تُعد إريتريا من الدول التي تحمل أهمية جيواستراتيجية كبيرة في شرق القارة الإفريقية، نظرًا لموقعها الفريد على ساحل البحر الأحمر وامتدادها الطبيعي بين المناطق الجبلية والصحراوية والساحلية. وعلى الرغم من صغر مساحتها مقارنةً بدول أخرى في القارة، إلا أن ما تتميز به من تنوع جغرافي وبيئي يجعلها محط اهتمام للباحثين والمحللين، بالإضافة إلى كونها ذات أهمية اقتصادية وسياسية كبرى في محيطها الإقليمي.
أقسام المقال
المساحة الإجمالية وتوزيعها الجغرافي
تبلغ مساحة إريتريا الإجمالية نحو 117,600 كيلومتر مربع، منها ما يقرب من 101,000 كيلومتر مربع يابسة، وما تبقى عبارة عن مسطحات مائية تشمل سواحلها وجزرها. وتُطل البلاد على البحر الأحمر بساحل يصل طوله إلى أكثر من 2,200 كيلومتر، يجعلها في موقع محوري لمراقبة ممرات التجارة البحرية بين أوروبا وآسيا.
الجزر الإريترية
تضم إريتريا أكثر من 350 جزيرة موزعة على طول ساحلها الشرقي، وأشهرها أرخبيل دهلك الذي يُعد من أبرز المعالم الطبيعية والسياحية في البلاد. وتتميز هذه الجزر بتنوعها البيئي وثرائها بالثروات البحرية، بالإضافة إلى أهميتها في تعزيز السيطرة البحرية لإريتريا.
التضاريس: من الهضاب إلى السواحل
تمتاز إريتريا بتضاريس متنوعة، إذ تنتشر في وسطها الهضاب المرتفعة التي تتراوح ارتفاعاتها ما بين 1,800 إلى 3,000 متر فوق سطح البحر، ويُعد جبل سويرا أعلى نقطة فيها بارتفاع 3,018 مترًا. كما تمتد السهول الساحلية الحارة شرقًا حتى تلامس مياه البحر الأحمر، في حين تنحدر جنوبًا لتلتقي بمرتفعات إثيوبيا وشمال السودان.
المناخ وتوزيعه حسب المناطق
ينقسم المناخ في إريتريا إلى ثلاثة أنماط رئيسية: مناخ صحراوي في المناطق الساحلية، ومناخ معتدل نسبيًا في الهضاب، ومناخ شبه جاف في المناطق الغربية. وتساهم هذه الأنماط في تنوع الغطاء النباتي، وتؤثر على النشاطات الاقتصادية كالرعي والزراعة والصيد.
التقسيم الإداري والسكاني
تنقسم إريتريا إداريًا إلى ست مناطق رئيسية، تشمل كل واحدة منها عددًا من المدن والقرى والبلدات. وتُعد العاصمة أسمرة من أكبر المدن وأكثرها اكتظاظًا بالسكان، وتتمتع بموقع مرتفع يوفّر لها مناخًا مريحًا مقارنة بالمناطق الأخرى. وتتنوع الكثافة السكانية من منطقة إلى أخرى حسب توفر الموارد والخدمات والبنية التحتية.
الموارد الطبيعية وأثرها على استخدام الأراضي
تلعب الموارد الطبيعية دورًا كبيرًا في تشكيل خريطة استخدام الأراضي في إريتريا. فالمناطق التي تحتوي على مناجم الذهب والنحاس مثل بيشا تتجه نحو الأنشطة التعدينية، بينما تنتشر الزراعة التقليدية في مناطق المرتفعات، في حين تُستغل السواحل في أنشطة الصيد وتربية الأحياء المائية.
أهمية الموقع الجغرافي الاستراتيجية
الموقع الجغرافي لإريتريا يمنحها دورًا محوريًا في المعادلات الإقليمية، خصوصًا بوقوعها على أحد أهم المعابر البحرية الدولية. كما يمنحها حدودها مع دول متنازعة أو ذات ثقل إقليمي، مثل إثيوبيا والسودان، أهمية عسكرية وسياسية كبرى.
التحديات الجغرافية
رغم المزايا الجغرافية، تواجه إريتريا عددًا من التحديات، مثل التصحر في المناطق الساحلية والشرقية، وقلة المياه الصالحة للشرب في بعض المناطق النائية، وضعف استغلال الأراضي الزراعية رغم وفرة الأراضي الخصبة نسبيًا في بعض الهضاب.
خاتمة
إريتريا ليست مجرد دولة صغيرة في القرن الأفريقي، بل هي أرض تحمل في طياتها تباينًا جغرافيًا ومناخيًا يمنحها تميزًا نادرًا. وتُظهر دراستها الجغرافية كيف أن المساحة قد لا تكون المعيار الوحيد لتقييم أهمية الدول، إذ أن الموقع والتنوع البيئي والموارد الطبيعية تلعب دورًا أعظم بكثير في بناء النفوذ والمكانة الإقليمية.