المهن المطلوبة في الصومال

تمر الصومال بمرحلة تحول تنموي واعد يعيد تشكيل ملامح الاقتصاد الوطني وفرص العمل المتاحة. فرغم التحديات العديدة التي تواجهها البلاد، مثل التغيرات المناخية، وانعدام الاستقرار السياسي في بعض المناطق، إلا أن الصومال تشهد تحسنًا تدريجيًا في بيئتها الاقتصادية، خاصة مع زيادة الاستثمارات المحلية والدولية في القطاعات الحيوية. هذا الواقع الجديد يفرض نفسه بقوة على سوق العمل، حيث تنشأ مهن جديدة وتُبعث مهن تقليدية بروح عصرية لتلبية احتياجات التنمية. سنتناول في هذا المقال أبرز المهن المطلوبة حاليًا في الصومال والفرص المستقبلية التي قد تشكل ملامح سوق العمل في السنوات المقبلة.

قطاع تكنولوجيا المعلومات والتحول الرقمي

تسارع وتيرة التحول الرقمي في الصومال، مدفوعًا بانتشار الإنترنت وزيادة استخدام الهواتف الذكية، خلق فرصًا متنامية في مجالات البرمجة، تصميم المواقع، تحليل البيانات، وإدارة قواعد المعلومات. كما أن خدمات الدفع عبر الهاتف تشهد ازدهارًا كبيرًا، مما يجعل من خبراء التكنولوجيا المالية ومهندسي البرمجيات أشخاصًا مطلوبين بشدة. وتعتمد مؤسسات الدولة الحديثة والمبادرات الخاصة بشكل متزايد على تقنيات الذكاء الاصطناعي والأنظمة الذكية لأتمتة العمليات وتسهيل الخدمات.

الرعاية الصحية وتطوير البنية الطبية

مع نقص الكوادر الصحية في المستشفيات والمراكز الطبية، أصبحت مهن مثل الأطباء، أخصائيي الجراحة، القابلات، والممرضين ذوي المهارات العالية من أكثر الوظائف المطلوبة. ويبرز أيضًا الطلب على مختصي الصحة العامة الذين بإمكانهم العمل في برامج التطعيم، مكافحة الأمراض، والرعاية الأولية. وهناك جهود متنامية لتدريب كوادر جديدة محليًا عبر الجامعات والشراكات الدولية لتقليل الاعتماد على الطواقم الأجنبية.

الزراعة الذكية والأمن الغذائي

تشكل الزراعة مصدر رزق لأكثر من 60% من السكان، غير أن التغير المناخي والتصحر المتزايد يفرضان تحديات كبيرة تتطلب تدخلًا تقنيًا. المهن المطلوبة تشمل مهندسي الري الحديث، مختصي الزراعة العضوية، وخبراء تقنيات الزراعة الدقيقة باستخدام الطائرات المسيّرة والاستشعار عن بعد. كما أن المشاريع الداعمة للنساء الريفيات في الزراعة بدأت تطلب مدربين واستشاريين في مجال المشاريع الصغيرة والتنمية المستدامة.

قطاع التعليم وتدريب الكفاءات

في بلد تبلغ نسبة الشباب فيه أكثر من 70%، يحتل التعليم مكانة مركزية في بناء مستقبل مستقر. المطلوب حاليًا معلمون في العلوم، الرياضيات، واللغات الأجنبية، بالإضافة إلى مدربي التعليم المهني في تخصصات مثل اللحام، الكهرباء، ميكانيكا السيارات، وتصميم الأزياء. كما أن مؤسسات التعليم العالي والجامعات الحديثة تطلب محاضرين وخبراء جودة تعليم لتطوير المناهج وربطها بسوق العمل.

البناء وإعادة الإعمار

تشهد المدن الكبرى مثل مقديشو وهرجيسا موجة تطوير عمراني تشمل الطرق، الموانئ، الأبنية الحكومية، والمنازل السكنية. ويزداد الطلب على المهندسين المدنيين، المهندسين المعماريين، والمشرفين على المواقع. كما تتوسع الحاجة إلى الحرفيين المهرة مثل السباكين، النجارين، والدهانين، ممن يملكون كفاءة عالية في تنفيذ المشاريع الكبيرة ضمن معايير الجودة والسلامة.

الخدمات المالية والمحاسبية

توسع البنوك المحلية والمؤسسات التمويلية نطاق أعمالها لتلبية الطلب المتزايد على الخدمات البنكية، التمويل الأصغر، وتحويل الأموال. هذه المؤسسات تطلب محاسبين قانونيين، مديري مخاطر، موظفي خدمة العملاء، ومحللي بيانات مالية. كما أن البنية القانونية والتنظيمية للقطاع المصرفي تحتاج إلى مختصين في الامتثال ومكافحة غسل الأموال.

النقل البحري والجوي واللوجستيات

موقع الصومال الاستراتيجي على سواحل المحيط الهندي والخليج العربي يمنحها إمكانيات كبيرة في قطاع النقل. تشهد الموانئ الرئيسية مثل ميناء مقديشو توسعًا، ويُطلب موظفون في التخليص الجمركي، الإدارة اللوجستية، وسائقي الشاحنات. كما بدأت خطوط الطيران الوطنية في استقطاب مضيفين، طيارين، ومهندسي طائرات لتوسيع شبكة الرحلات الداخلية والخارجية.

العمل الإنساني والتنمية المجتمعية

تواصل منظمات الإغاثة الدولية والمحلية عملها في دعم النازحين، مكافحة المجاعات، وتحسين الوصول إلى المياه والتعليم. وتحتاج هذه المنظمات إلى موظفي ميدان، منسقي برامج، محللي بيانات إنسانية، ومختصي دعم نفسي واجتماعي. كما بدأت بعض المبادرات المجتمعية في توظيف خبراء إعلام رقمي لنشر التوعية عبر الإنترنت، وهي مهنة جديدة نسبيًا في البلاد.

الطاقة المتجددة وحلول الكهرباء النظيفة

مع ارتفاع أسعار الوقود وتذبذب الكهرباء، تتجه الصومال تدريجيًا نحو حلول الطاقة الشمسية والرياح. ويبرز الطلب على فنيي تركيب الألواح الشمسية، مهندسي الطاقة النظيفة، ومصممي الأنظمة الكهربائية المستدامة. كثير من المدارس والمرافق الصحية بدأت تعتمد على الأنظمة الشمسية، مما يفتح المجال لشركات جديدة تبحث عن عمالة متخصصة.

الإعلام الرقمي وصناعة المحتوى

بفضل انتشار الإنترنت وتزايد استخدام منصات التواصل الاجتماعي، ظهرت حاجة متزايدة لصناع المحتوى، محرري الفيديو، مصممي الجرافيك، وخبراء التسويق الرقمي. الشباب الصومالي المبدع بدأ يؤسس مشاريع إعلامية صغيرة تستهدف الداخل والخارج، وتفتح مجالات توظيف جديدة تعتمد على الإبداع والابتكار والتقنيات الرقمية.