مهمة لمن لا يستطيعون اقتناء الكتب. هذا الفعل حظي بتقدير واسع وأعاد تسليط الضوء على الجانب الإنساني للفنانة.
ليلى سمور: الأخت الصغرى ومسيرة فنية متميزة
ولدت ليلى سمور في 22 نوفمبر 1962، وهي الأخت الصغرى لفيلدا، وتتمتع بشخصية فنية مختلفة. التحقت بالمعهد العالي للفنون المسرحية وتخرجت منه عام 1990، لتبدأ مسيرتها بتنوع لافت بين المسرح والتلفزيون. اكتسبت شهرتها من أدوارها الجريئة التي خاضت فيها قضايا المرأة والمجتمع. شاركت في أعمال مثل “مرايا”، و”الغربال”، و”حمام القيشاني”، وأبدعت في شخصية “فوزية” التي ما زالت محفورة في ذاكرة الجمهور.
ليلى سمور: حياة شخصية واستقرار في فرنسا
ليلى متزوجة من الفنان جورج حداد، وقد انتقلا معًا إلى فرنسا عام 2017 للحصول على إقامة دائمة، حيث بحثا عن أفق جديد لحياتهما العائلية والمهنية. هذا الانتقال أثار العديد من الشائعات حول اعتزالها الفن، لكنها أوضحت لاحقًا أن الغياب مؤقت، وكان بدافع الاستقرار والتفرغ للأسرة. عادت بعد فترة إلى دمشق وشاركت بأعمال درامية جديدة أكدت من خلالها استمرار عطائها.
العلاقة بين فيلدا وليلى سمور: ترابط أخوي وفني
رغم اختلاف الأسلوب الفني بين الأختين، إلا أن العلاقة التي تجمع فيلدا وليلى سمور تتسم بالود والاحترام. فيلدا تمثل الجدية والعمق الدرامي، بينما تميل ليلى إلى الجرأة والتنوع. نادرًا ما جمعهما عمل مشترك، لكن الروابط بينهما تتجاوز الشاشة لتصل إلى دعم متبادل في الحياة والمهنة. تعبر كل منهما عن فخرها بالأخرى، وتؤكدان دومًا أن الفن لا يُقسِّم الأسرة بل يوحدها.
فيلدا سمور: عودة هادئة إلى الواجهة
بعد فترة من الغياب، عادت فيلدا إلى الساحة بأدوار محدودة لكنها مؤثرة، اختارت منها بعناية ما يتماشى مع مرحلتها العمرية وخبرتها الطويلة. قدمت أدوار الأم والجدّة بأسلوب إنساني بعيد عن النمطية، وأثبتت أن النضج الفني لا يحتاج إلى صخب إعلامي بل إلى صدق في الأداء.
ختامًا: إرث فني متجذر في الدراما السورية
تمثل الأختان فيلدا وليلى سمور جزءًا لا يتجزأ من تاريخ الدراما السورية، فقد شاركتا في بناء هوية فنية قائمة على الأصالة والعمق والالتزام بالقيم. رسختهما الأيام في ذاكرة المشاهد العربي، وجعلت من قصتيهما مثالًا حيًا على الإبداع النسوي، وعلى أن التمثيل لا يقف عند حدود الكاميرا، بل يمتد ليؤثر في الفكر والسلوك.