العمل في سلطنة عمان

تُعد سلطنة عمان إحدى الدول الخليجية التي استطاعت خلال السنوات الأخيرة أن تخلق بيئة عمل جذابة لكل من المواطنين والمقيمين على حد سواء، بفضل السياسات الاقتصادية المستقرة والرؤية التنموية الطموحة التي توازن بين التعمين والانفتاح على الكفاءات الأجنبية. ومع بروز توجهات الحكومة في تحقيق أهداف رؤية “عمان 2040″، أصبح سوق العمل يشهد تطورًا متسارعًا وتوسعًا ملحوظًا في عدد من القطاعات الحيوية، الأمر الذي يعزز من فرص التوظيف ويشجع الباحثين عن الاستقرار المهني على التوجه نحو السلطنة.

سوق العمل في سلطنة عمان: نظرة عامة

يعتمد سوق العمل العماني بشكل كبير على المبادرات الحكومية الرامية إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط، حيث تشهد القطاعات غير النفطية مثل الصناعة، التكنولوجيا، السياحة، والخدمات المالية نموًا ملحوظًا. في عام 2025، ازدادت وتيرة التحول الرقمي في القطاعات الحكومية والخاصة، ما أدى إلى ظهور وظائف جديدة تتطلب مهارات تقنية متقدمة. كما أن الحكومة تسعى إلى بناء كوادر عمانية مؤهلة قادرة على منافسة القوى العاملة الأجنبية من خلال برامج التدريب المكثفة والدعم المالي للمشاريع الناشئة.

المهن المطلوبة في سلطنة عمان

يتميز سوق العمل العماني بتنوع في المهن المطلوبة، حيث توجد حاجة ملحة إلى تخصصات محددة، خاصة في ظل التوجه نحو الاقتصاد القائم على المعرفة. تشمل أبرز التخصصات المطلوبة:

  • الهندسة: لا سيما في قطاعات الطاقة المتجددة، البنية التحتية، والنقل.
  • تكنولوجيا المعلومات: وظائف البرمجة، تطوير التطبيقات، تحليل البيانات، وإدارة الشبكات.
  • القطاع الصحي: الأطباء، الممرضون، أخصائيو العلاج الطبيعي، والفنيون.
  • التعليم: خصوصًا المعلمون في المواد العلمية واللغات والبرمجة.
  • الضيافة والسياحة: مع توجه السلطنة لتوسيع القطاع السياحي، يزداد الطلب على الطهاة، الموظفين الإداريين في الفنادق، والمنظمين السياحيين.
  • الوظائف القانونية والاستشارية: بسبب الحاجة إلى ضبط بيئة العمل وتحسين بيئة الاستثمار.

الرواتب والمزايا في سلطنة عمان

الرواتب في سلطنة عمان تُعد تنافسية مقارنة بدول الجوار، ويزيد من جاذبيتها غياب الضرائب على الدخل. كما أن الشركات الكبرى تقدم باقات مزايا جذابة تشمل:

  • تأمين صحي شامل للعامل وعائلته.
  • سكن مجاني أو بدل سكن.
  • بدل مواصلات أو توفير مركبة.
  • تذاكر سفر سنوية.
  • برامج تدريب وتطوير مهني على نفقة الشركة.

أما الرواتب الشهرية فتختلف حسب المؤهل والخبرة، فمثلاً المهندسون قد يتقاضون ما بين 1,500 إلى 3,000 ريال عماني، في حين تصل رواتب المتخصصين في تكنولوجيا المعلومات إلى 2,500 ريال عماني في بعض الحالات.

التشريعات العمالية في سلطنة عمان

تولي الحكومة العمانية اهتمامًا كبيرًا بتنظيم العلاقة بين العامل وصاحب العمل، وهو ما تُرجم في قانون العمل الجديد رقم 53/2023 الذي دخل حيّز التنفيذ في 2025. أبرز مواد هذا القانون:

  • ضمان عقد عمل مكتوب يوضح كافة الشروط.
  • منع احتجاز جوازات السفر أو إجبار العامل على العمل دون أجر.
  • تحديد ساعات العمل الأسبوعية بحد أقصى 45 ساعة.
  • إجازات سنوية مدفوعة لا تقل عن 30 يومًا.
  • الحق في مكافأة نهاية الخدمة وفق سنوات العمل.

كذلك يتم تنظيم العمل الجزئي والعمل عن بعد بشكل واضح لتشجيع فرص مرنة، مما يناسب الفئات الشبابية والنساء على وجه الخصوص.

فرص العمل للمواطنين والمقيمين

تُوازن الحكومة العمانية بين تمكين الكفاءات الوطنية عبر برامج التعمين، واستقطاب الخبرات الأجنبية في القطاعات المتخصصة. في عام 2025، تجاوز عدد الفرص الوظيفية المطروحة في القطاع الخاص 30,000 وظيفة، كما أطلقت الدولة برنامج “إعداد” الذي يستهدف تدريب 15,000 شاب عماني على المهارات المطلوبة لسوق العمل.

أما بالنسبة للمقيمين، فإنهم لا يزالون يشغلون أدوارًا محورية في بعض القطاعات التقنية والطبية، شريطة الالتزام بالحصول على تأشيرات عمل صالحة والتسجيل في وزارة العمل.

كيفية البحث عن عمل في سلطنة عمان

للعثور على وظيفة مناسبة في سلطنة عمان، يُفضل اتباع استراتيجيات متعددة، منها:

  • استخدام منصات التوظيف مثل LinkedIn، بيت.كوم، وظفني، وجلف تالنت.
  • متابعة الإعلانات الرسمية في الصحف العمانية مثل “عمان” و”الرؤية”.
  • التقديم مباشرة في مواقع الشركات الكبرى كمجموعة أسياد، عمانتل، وبنك مسقط.
  • الاشتراك في برامج التوظيف الحكومية التي تُطلقها وزارة العمل بشكل موسمي.
  • المشاركة في المعارض الوظيفية التي تُقام في الجامعات ومراكز التدريب المهني.

تأشيرات العمل وإجراءات الإقامة

من المهم أن يلتزم الوافدون الراغبون في العمل بالحصول على تأشيرة عمل عبر كفالة الشركة العمانية، حيث تتطلب الإجراءات:

  • عقد عمل مصدّق من الجهة المعنية.
  • فحص طبي شامل.
  • تصديق الشهادات التعليمية من الجهات المختصة.
  • إصدار بطاقة مقيم وتجديدها سنويًا.

كما يُمنع العمل لحساب النفس إلا بالحصول على ترخيص مسبق ضمن فئة العمل الحر أو المشاريع الصغيرة.

التحديات والفرص المستقبلية

لا يخلو سوق العمل العماني من التحديات، مثل الحاجة إلى تطوير المهارات الرقمية لدى المواطنين، وضمان التوزيع الجغرافي العادل للفرص، وتقليل الاعتماد على بعض المهن الوافدة.

لكن بالمقابل، تُبشر الاستثمارات الضخمة في الموانئ والمناطق الحرة، وخطط التحول الرقمي، ونمو قطاع السياحة، بفرص مستقبلية واعدة لكل من يرغب ببناء مسيرة مهنية مستقرة ومثمرة في السلطنة.