لماذا تحتك القطة بالأثاث

كثير من الأشخاص الذين يربون القطط يلاحظون سلوكًا متكررًا تقوم به قططهم، وهو احتكاكها المتكرر بقطع الأثاث في المنزل كالأرائك والطاولات والأبواب والزوايا الخشبية. هذا السلوك لا يُعد عبثيًا أو دون معنى، بل إنه يحمل دلالات بيولوجية ونفسية وسلوكية تعكس فطرة القطط واحتياجاتها المتعددة. ومن خلال تحليل هذا السلوك، يمكن للمربين فهم قططهم بشكل أعمق وتوفير بيئة صحية تعزز من راحتها وسعادتها.

نقل الروائح وتحديد الحدود

في جسم القطة توجد غدد خاصة تُفرز روائح لا يشمها الإنسان ولكن تشعر بها القطط الأخرى. تقع هذه الغدد في مناطق مثل الجبهة، والذقن، وقاعدة الذيل، وحتى بين الكفوف. عند احتكاك القطة بالأثاث، فإنها تقوم بنقل هذه الروائح إلى الأسطح كوسيلة لتمييز منطقتها الخاصة، وتُرسل بذلك إشارات للقطط الأخرى بأن هذا المكان “مملوك” لها. وتُعرف هذه العملية باسم “وضع العلامات العطرية”، وهي وسيلة بديلة للقطط عن الصراع الجسدي من أجل فرض السيطرة أو إعلان النفوذ.

تعزيز الشعور بالاطمئنان

عندما تشعر القطة بالقلق أو التوتر نتيجة تغييرات في محيطها مثل الانتقال إلى منزل جديد، أو قدوم ضيف جديد، أو إدخال حيوان آخر إلى البيت، فإنها تلجأ إلى الاحتكاك بالأثاث لنشر رائحتها المألوفة في المكان. هذا الفعل يمنحها شعورًا بالسيطرة والطمأنينة، وكأنها تقول لنفسها: “هذا مكاني وأنا في أمان”. لذلك من المهم ترك الفرصة للقطة لنشر رائحتها داخل المنزل، وخاصةً في بداية تبنيها أو أثناء فترات التوتر.

إظهار الارتباط العاطفي بأفراد الأسرة

القطط لا تحتك فقط بالأثاث، بل قد تُلاحظ أنها تحتك بساقيك أو تلامس وجهك بجبهتها. هذا السلوك يعني أنها تعتبرك جزءًا من عالمها الآمن وتود أن تدمجك في محيطها العطري. باحتكاكها بك، تنقل جزءًا من رائحتها إليك وتكتسب رائحتك كذلك، مما يقوي رابطها بك. وبالتالي فإن احتكاكها بالأثاث يمكن أن يكون امتدادًا لسلوكها الاجتماعي معك، فهو يعكس محاولتها تحويل البيئة إلى مكان مريح يحمل بصمتها ورائحتها.

التمدد والحفاظ على اللياقة البدنية

بعض القطط تقوم بالاحتكاك بالأثاث أثناء التمدد أو الاستيقاظ من النوم، وذلك لتحريك عضلات الجسم بعد فترة من السكون. فتراها تمد جسدها ثم تحتك بجوانب الأريكة أو أرجل الكراسي. هذه الحركات تُحفز العضلات وتساعد في تنشيط الدورة الدموية. ولذلك فإن هذا الاحتكاك لا يُعد فقط سلوكًا غريزيًا بل له فوائد بدنية أيضًا، ويُعزز من مرونة القطة ولياقتها.

التعبير عن السعادة والاسترخاء

القطط السعيدة والمرتاحة في بيئتها تُظهر هذا السلوك بشكل أكثر وضوحًا. فقد تلاحظ أن قطتك تندفع بلطف نحو الأثاث وتحتك به وهي تخرخر أو تهز ذيلها ببطء، ما يعني أنها في حالة مزاجية ممتازة. هذا التصرف يُعادل الابتسامة لدى البشر، ويُعتبر من المؤشرات الإيجابية التي تدل على رضا القطة وسعادتها في منزلها.

التحكم في البيئة ومراقبتها

القطط كائنات فضولية بطبعها، وهي تحب استكشاف البيئة من حولها باستمرار. وقد تحتك بالأثاث لا فقط لنقل الروائح بل كنوع من الفحص المستمر للمكان. هذا السلوك يُساعدها على مراقبة أي تغييرات جديدة أو روائح غريبة دخلت محيطها. ولذلك فإن احتكاك القطة بالأثاث قد يحمل في طياته أيضًا بعدًا استقصائيًا واستكشافيًا.

كيف يمكن للمربي الاستجابة لهذا السلوك؟

لا يُنصح بمحاولة منع القطة من الاحتكاك بالأثاث بشكل صارم، لأن ذلك يُخالف طبيعتها ويُسبب لها التوتر. ولكن يمكن توجيه هذا السلوك بطريقة صحية، من خلال توفير أعمدة خدش ناعمة في زوايا المنزل، أو تخصيص أماكن مبطنة برائحة القطة كمناطق راحة. كما أن التنظيف الزائد للأثاث باستخدام المعقمات القوية قد يُفقد القطة إحساسها بالاستقرار، لأنها تعتمد على الرائحة في التواصل، لذا يُفضل تنظيف الأماكن دون إزالة كل الروائح تمامًا.

متى يمكن أن يشير هذا السلوك إلى مشكلة؟

في بعض الحالات، إذا كان احتكاك القطة مفرطًا جدًا أو مصحوبًا بحك شديد أو تساقط في الشعر، فقد يكون ذلك إشارة إلى وجود مشكلة جلدية أو حساسية. من الأفضل في مثل هذه الحالات استشارة الطبيب البيطري لاستبعاد أي أسباب صحية. كما أن تغيرًا مفاجئًا في هذا السلوك – سواء بالتوقف المفاجئ أو الإفراط المفاجئ – يمكن أن يكون مؤشرًا على توتر نفسي أو تغير داخلي يستحق الملاحظة.