في الشرقاوي وزوجها

في كل مرة نسمع فيها اسم الفنانة البحرينية في الشرقاوي، تتبادر إلى أذهاننا صورة امرأة جمعت بين الموهبة، الثقافة، والرقي. مسيرتها الطويلة التي امتدت لعدة عقود لم تكن مجرد محطات فنية عابرة، بل كانت مزيجًا من العطاء، الاجتهاد، والإبداع الأصيل. لكن ما يجهله البعض هو أن وراء هذا الوجه الفني المميز، شريك حياة كان له الأثر الأهم في الاستقرار والدعم، وهو زوجها الفنان القطري عبد الله البكري. في هذا المقال، نغوص في أعماق هذه العلاقة، ونكشف الكثير من جوانب الحياة الفنية والعائلية لهذين الفنانين.

في الشرقاوي: نشأة فنية في بيت الشعر والفن

ولدت في الشرقاوي في البحرين عام 1975، وسط بيئة ثقافية نادرة قلّما تتوفر لفنان في مقتبل عمره. فقد كان والدها الشاعر الكبير علي الشرقاوي، أحد أبرز رموز الشعر البحريني الحديث، وكانت والدتها الشاعرة فتحية عجلان، نموذجًا يحتذى في الرقي الأدبي والتعبير الإنساني. نشأت في بين الكتب والمسرحيات والحوارات الفنية، مما جعل الفن يسكن روحها منذ الطفولة. دخلت عالم التمثيل مبكرًا عبر الأعمال الإذاعية والمسرحية، واستطاعت أن تُثبت نفسها في بيئة مليئة بالمواهب، حيث لم يكن النجاح سهلًا أو سريعًا، بل جاء بعد سنوات من الاجتهاد والتطوير الذاتي.

عبد الله البكري: شريك الحياة والدرب الفني

عبد الله البكري ليس مجرد زوج للفنانة في الشرقاوي، بل هو رفيق رحلة طويلة مليئة بالمواقف والتحديات. فهو فنان قطري متعدد المواهب، بدأ مشواره من على خشبة المسرح، ثم اتجه إلى التقديم التلفزيوني والعمل الإعلامي، واكتسب خبرة واسعة جعلته أحد الوجوه المعروفة في قطر. ارتبط الثنائي في عام 2013 بعد علاقة يسودها الاحترام والتفاهم، ونجحا معًا في تأسيس حياة عائلية مستقرة رغم ضغوط العمل في مجال الفن. وقد أثمرت هذه العلاقة عن إنجاب ابنهما الوحيد راشد، الذي يحرص كلا الوالدين على تربيته في أجواء من الحب والدعم الثقافي.

في الشرقاوي: مسيرة فنية حافلة بالنجاحات

منذ بداياتها، قدّمت في الشرقاوي أعمالًا تركت بصمة لا تُنسى في الدراما الخليجية، وكان أسلوبها الفني يميل إلى الواقعية والبساطة في الأداء. شاركت في العديد من المسلسلات الناجحة مثل “العولمة”، “بنات شما”، و”لا موسيقى في الأحمدي”، واستطاعت من خلال هذه الأعمال أن تقدم أدوارًا نسائية عميقة تعكس معاناة المرأة الخليجية وقضاياها. كما عملت في المسرح والمجال الإذاعي، مما أكسبها خبرات متعددة وساعدها في بناء قاعدة جماهيرية قوية. ولعل التنوع في اختياراتها، وقدرتها على الانتقال بين الكوميديا والدراما، هو ما جعلها فنانة تحظى باحترام من جميع الأجيال.

شراكة حياتية قائمة على التفاهم والدعم المتبادل

رغم كثرة العلاقات الفنية التي تتعرض للاهتزاز بسبب الشهرة والضغوط، إلا أن علاقة في الشرقاوي وزوجها عبد الله البكري ظلت متينة، قائمة على الاحترام والتقدير. كثيرًا ما تحدثت في لقاءاتها عن دعم زوجها لها، ومساندته لها في جميع قراراتها الفنية، حتى تلك التي احتاجت إلى التفرغ أو الراحة من الساحة الفنية. كما يُذكر أن الزوجين يتشاركان الاهتمام بالتربية الواعية لابنهما راشد، حيث يحرصان على إبعاده عن الأضواء وتوفير حياة طفولة طبيعية له. ويحرصان دائمًا على الاحتفال بمناسباتهما العائلية بشكل خاص، بعيدًا عن عدسات الإعلام، مما يدل على فهمهما العميق لأهمية الخصوصية.

في الشرقاوي: حضور إعلامي وشعري مميز

لا تقتصر مواهب في الشرقاوي على التمثيل فقط، بل تمتد إلى مجالات الإعلام والشعر. فقد كانت أول مذيعة بحرينية تقدم برنامجًا خارج بلدها، وهو “صباح الخير يا دبي”، وقد استطاعت من خلاله أن تبرز قدرتها على التواصل مع الجمهور بأسلوب راقٍ وذكي. كما كتبت العديد من القصائد، تأثرًا بتراث والديها، وشاركت في أمسيات شعرية تركت فيها أثرًا طيبًا. هذا التعدد في الأنشطة يعكس شخصيتها المتزنة، القادرة على مزج الفن بالكلمة، والعاطفة بالعقل، مما يجعلها من أبرز الأسماء الثقافية في الخليج.

الجانب الإنساني والأنشطة الاجتماعية

تُعرف في الشرقاوي أيضًا بمواقفها الإنسانية، حيث شاركت في العديد من المبادرات الخيرية التي تدعم الأطفال والنساء والمجتمعات المحتاجة. كما عبّرت في أكثر من مناسبة عن دعمها لقضايا اجتماعية مثل التعليم وتمكين المرأة، واستخدمت منصاتها للتوعية والتثقيف. وبالحديث عن عبد الله البكري، فهو الآخر لم يكن غائبًا عن المشهد المجتمعي، إذ ساهم في فعاليات تثقيفية داخل قطر وخارجها، من خلال الإعلام والعمل الميداني.

خاتمة: قصة نجاح وإلهام في عالم الفن

تظل قصة في الشرقاوي وزوجها عبد الله البكري واحدة من أكثر قصص الوسط الفني إلهامًا، حيث يلتقي الفن بالحب، والموهبة بالاحترام المتبادل. هما مثال واضح على إمكانية النجاح في الحياة المهنية والشخصية متى ما توفرت النية الصادقة والدعم المشترك. ومن خلال مسيرتهما، نستلهم قيمًا عديدة مثل الالتزام، الشغف، وأهمية الشريك في صناعة النجاحات. وفي عالم سريع الإيقاع كعالم الفن، يبقى الثنائي نموذجًا يُحتذى به في الحفاظ على التوازن بين النجومية والخصوصية، بين الطموح والحياة العائلية الدافئة.