تُعد زامبيا واحدة من أبرز الدول الإفريقية التي فتحت أبوابها أمام اللاجئين على مدار العقود الماضية. بفضل موقعها الجغرافي الذي يتوسط القارة، أصبحت ملاذًا للعديد من الفارين من النزاعات في بلدان الجوار مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية، أنغولا، وبوروندي. تتبنى زامبيا سياسة إنسانية تحترم المواثيق الدولية، وتسعى إلى خلق بيئة حاضنة للاجئين عبر التمكين والدمج المجتمعي. ومع ذلك، فإن هذا النهج يواجه صعوبات واقعية تتعلق بالبنية التحتية والموارد المحدودة. في هذا المقال نستعرض تفاصيل شاملة حول تجربة اللجوء في زامبيا من مختلف الجوانب.
أقسام المقال
- الإطار القانوني للجوء في زامبيا وأهم التحسينات
- السياسة الوطنية للاجئين: تحول استراتيجي في زامبيا
- الخطوات العملية لتقديم طلب اللجوء في زامبيا
- معسكرات اللجوء في زامبيا: نموذج ميكيني ومايبانغا
- التعليم للاجئين في زامبيا: فرص وتحديات
- الوضع الاقتصادي للاجئين في زامبيا
- الدعم الإنساني والشراكات الدولية
- التعايش بين اللاجئين والمجتمع المحلي
- رؤية مستقبلية لملف اللجوء في زامبيا
- خاتمة
الإطار القانوني للجوء في زامبيا وأهم التحسينات
يُنظَّم وضع اللاجئين في زامبيا بموجب قانون اللاجئين المُعدَّل لعام 2017، والذي حل محل التشريع السابق لعام 1970. هذا القانون يُمثل تقدمًا تشريعيًا ملحوظًا، حيث يتماشى مع التزامات زامبيا الدولية مثل اتفاقية الأمم المتحدة للاجئين، واتفاقية منظمة الوحدة الإفريقية لعام 1969. من أبرز ما جاء في القانون الجديد الاعتراف باللاجئين المُعترف بهم جماعيًا، ومنحهم تصاريح إقامة، وحرية التنقل والعمل بشروط، مما يُشكّل نقلة نوعية في مسار حماية اللاجئين.
السياسة الوطنية للاجئين: تحول استراتيجي في زامبيا
أطلقت زامبيا أول سياسة وطنية للاجئين في عام 2024، بهدف تحسين إدارة اللجوء عبر إدماج اللاجئين في البرامج التنموية. تُعطي هذه السياسة أولوية للتعليم، وفرص كسب الرزق، والرعاية الصحية، وتمكين المرأة. من أبرز ملامح هذه السياسة إتاحة فرص العمل للاجئين ضمن القطاعات الزراعية والخدمية، مما يُساهم في دعم الاقتصاد المحلي ويُخفف العبء عن المساعدات الإنسانية.
الخطوات العملية لتقديم طلب اللجوء في زامبيا
يجب على طالبي اللجوء التوجه مباشرة إلى نقاط الهجرة أو مراكز التسجيل المعتمدة بعد دخول الأراضي الزامبية. بعد تعبئة استمارات الطلب، يُجرى تحقيق ميداني لتقييم ظروف المتقدم، وقد يُمنح إقامة مؤقتة لحين البت في الطلب. خلال هذه الفترة، تُمنح لطالبي اللجوء حقوقًا أساسية مثل السكن في المخيمات، والحصول على الغذاء والخدمات الصحية، إلى حين صدور القرار النهائي بشأن منحهم صفة لاجئ رسمي.
معسكرات اللجوء في زامبيا: نموذج ميكيني ومايبانغا
من أبرز مواقع اللجوء في زامبيا معسكرات “مايبا نغا” في شمال البلاد، و”ميكيني” على أطراف العاصمة لوساكا. تُوفر هذه المعسكرات بنية أساسية جيدة نسبيًا مقارنة ببعض الدول الأخرى، حيث تحتوي على مدارس ومراكز صحية، ومساحات زراعية صغيرة لتشجيع اللاجئين على الاكتفاء الذاتي. إلا أن الضغط السكاني المتزايد يُشكل تحديًا مستمرًا، ما يتطلب تدخلات دولية إضافية.
