يُعد المغرب بلدًا ذا غالبية مسلمة، لكنه يتميز أيضًا بالتعددية الدينية التي تجذرت عبر تاريخه الطويل. وعلى الرغم من أن الإسلام هو الدين السائد، فقد عاش اليهود والمسيحيون في المغرب منذ قرون، ما جعل المملكة نموذجًا للتسامح والتعايش بين الأديان. كما ينص الدستور المغربي على أن الإسلام هو الدين الرسمي للدولة، مع ضمان حرية ممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين. هذه الخصوصية جعلت من المغرب بيئة فريدة تعكس تلاقحًا ثقافيًا وروحيًا.
أقسام المقال
الإسلام كدين الغالبية
يشكل المسلمون النسبة الساحقة من السكان في المغرب، وينتمون في الغالب إلى المذهب المالكي، أحد المذاهب الأربعة في الفقه الإسلامي السني. ويتبع المغاربة العقيدة الأشعرية في العقيدة، والتصوف السني المعتدل في الجانب الروحي، ما يُكوِّن ما يُعرف بـ”الثوابت الدينية المغربية”. وتُشرف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية على تنظيم الحياة الدينية، وتكوين الأئمة، وتسيير المساجد، وإصدار الخطب الموحدة.
الوجود اليهودي التاريخي
يُعتبر اليهود من أقدم المكونات الدينية في المغرب، حيث يعود وجودهم إلى عصور ما قبل الإسلام. وقد عاش اليهود المغاربة في مختلف مناطق البلاد، وأسهموا في الحياة الاقتصادية والثقافية. رغم هجرة أغلبهم إلى إسرائيل وأوروبا بعد سنة 1948، لا تزال هناك جاليات يهودية صغيرة تقيم في مدن كالصويرة والدار البيضاء، ويُسمح لهم بممارسة شعائرهم، كما تُرمم المعابد والمقابر اليهودية ضمن جهود الحفاظ على التراث.
المسيحية في المغرب
يوجد عدد محدود من المسيحيين في المغرب، غالبيتهم من الأجانب المقيمين، خاصة من أوروبا وأمريكا، إضافة إلى بعض المواطنين المغاربة الذين تحولوا للمسيحية. وتُقام الشعائر المسيحية بحرية في الكنائس المرخصة، خاصة في المدن الكبرى مثل الرباط، والدار البيضاء، ومراكش. وتُمارَس المسيحية أساسًا داخل الجاليات الأجنبية دون نشاط تبشيري علني، وذلك احترامًا للقوانين المحلية.
التعايش الديني
يفتخر المغرب بتقاليده في التعايش بين الأديان، حيث تُنظم فعاليات ومؤتمرات للحوار بين الأديان تحت رعاية ملكية، ويتم تشجيع قيم الاحترام والتسامح. ويُدرَّس تاريخ الأديان ضمن المناهج التعليمية، مع التركيز على المشتركات الإنسانية. كما أن المجتمع المغربي، بطبيعته، يميل إلى الاعتدال ونبذ التعصب، ما يعزز من أجواء السلم والتعايش.
الطوائف والمذاهب الأخرى
لا يُسجل وجود واسع لطوائف دينية كالبوذية أو الهندوسية في المغرب، ولكن هناك عدد محدود من الأجانب الذين يعتنقون ديانات مختلفة. كما لا تنتشر الطوائف الإسلامية الأخرى مثل الشيعة بشكل مؤثر، نظرًا لطبيعة البنية الدينية الرسمية التي تُؤطرها إمارة المؤمنين، والتي تضمن وحدة المذهب والممارسة.
الحرية الدينية في القوانين
يضمن الدستور المغربي حرية المعتقد، ويُمنح غير المسلمين حرية ممارسة شعائرهم دون مضايقة، شريطة احترام النظام العام. ومع ذلك، هناك قوانين تُجرّم التبشير وتحظر زعزعة عقيدة المسلم، وهو ما يُفسر حرص الدولة على حماية الهوية الدينية للمجتمع، مع توفير مساحة محددة للخصوصيات الفردية.
التراث الديني في المغرب
يزخر المغرب بتراث ديني غني يشمل المساجد الكبرى، والزوايا الصوفية، والمكتبات الإسلامية، والمآثر اليهودية والمسيحية. ويُشجع على السياحة الدينية والثقافية، حيث يُقبل الزوار على زيارة مقامات الأولياء، والمعابد، والمواقع التاريخية ذات الطابع الروحي. كما تُوثَّق التقاليد الدينية في المتاحف والمخطوطات التي تُحفظ بعناية.