يمثل جواز السفر أكثر من مجرد وثيقة سفر لحامله؛ فهو انعكاس لسمعة الدولة وقوتها الدبلوماسية ومدى اندماجها في المجتمع الدولي. وفي حالة السودان، فإن جواز السفر يعكس واقعًا سياسيًا واقتصاديًا مركبًا، أثر بشكل مباشر على حرية التنقل لمواطنيه. يُعتبر جواز السفر السوداني من بين أضعف جوازات السفر عالميًا من حيث عدد الدول التي يمكن الدخول إليها دون تأشيرة، وهو ما يطرح تساؤلات مستمرة حول مستقبل العلاقات الدولية للسودان، ومدى قدرة السلطات على تحسين هذا التصنيف خلال السنوات القادمة.
أقسام المقال
تصنيف جواز السفر السوداني لعام 2025
بحسب أحدث بيانات مؤشر هينلي العالمي، جاء جواز السفر السوداني في المرتبة 97 عالميًا، حيث يسمح لحامليه بالدخول إلى 43 دولة فقط دون تأشيرة مسبقة أو بتأشيرة عند الوصول. هذا الرقم يعكس حالة من العزلة النسبية مقارنة بجوازات دول الجوار مثل مصر أو كينيا. التصنيف الضعيف يعود إلى عدة أسباب متشابكة، أبرزها عدم الاستقرار السياسي الداخلي، وضعف العلاقات الدبلوماسية الفعالة، بالإضافة إلى القيود التي تفرضها بعض الدول على السودان لأسباب أمنية أو إدارية.
الدول التي تسمح بدخول السودانيين بدون تأشيرة
على الرغم من الترتيب المتأخر، هناك قائمة لا بأس بها من الدول التي ما زالت تتيح لحاملي جواز السفر السوداني الدخول بدون الحاجة إلى تأشيرة مسبقة. تشمل هذه الدول: ماليزيا (لمدة 30 يومًا)، سوريا، بنين، غامبيا، رواندا، دومينيكا، سانت فينسنت والغرينادين، وتوغو. غالبية هذه الوجهات تقع في أفريقيا أو دول الكاريبي وآسيا، وغالبًا ما تعتمد على سياسات انفتاح سياحي أو علاقات ثنائية تاريخية. ورغم ذلك، فإن معظم هذه الدول لا تُعتبر وجهات مفضلة للسودانيين الراغبين في العمل أو الإقامة الطويلة.
صعوبات الحصول على تأشيرات
يواجه المواطن السوداني صعوبات ملحوظة عند محاولة الحصول على تأشيرات دخول لدول أوروبا وأمريكا وكندا. هذه التحديات لا تقتصر على الإجراءات الإدارية المعقدة، بل تمتد إلى النظرة السلبية تجاه السودان على المستوى السياسي والاقتصادي. إضافةً إلى ذلك، فإن تدهور الأوضاع الداخلية مثل الحرب الأهلية أو العقوبات الاقتصادية يؤثر سلبًا على ثقة الدول الأخرى في منح التأشيرات بسهولة لحاملي جواز السفر السوداني.
أهمية العلاقات الدبلوماسية في تحسين ترتيب الجواز
لا يمكن فصل قوة جواز السفر عن السياسة الخارجية للدولة. فالدول التي تتمتع بعلاقات دبلوماسية نشطة واتفاقيات ثنائية أو متعددة الأطراف غالبًا ما تتمتع بجوازات سفر قوية. في حالة السودان، هناك حاجة ملحة لإعادة هيكلة السياسة الخارجية، وتعزيز الحضور الدبلوماسي الفعّال، والانخراط في المنظمات الإقليمية والدولية بشكل أكبر. كما أن تحسين صورة السودان خارجيًا، من خلال مكافحة الفساد، ودعم الحريات، وتهدئة الصراعات الداخلية، يمكن أن يسهم بشكل ملموس في فتح أبواب أكثر لحاملي جوازه.
الفرق بين الجواز السوداني وجوازات دول الجوار
عند مقارنة الجواز السوداني بجوازات دول الجوار مثل مصر، إثيوبيا، جنوب السودان، تشاد، أو إريتريا، نجد أن السودان يأتي في مرتبة متأخرة بشكل واضح. فمثلًا، يحتل الجواز المصري مرتبة أعلى بأكثر من 50 مركزًا، ويمنح حامله الدخول إلى أكثر من 70 دولة دون تأشيرة. هذا الفارق يُظهر مدى تأثير السياسات الخارجية والداخلية على قيمة الجواز، ويؤكد أن القوة ليست جغرافية، بل سياسية ودبلوماسية.
آمال وتطلعات لتحسين الجواز السوداني
ورغم الصورة السلبية الحالية، لا تزال هناك فرص واقعية لتحسين تصنيف جواز السفر السوداني في السنوات المقبلة. يمكن البدء بخطوات عملية مثل توقيع اتفاقيات ثنائية مع الدول الأفريقية والعربية، والانضمام إلى مشاريع التكامل الإقليمي مثل السوق المشتركة لدول شرق وجنوب أفريقيا (COMESA)، وتبني استراتيجيات تعاون دولي في مجالات التعليم والصحة والسياحة. كذلك، من المهم تحسين النظام الإلكتروني لإصدار الجوازات، وتوحيد قواعد بيانات الهوية، بما يعزز موثوقية الوثائق السودانية في الخارج.
خاتمة
جواز السفر هو مرآة لحالة الدولة في العالم، وقوته تعكس مدى انفتاحها وتقدير المجتمع الدولي لها. جواز السفر السوداني، رغم تصنيفه المتأخر، يمكن أن يتحول إلى أداة فاعلة لتعزيز التواصل الدولي، إذا ما تم العمل على معالجة الأسباب التي أضعفت مكانته. يبقى الأمل معقودًا على مبادرات سياسية شجاعة ورؤية خارجية جديدة تعيد للسودانيين حقهم في التنقل بحرية وكرامة عبر العالم.