التعليم للاجئين في زامبيا: فرص وتحديات
يُعتبر التعليم من أبرز أولويات الحكومة الزامبية في تعاملها مع اللاجئين. فقد تم دمج العديد من أطفال اللاجئين في المدارس الحكومية، كما أن منظمات مثل اليونيسف والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين تُمول برامج دعم التعليم في معسكرات اللجوء. ورغم ذلك، لا تزال تحديات مثل نقص المعلمين، وضعف البنية التحتية التعليمية، ولغة التدريس (الإنجليزية) تُعيق التحصيل العلمي للأطفال القادمين من بيئات غير ناطقة بها.
الوضع الاقتصادي للاجئين في زامبيا
الاقتصاد المحلي في زامبيا لا يُعد قويًا بما يكفي لتحمل أعداد متزايدة من اللاجئين دون دعم دولي. ومع ذلك، يتمتع اللاجئون بحقوق عمل محدودة، وخصوصًا في القطاعات غير الرسمية. هناك برامج تمويل صغيرة تدعم المبادرات الذاتية مثل الزراعة وتربية الدواجن والحرف اليدوية، لكنها لا تكفي لتأمين استقرار مالي طويل الأجل. وتبقى الحاجة قائمة لفتح مجالات أوسع أمامهم داخل الاقتصاد الوطني.
الدعم الإنساني والشراكات الدولية
تلعب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين دورًا محوريًا في تنسيق الجهود الدولية في زامبيا. تُشارك منظمات غير حكومية مثل الصليب الأحمر، وجمعيات حقوق الإنسان المحلية في تقديم الغذاء والمأوى والدعم النفسي. كما أن هناك شراكات بين الحكومة الزامبية والجهات المانحة الأوروبية والأمريكية تهدف إلى تمويل مشاريع تنموية مشتركة تخدم اللاجئين والمجتمعات المستضيفة على حد سواء.
التعايش بين اللاجئين والمجتمع المحلي
رغم الفوارق الثقافية واللغوية، فإن العلاقة بين اللاجئين والمجتمعات المضيفة في زامبيا تتسم غالبًا بالتعايش السلمي. هناك مشاريع مجتمعية تُشجع على التفاعل الإيجابي، مثل الأنشطة الرياضية المشتركة، والمهرجانات الثقافية، والتدريب الحرفي التعاوني. ومع ذلك، لا تخلو الأمور من بعض التوترات أحيانًا، خاصةً في حالات التنافس على الموارد أو الوظائف.
رؤية مستقبلية لملف اللجوء في زامبيا
مستقبل اللجوء في زامبيا مرهون بالاستقرار الإقليمي والدعم الدولي المستمر. إذا استمرت السياسات الحالية وتوسعت الشراكات التنموية، يُمكن لزامبيا أن تتحول إلى نموذج رائد في إدارة اللجوء بطرق مستدامة. التحدي الأكبر يكمن في إيجاد توازن بين حماية اللاجئين وتعزيز الأمن القومي، وتلبية احتياجات السكان المحليين في الوقت نفسه.
خاتمة
تمثل تجربة زامبيا في مجال اللجوء نموذجًا غنيًا يجمع بين التحدي والفرصة. فمن خلال الالتزام القانوني والسياسي، والشراكات الإنسانية الفاعلة، وسعيها لدمج اللاجئين اقتصاديًا واجتماعيًا، تُقدم زامبيا دروسًا مهمة في كيفية إدارة أزمة اللجوء بعيدًا عن منطق الطوارئ وبعيدًا عن العزلة. ومع استمرار العمل على إزالة المعوقات، فإن هذا البلد الإفريقي يملك مقومات حقيقية ليكون بيئة حاضنة وآمنة للمضطهدين والنازحين من كل مكان.