اللجوء في الإمارات العربية المتحدة

في عالم تمزقه الحروب والنزاعات، تُعد قضية اللجوء من أبرز القضايا الإنسانية الراهنة التي تشغل المجتمع الدولي. وبينما تتفاوت سياسات الدول تجاه اللاجئين، برزت دولة الإمارات العربية المتحدة كلاعب مهم في الحقل الإنساني، وإن كان نهجها مختلفًا عن باقي الدول الموقعة على اتفاقية 1951 الخاصة بوضع اللاجئين. فرغم عدم انضمام الإمارات العربية المتحدة إلى الاتفاقية، فإنها تتعامل مع قضايا اللجوء بطريقة إنسانية ومرنة في بعض الحالات، معتمدة على التعاون مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وبعض الجهات الخيرية داخل الدولة.

الإطار القانوني للجوء في الإمارات العربية المتحدة

لا تملك دولة الإمارات العربية المتحدة قانونًا وطنيًا خاصًا باللاجئين، كما أنها ليست طرفًا في الاتفاقية الدولية الخاصة بوضع اللاجئين لعام 1951 أو بروتوكولها لعام 1967. ومع ذلك، فهي تتعامل مع الحالات الإنسانية بشكل فردي، وتُقيَّم كل حالة على حدة من خلال الشراكة مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وهذا ما يجعل عملية اللجوء في الإمارات العربية المتحدة تختلف كليًا عن مثيلاتها في أوروبا أو كندا أو بعض الدول المجاورة.

إجراءات تقديم طلب اللجوء في الإمارات العربية المتحدة

ينبغي على الراغبين في التقدم بطلب لجوء داخل دولة الإمارات العربية المتحدة التواصل أولًا مع مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والذي يتخذ من أبوظبي مقرًا له. لا يمكن تقديم الطلب مباشرة للسلطات الإماراتية، بل يتم عبر المقابلات الفردية مع المفوضية، والتي تقوم بتقييم الوضع القانوني والإنساني للطالب. يُطلب من المتقدمين تقديم مستندات الهوية، جواز السفر إن وُجد، وأي إثباتات على وجود خطر في بلدهم الأصلي. قد يستغرق الرد عدة أشهر، ويكون القرار النهائي إما بقبول الملف ومنح حماية مؤقتة أو توجيه اللاجئ نحو حلول بديلة.

أعداد اللاجئين وجنسياتهم في الإمارات العربية المتحدة

وفقًا لبيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين حتى عام 2023، بلغ عدد اللاجئين المسجلين في دولة الإمارات العربية المتحدة نحو 1,416 لاجئًا، بزيادة طفيفة مقارنة بعام 2022. إضافة إلى ذلك، يقيم في الدولة قرابة 2,500 طالب لجوء، ما يجعل العدد الإجمالي للأشخاص قيد الحماية أو في انتظار القرار أكثر من 3,900 شخص. وتأتي غالبية هؤلاء من دول تعاني من أزمات مستمرة، على رأسها سوريا واليمن والعراق والسودان وأفغانستان.

هل يوجد لاجئون إماراتيون؟

لا توجد تقارير أو إحصائيات رسمية أو غير رسمية تُشير إلى وجود لاجئين إماراتيين في الخارج. دولة الإمارات العربية المتحدة تُعد من أكثر الدول استقرارًا سياسيًا وأمنيًا، ولا توجد فيها دوافع تؤدي إلى اللجوء السياسي أو الإنساني خارجها. وإن وُجدت حالات فردية نادرة، فإنها تكون غالبًا مرتبطة باعتبارات قانونية أو خلافات خاصة، ولا تمثل ظاهرة أو تيارًا عامًا.

التحديات التي تواجه طالبي اللجوء في الإمارات العربية المتحدة

رغم الطابع الإنساني في تعامل الإمارات العربية المتحدة مع بعض ملفات اللجوء، إلا أن الطريق أمام طالب اللجوء مليء بالصعوبات. فغياب قانون وطني واضح ينظّم اللجوء يترك اللاجئين في حالة من الضبابية القانونية. كما أن الإجراءات بطيئة، والدعم المالي والاجتماعي محدود نسبيًا. وتُعد إمكانية الحصول على فرصة عمل، أو تعليم نظامي للأطفال، من التحديات الكبرى، نظرًا لأن إقامة اللاجئين تكون غالبًا مؤقتة وغير قابلة للتحويل لإقامة عمل.

الدعم الإنساني المقدم داخل الإمارات

رغم التحديات القانونية، تلعب الإمارات العربية المتحدة دورًا بارزًا في العمل الإنساني على الصعيد الدولي، وتُسجَّل لها مساهمات سخية في دعم قضايا اللاجئين عالميًا، لا سيما في سوريا واليمن وفلسطين. وداخل الدولة، تقدم المفوضية السامية للأمم المتحدة وبعض المؤسسات الإماراتية مثل الهلال الأحمر، الدعم الأساسي للاجئين، من حيث السكن المؤقت والرعاية الصحية والمساعدات الغذائية، إضافة إلى الدعم النفسي والاجتماعي.

اللجوء مقابل الهجرة الإنسانية في الإمارات

من المهم التفرقة بين مفهوم اللجوء، الذي يرتبط بالفرار من الاضطهاد والخطر، وبين الهجرة الإنسانية التي تُمنح لأشخاص يعانون من ظروف اقتصادية أو اجتماعية صعبة. الإمارات العربية المتحدة تعتمد في تعاملها غالبًا على منح إقامات إنسانية مؤقتة لبعض الجنسيات المتأثرة، مثل السوريين أو الفلسطينيين، دون منحهم صفة لاجئ كاملة، وهذا التوجه يندرج ضمن رؤيتها في إدارة ملفات الهجرة لأسباب غير سياسية.

الفرص المتاحة لتحسين واقع اللجوء في الإمارات

إذا رغبت الإمارات العربية المتحدة في تطوير منظومتها للتعامل مع قضايا اللجوء، فإنها قد تنظر في وضع إطار قانوني خاص ينظم هذه المسألة بما يضمن الحقوق الأساسية لطالبي اللجوء، مثل التعليم، والرعاية الصحية، وحرية التنقل. كذلك فإن تعزيز الشراكة مع منظمات دولية وتطوير منظومة إيواء مؤقت تليق بكرامة الإنسان، قد تُشكل خطوة مهمة في جعل الإمارات بيئة أكثر شمولًا للنازحين والمحتاجين.

خاتمة

اللجوء في دولة الإمارات العربية المتحدة ليس بسيطًا، ولكنه قائم ضمن ضوابط إنسانية وإجراءات خاصة. ومع تزايد الأزمات الإنسانية عالميًا، تبرز الحاجة لتطوير آليات الاستجابة لهذا الملف بما يوازن بين حماية أمن الدولة وتلبية الالتزامات الأخلاقية تجاه الإنسان المتضرر. إن التجربة الإماراتية قد تُلهم نماذج جديدة في التعاطي مع قضايا اللجوء من منظور غير تقليدي، يجمع بين السيادة والدعم الإنساني.