الرواتب في الأردن

تشكل الرواتب في الأردن محورًا أساسيًا في النقاشات الاقتصادية والاجتماعية، لما لها من تأثير مباشر على مستوى رفاهية الأفراد واستقرارهم المالي. ومع دخول عام 2025، تتزايد الحاجة إلى الوقوف على واقع الأجور في الأردن، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية المتنامية مثل التضخم، وارتفاع أسعار المعيشة، وتفاوت الفرص بين المناطق الجغرافية. يستعرض هذا المقال أبرز ملامح الرواتب في الأردن وفقًا لأحدث البيانات والإحصاءات، مع تسليط الضوء على الفروقات بين القطاعات والمهن، وتأثير التعليم والخبرة، بالإضافة إلى أبرز التحديات المستقبلية.

متوسط الرواتب في الأردن

تشير الأرقام الحديثة إلى أن متوسط الدخل الشهري في الأردن يبلغ نحو 2,183 دينارًا أردنيًا، أي ما يعادل 26,193 دينارًا سنويًا. غير أن هذه الأرقام لا تعكس الصورة الكاملة، إذ أن الدخل الأكثر شيوعًا بين العاملين هو أقل بكثير، ويبلغ 12,059 دينارًا سنويًا، مما يكشف عن تفاوت ملحوظ في الأجور. هذا التفاوت يرجع إلى عوامل عدة، أبرزها التوزيع غير العادل للوظائف ذات الأجور المرتفعة، وتركز فرص العمل ذات الأجور الجيدة في العاصمة عمّان، مقارنة بالمحافظات الأخرى التي تعاني من تدني مستويات الأجور.

الحد الأدنى للأجور في الأردن

أعلنت الحكومة الأردنية عن رفع الحد الأدنى للأجور ليبلغ 290 دينارًا شهريًا، ابتداءً من بداية عام 2025، كخطوة لدعم أصحاب الدخول المتدنية. ويُطبّق هذا القرار على كافة العاملين الخاضعين لقانون العمل الأردني، باستثناء العاملين في المنازل من غير الأردنيين، وهو ما أثار بعض الانتقادات الحقوقية. ويهدف هذا التعديل إلى تعزيز القدرة الشرائية للمواطنين ومواكبة الزيادة المستمرة في أسعار المواد الأساسية والخدمات. ومع ذلك، لا تزال هذه القيمة غير كافية لتغطية التكاليف الشهرية لعائلة مكونة من أربعة أفراد، والتي تقدر بنحو 600 دينار على الأقل.

الفروقات بين القطاعين العام والخاص

القطاع العام في الأردن لا يزال يشكل ملاذًا للباحثين عن الاستقرار الوظيفي، رغم أن متوسط الرواتب فيه لا يتجاوز 17,716 دينارًا سنويًا. أما القطاع الخاص، فيُظهر تباينًا أكبر في الرواتب، حيث ترتفع الأجور في بعض القطاعات مثل الطيران، تكنولوجيا المعلومات، والخدمات اللوجستية. وفي المقابل، تتدنى رواتب العاملين في قطاعات مثل الزراعة، وبعض فروع التصنيع، مما يزيد من التفاوت الطبقي ويؤثر سلبًا على العدالة الاجتماعية. كما تبرز فجوة واضحة بين الرواتب في الشركات المحلية مقارنة بالشركات متعددة الجنسيات التي توفر حزمًا مالية أعلى وحوافز إضافية.

تأثير التعليم والخبرة على الرواتب

يرتبط مستوى الأجر في الأردن بشكل وثيق بالمستوى التعليمي وعدد سنوات الخبرة. فالأفراد الحاصلون على شهادات الدكتوراه يتقاضون في المتوسط ما يصل إلى 39,868 دينارًا سنويًا، بينما يحصل الحاصلون على الماجستير على نحو 29,000 دينار. ويبلغ متوسط دخل حملة البكالوريوس حوالي 24,000 دينار سنويًا، في حين أن أصحاب الشهادات الثانوية وما دون غالبًا ما يكتفون برواتب لا تتجاوز 10,000 دينار سنويًا. الخبرة أيضًا تلعب دورًا حيويًا، فالعاملون بخبرة تتراوح بين 5 و10 سنوات يحصلون على زيادات تصل إلى 36% مقارنة بزملائهم الجدد.

الرواتب حسب المهن المختلفة

تشهد بعض المهن في الأردن رواتب مرتفعة نظرًا لطبيعتها المتخصصة أو لمستوى الطلب العالي عليها. فعلى سبيل المثال، يتقاضى الأطباء في تخصصات مثل الجراحة وأمراض القلب رواتب تتجاوز 1,500 دينار شهريًا، بينما تتراوح رواتب الممرضين بين 287 و410 دينار. في المجال التعليمي، يبلغ متوسط دخل المعلمين في المدارس الحكومية حوالي 500 دينار شهريًا، بينما قد يرتفع هذا الرقم في المدارس الخاصة الدولية. أما في قطاع تكنولوجيا المعلومات، فتبدأ رواتب المبرمجين من 800 دينار، وتصل إلى أكثر من 2,000 دينار شهريًا للخبراء ومديري المشاريع.

تفاوت الرواتب بين الجنسين

رغم التقدم في تمكين المرأة في الأردن، لا تزال الفجوة بين رواتب الذكور والإناث قائمة. تشير الإحصائيات إلى أن متوسط دخل الذكور السنوي يبلغ 28,943 دينار، مقارنة بـ19,579 دينار للإناث، وهو ما يعكس فجوة تقدر بحوالي 32%. تعود هذه الفجوة جزئيًا إلى انخفاض تمثيل النساء في المناصب الإدارية العليا، وكذلك إلى قلة مشاركتهن في بعض القطاعات الأعلى أجرًا مثل تكنولوجيا المعلومات والمالية. التحول نحو بيئة عمل أكثر عدالة يتطلب مراجعة السياسات الداخلية في المؤسسات، وتعزيز برامج التمكين والتدريب للنساء.

التحديات والفرص المستقبلية

تتمثل أبرز التحديات التي تواجه سوق العمل الأردني في معدلات البطالة المرتفعة، والتفاوت الإقليمي في فرص العمل، وضعف الحوافز في بعض القطاعات. ومع ذلك، فإن فرص التحسين لا تزال متاحة، خصوصًا مع توسع الاقتصاد الرقمي، وزيادة الاستثمارات في قطاعات ناشئة مثل الطاقة المتجددة والتكنولوجيا المالية. تشير المؤشرات إلى أن التركيز على التدريب المهني والتعليم التقني يمكن أن يعزز من فرص العمل، ويرفع من متوسط الدخل القومي للفرد. كما أن تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص من شأنه تحسين بيئة العمل ورفع مستويات الرواتب.