يُعتبر الفنان السوري ليث المفتي من الأسماء التي أثبتت حضورها بقوة في الدراما السورية خلال العقود الأخيرة، حيث تميز بأداء متنوع وشخصية فنية فريدة نابعة من خلفية ثقافية وفنية عريقة. لكن ما لا يعرفه الكثيرون هو أن بدايات ليث المفتي وهو صغير كانت تحمل بذور موهبته، إذ انطلقت رحلته من مدينة حلب، حيث عاش طفولته ونشأ في بيئة مشبعة بالفن والموسيقى. هذه البذور نمت لتصبح أساسًا صلبًا لبناء مسيرة فنية مميزة تجسدت في العشرات من الأعمال الدرامية والمسرحية. نستعرض في هذا المقال حياة ليث المفتي في طفولته ومراهقته، مع تسليط الضوء على العوامل التي ساهمت في تشكيل هويته الفنية.
أقسام المقال
- ليث المفتي ونشأته في حلب
- ليث المفتي وهو صغير في المعهد الموسيقي
- ليث المفتي في المرحلة المدرسية
- ليث المفتي والتحاقه بالمعهد العالي للفنون المسرحية
- ليث المفتي في أول ظهور تلفزيوني
- ليث المفتي ومرونة اختياراته الفنية
- ليث المفتي في السينما والمسرح
- ليث المفتي وحياته الشخصية
- ليث المفتي وأثره في جيل جديد من الممثلين
ليث المفتي ونشأته في حلب
وُلد ليث المفتي في مدينة حلب بتاريخ 17 مايو 1977، وهي واحدة من أعرق المدن السورية التي عُرفت بكونها مركزًا ثقافيًا وفنيًا على مر العصور. نشأ في حي بسيط ولكن غني بالحراك الاجتماعي والفني، حيث كان محاطًا بالموسيقى والفن الشعبي، ما جعله يتأثر منذ نعومة أظفاره بهذه الأجواء. كانت أسرته تقدّر الفن وتحترمه، وقد دعمته في خطواته الأولى نحو تعلم الموسيقى، إذ التحق بالمعهد العربي للموسيقى في حلب وهو لا يزال طفلًا، وهناك بدأ أولى خطواته في عالم الأداء.
ليث المفتي وهو صغير في المعهد الموسيقي
من أبرز ملامح طفولة ليث المفتي هي ارتباطه المبكر بالموسيقى الكلاسيكية، حيث تدرب على العزف وشارك ضمن الفرقة السيمفونية الوطنية بقيادة المايسترو الراحل صلحي الوادي. هذا النوع من النشاط الفني المبكر أضفى عليه حسًا فنيًا عاليًا، وساهم في تنمية قدرته على التركيز والانضباط، وهما عاملان لاحقًا كان لهما تأثير مباشر في أدائه التمثيلي. شارك ليث في عزف أعمال عالمية مثل “قداس الموت”، وكان يشعر بأنه ينتمي لعالم أوسع من محيطه الطفولي، وهو ما ولّد في داخله حلمًا بالتوسع نحو المسرح والتمثيل.
ليث المفتي في المرحلة المدرسية
في المدرسة، أظهر ليث المفتي قدرات متميزة ليس فقط في المواد الفنية، بل أيضًا في الأنشطة الثقافية والمسرحية. كان من الطلاب الذين يُعتمد عليهم في تمثيل المدرسة في الفعاليات الرسمية، حيث كان يتمتع بثقة على خشبة المسرح حتى وهو لا يزال في سن صغيرة. كان يحفظ النصوص بسهولة، ويؤدي الأدوار بروح تمزج بين الجدية والطرافة، الأمر الذي جذب إليه أنظار معلميه ودفعهم لتشجيعه على دراسة الفنون بشكل أكاديمي لاحقًا.
