قوة جواز سفر لبنان

يُعتبر جواز السفر اللبناني من أبرز الوثائق الرسمية التي تُمنح للمواطنين بهدف تمكينهم من السفر والتنقل خارج حدود الوطن. ومع أن هذا الجواز يحمل رمزية وطنية وهوية سيادية، إلا أن قوته في العالم تخضع لتقييمات دورية وفقًا لعدد الدول التي تتيح لحامليه دخول أراضيها دون الحاجة إلى تأشيرة. وعلى الرغم من التحديات المتعددة التي يواجهها لبنان على الصعيدين السياسي والاقتصادي، فإن بعض المؤشرات تشير إلى تحسن نسبي في تصنيف جواز سفره عالميًا. هذا المقال يسلط الضوء على واقع جواز السفر اللبناني في عام 2025، ويرصد الدول المتاحة لحامليه، والتحديات التي تؤثر على رتبته، إضافة إلى تحليل السبل الممكنة لتعزيز مكانته في المستقبل.

تصنيف جواز سفر لبنان عالميًا في عام 2025

في يناير 2025، صنف مؤشر هينلي العالمي جواز السفر اللبناني في المرتبة 95 من أصل 199 جوازًا حول العالم. هذا التصنيف يضعه في فئة الجوازات الضعيفة نسبيًا، مقارنة بجوازات دول الخليج مثل الإمارات أو دول أوروبا الغربية. ورغم أن هذا الترتيب لا يُعد مثاليًا، إلا أنه يمثل تحسنًا طفيفًا مقارنة بترتيبه في الأعوام السابقة حين انخفض أحيانًا إلى ما دون المرتبة 100. يعود هذا التحسن النسبي إلى عوامل دبلوماسية ومبادرات تعاون جديدة بين لبنان وبعض الدول الآسيوية والأفريقية.

الدول التي يمكن لحاملي جواز السفر اللبناني دخولها بدون تأشيرة

يستطيع المواطن اللبناني دخول نحو 45 دولة دون الحاجة إلى تأشيرة مسبقة، وهي نسبة ضئيلة مقارنة بجوازات الدول الأعلى تصنيفًا. من هذه الدول نذكر إندونيسيا، ماليزيا، هايتي، إيران (لفترة محددة)، دومينيكا، وسانت فنسنت والغرينادين. وتتميز هذه الدول بأنها سياحية أو ذات سياسات انفتاحية تجاه المسافرين من مختلف الجنسيات. وتُعد هذه القائمة مفيدة للراغبين في السفر لأغراض الترفيه أو الدراسة أو الأعمال قصيرة المدى.

تأشيرات عند الوصول وتأشيرات إلكترونية لحاملي الجواز اللبناني

إضافة إلى قائمة الدول المعفية من التأشيرة، هناك أكثر من 60 دولة توفر خيار الحصول على تأشيرة عند الوصول أو تأشيرة إلكترونية عبر الإنترنت. تشمل هذه الدول تركيا، كينيا، زامبيا، طاجيكستان، وكمبوديا. ويشكل هذا النوع من التأشيرات بديلاً مرنًا للمواطن اللبناني الذي يرغب في زيارة دول خارج نطاق المعفيّات، حيث توفر الإجراءات الإلكترونية أو تأشيرات الوصول سهولة نسبية مقارنة بالإجراءات التقليدية.

التحديات التي تُضعف قوة جواز سفر لبنان

رغم التسهيلات الجزئية التي توفرها بعض الدول، يواجه جواز السفر اللبناني تحديات جدية تؤثر في تصنيفه. من أبرز هذه التحديات الحاجة إلى تأشيرات مشددة لدخول معظم دول الاتحاد الأوروبي، كندا، الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، وأستراليا. ويرتبط ذلك بعوامل سياسية وأمنية، إضافة إلى الأزمة الاقتصادية التي أثرت على سمعة الدولة ورفعت من نسب الهجرة غير الشرعية، ما دفع بعض الدول إلى تشديد شروط دخول المواطنين اللبنانيين.

أثر الأوضاع الداخلية على جواز السفر اللبناني

لا يمكن الحديث عن قوة جواز السفر دون الإشارة إلى تأثير الوضع الداخلي في لبنان. فالانقسام السياسي الحاد، والانهيار الاقتصادي، والانخفاض الحاد في قيمة العملة الوطنية، جميعها عوامل تنعكس سلبًا على صورة لبنان الخارجية. كما أن تعطل مؤسسات الدولة عن أداء دورها الكامل، وغياب الاستقرار التشريعي، يضعف من قدرة لبنان على توقيع اتفاقيات ثنائية لتسهيل التنقل مع دول أخرى. كل ذلك يجعل من تحسين ترتيب الجواز مهمة صعبة ولكنها ليست مستحيلة.

الخطوات الدبلوماسية المطلوبة لتعزيز جواز السفر اللبناني

لتعزيز قوة جواز السفر اللبناني، لا بد من اعتماد خطة دبلوماسية شاملة تقوم على توسيع العلاقات الثنائية والمتعددة الأطراف، وتوقيع اتفاقيات تنقل مع الدول ذات التصنيف المرتفع. كما ينبغي الاستثمار في تحسين البنية التحتية القنصلية، وتوفير خدمات رقمية متقدمة تسهل إصدار وتجديد الجوازات. علاوة على ذلك، فإن تحسن الوضع الداخلي سينعكس مباشرة على تحسين ثقة الدول الأخرى بالجواز اللبناني، وبالتالي إمكانية رفع القيود المفروضة عليه.

أهمية الجواز في دعم الانتشار اللبناني العالمي

يلعب جواز السفر دورًا مهمًا في دعم الانتشار اللبناني حول العالم، خاصة أن لبنان يتمتع بجاليات كبيرة ومؤثرة في دول عدة مثل البرازيل، كندا، أستراليا، فرنسا، وساحل العاج. تسهيل حرية تنقل المواطنين اللبنانيين سيساعد في تقوية هذه الروابط، ويدعم الفرص الاقتصادية والتعليمية للبنانيين في الخارج، كما يسهم في تعزيز الاستثمارات والتحويلات المالية التي تُعتبر ركيزة أساسية للاقتصاد اللبناني.

خاتمة

يبقى جواز السفر اللبناني مرآة لحالة الدولة ككل، ويعكس مدى احترام الدول الأخرى لها على الصعيدين السياسي والدبلوماسي. ورغم أن التحديات كثيرة، إلا أن المجال مفتوح أمام الدولة اللبنانية لتطوير علاقاتها وتحسين صورتها عالميًا، وهو ما سينعكس مباشرة على تصنيف جوازها. وحتى يتحقق ذلك، فإن المواطن اللبناني سيظل يواجه صعوبات في التنقل بحرية، في انتظار أن يستعيد وطنه عافيته السياسية والاقتصادية.