الدين الرسمي في المغرب

ينص الدستور المغربي بشكل صريح على أن الإسلام هو الدين الرسمي للدولة، ويُعد هذا النص من الركائز الأساسية التي تُحدد هوية المملكة. ويُمثل هذا الإقرار إطارًا قانونيًا وسياسيًا يُنظم العلاقة بين الدين والدولة، ويُعطي للملك صفة “أمير المؤمنين” وهو ما يمنحه سلطة دينية وروحية تُضاف إلى صلاحياته السياسية. ورغم هذا الطابع الرسمي، فإن المغرب يُراعي التعددية الدينية ويُقر بحرية ممارسة الشعائر لغير المسلمين وفقًا للقوانين الجاري بها العمل.

مفهوم إمارة المؤمنين

تُعد “إمارة المؤمنين” مؤسسة دينية ودستورية مغربية فريدة، حيث يتولى الملك مسؤولية حماية الدين الإسلامي، ووحدة المذهب، وتنظيم الشأن الديني. وهذا المفهوم يُعتبر امتدادًا تاريخيًا للخلافة الإسلامية، لكنه تطور في السياق المغربي ليُصبح رمزًا للتماسك الديني والسياسي. وتُمكِّن هذه الصفة الملك من التأطير الديني وتعيين الأئمة، والموافقة على الفتاوى، وتوجيه الخطاب الديني الرسمي.

السياسة الدينية الرسمية

ترتكز السياسة الدينية في المغرب على مرجعية موحدة تتجلى في المذهب المالكي، والعقيدة الأشعرية، والتصوف السني. ويُشرف عليها المجلس العلمي الأعلى، تحت سلطة أمير المؤمنين. وتُعد هذه السياسة استباقية ووقائية، تهدف إلى محاربة التطرف، وترسيخ الاعتدال، ونشر قيم التسامح والانفتاح داخل المجتمع. كما يتم تكوين الأئمة والوعاظ ضمن منظومة متكاملة تشرف عليها وزارة الأوقاف.

دور وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية

تضطلع الوزارة بتسيير شؤون المساجد، وتكوين الأطر الدينية، وتنظيم شؤون الحج، ومراقبة الكتب والمطبوعات الدينية، وتمويل الأنشطة الدعوية. كما تعمل على ترسيخ المرجعية الدينية الموحدة، وتنفيذ برامج التوعية الدينية، والمشاركة في الحملات الاجتماعية ذات البعد الأخلاقي. وتُعد الوزارة الذراع التنفيذي لإمارة المؤمنين في المجال الديني.

الدين والدستور المغربي

ينص الدستور في فصله الثالث على أن الإسلام هو دين الدولة، مع احترام الدولة لحرية ممارسة الشؤون الدينية لجميع المواطنين، وهو ما يُكرس توازنًا دقيقًا بين الهوية الدينية للدولة واحترام التعددية. وتُعد القوانين المستمدة من الشريعة إطارًا مرجعيًا في مجالات الأحوال الشخصية، كالزواج، والطلاق، والميراث، في حين تخضع القوانين الأخرى للمعايير الوضعية الحديثة.

التعليم الديني والإعلام

يُدرج التعليم الديني ضمن المناهج الدراسية الرسمية، حيث يُدرس القرآن الكريم، والحديث، والسيرة، والفقه، بما يتماشى مع المرجعية الوطنية. كما تخصص قنوات رسمية برامج دينية تبث الخطب، وتُناقش قضايا دينية واجتماعية. وتُوجه وسائل الإعلام إلى تعزيز الاعتدال، وتقديم صورة معتدلة عن الإسلام المغربي.

موقف الدولة من التعدد الديني

رغم كون الإسلام هو الدين الرسمي، إلا أن الدولة المغربية تحترم وجود ديانات أخرى، وتسمح لليهود والمسيحيين بممارسة شعائرهم بحرية ضمن قوانين واضحة. ولا يُسمح بالتبشير أو التحريض على تغيير الدين، في سياق الحفاظ على الانسجام الديني والوحدة الوطنية. ويُشكل هذا التوازن بين الهوية الإسلامية والتعددية نموذجًا فريدًا في المنطقة.

البُعد الروحي والدبلوماسية الدينية

يُوظف المغرب دينه الرسمي في تعزيز علاقاته الخارجية، خصوصًا مع الدول الإفريقية ذات الأغلبية المسلمة. إذ يُقدم المغرب الدعم في تكوين الأئمة، وتطوير المناهج الدينية، ومكافحة الفكر المتشدد، من خلال ما يُعرف بـ”الدبلوماسية الدينية”. ويُشكل ذلك امتدادًا طبيعيًا لإمارة المؤمنين ودورها الإقليمي والدولي في إشاعة الإسلام المعتدل.