ليث المفتي والتحاقه بالمعهد العالي للفنون المسرحية
في عام 1996، انتقل ليث المفتي إلى دمشق للالتحاق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وكانت هذه الخطوة مفصلية في حياته، حيث انتقل من مجال الموسيقى إلى عالم التمثيل الأكاديمي. تخرج من المعهد عام 2000، ضمن دفعة ضمت أسماء بارزة مثل قصي خولي وباسل خياط وسلافة معمار، وهو ما وفر له بيئة تنافسية ملهمة. خلال سنوات دراسته، تتلمذ على يد عمالقة المسرح السوري مثل فايز قزق، وجمال سليمان، وحاتم علي، وبدأ يظهر بشكل تدريجي في عروض طلابية أثبت فيها كفاءته التمثيلية العالية.
ليث المفتي في أول ظهور تلفزيوني
أول ظهور تلفزيوني لليث المفتي كان في بداية الألفية الجديدة، عندما قدمه المخرج هشام شربتجي في مسلسل “قلة ذوق وكثرة غلبة”، حيث لعب دور “ربحي”، وهو دور ساخر لاقى إعجاب الجمهور. لم يكن هذا الدور مجرد بداية عادية، بل كان انطلاقة قوية وضعته تحت الأضواء وأكسبته قاعدة جماهيرية واسعة. من هناك، توالت أدواره في مسلسلات بارزة مثل “قتل الربيع” و”زمان الصمت” و”الظاهر بيبرس”، ليصبح لاحقًا من الوجوه المألوفة في الدراما السورية.
ليث المفتي ومرونة اختياراته الفنية
عرف عن ليث المفتي مرونته الكبيرة في اختيار أدواره، فهو لم يتقيد بنمط واحد من الشخصيات، بل جسد أدوارًا في أعمال بيئة شامية، وتاريخية، واجتماعية، وكوميدية. هذه القدرة على التلون الفني تعود إلى خلفيته المتعددة بين الموسيقى والتمثيل، وكذلك إلى قراءته المستمرة وتواصله القوي مع المخرجين والكتاب. كما شارك في دبلجة عدد من المسلسلات العالمية، حيث أدى أصواتًا مؤثرة مثل شخصية “غوندغدو” في “قيامة أرطغرل”، وهو ما أضاف له بعدًا صوتيًا فنيًا يعزز من أدواته التعبيرية.
ليث المفتي في السينما والمسرح
إلى جانب نشاطه التلفزيوني، شارك ليث المفتي في العديد من العروض المسرحية مثل “يوميات مجنون” و”عشاء عيد ميلاد طويل” و”الريشة البيضاء”، والتي كشفت عن قدراته العالية في التفاعل مع النصوص الحية أمام الجمهور. كما شارك في أفلام سينمائية منها “رد القضاء” و”بتوقيت الشام”، حيث كانت له أدوار مؤثرة أثبتت براعته في تقديم الأداء الصامت والمعبر في الوقت ذاته.
ليث المفتي وحياته الشخصية
يعيش ليث المفتي حياة أسرية مستقرة، وهو متزوج من السيدة زينة، وله منها طفلان هما لارا وأوس. ورغم حصوله على الجنسية السويدية، إلا أنه فضّل البقاء في سوريا، معتبرًا أن وجوده هناك هو جزء من رسالته الفنية. كثيرًا ما يعبّر عبر منصاته على وسائل التواصل الاجتماعي عن حنينه لأسرته أثناء غيابه في التصوير، وعن تعلقه بوطنه. هذا الارتباط الإنساني يعكس طبيعة شخصيته المتواضعة والمحبة للحياة.
ليث المفتي وأثره في جيل جديد من الممثلين
يمثل ليث المفتي مصدر إلهام للعديد من الممثلين الشباب في سوريا، حيث يتابعونه كنموذج للفنان الجاد الذي يتقن أدواته ويحترم جمهوره. يشارك في ورشات تدريبية ودورات تمثيل، ويحرص على تقديم النصح والإرشاد للوجوه الجديدة، مما يرسّخ حضوره ليس فقط كممثل بل كمُعلم أيضًا.