يُعد دريد لحام أحد أبرز نجوم الفن في العالم العربي، حيث ترك بصمة لا تُمحى في عالم التمثيل الكوميدي والدرامي على مدار عقود طويلة. ولد هذا الفنان السوري في التاسع من فبراير عام 1934 في حي الأمين بدمشق القديمة، لأب سوري وأم لبنانية، ليصبح لاحقًا رمزًا فنيًا يعكس هموم الإنسان العربي بأسلوب ساخر ومؤثر. اشتهر بشخصية “غوار الطوشة” التي جسدها في العديد من أعماله، وحملت في طياتها نقدًا اجتماعيًا وسياسيًا عميقًا. مسيرته الفنية الحافلة لم تقتصر على التمثيل فقط، بل امتدت لتشمل الكتابة والإخراج، مما جعله فنانًا شاملاً بكل معنى الكلمة. بعيدًا عن الأضواء، تظل حياته الشخصية محط اهتمام الجمهور، لا سيما ما يتعلق بجوانب مثل ديانته وأصوله العائلية.
أقسام المقال
ما هي ديانة دريد لحام؟
تُعتبر ديانة دريد لحام من الموضوعات التي أثارت فضول الجمهور على مر السنين. يعتنق هذا الفنان السوري الديانة الإسلامية، حيث ولد لعائلة مسلمة في دمشق، تلك المدينة التي تتعدد فيها الثقافات والأديان. وتحديدًا، ينتمي دريد إلى الطائفة العلوية، وهي إحدى الطوائف الإسلامية المنتشرة في سوريا، والتي تتميز بتاريخها العريق وخصوصيتها الثقافية. على الرغم من ذلك، لم يكن دريد من الشخصيات التي تُعلن تفاصيل حياتها الدينية بشكل صريح، إذ فضّل دائمًا أن يظل فنه هو المحور الأساسي الذي يعبر عنه.
دريد لحام يحترم جميع الأديان
لم يقتصر موقف دريد لحام على الانتماء لديانته فحسب، بل عُرف عنه احترامه العميق لجميع الأديان والمعتقدات. في إحدى مقابلاته، أكد أنه لا يحبذ الخلط بين الحياة الشخصية والمعتقدات الدينية وبين عمله الفني، مشيرًا إلى أن الفن بالنسبة له هو لغة عالمية تتجاوز الحدود الدينية والثقافية. هذا الموقف جعله شخصية محايدة ومقبولة لدى شرائح واسعة من الجمهور العربي، بغض النظر عن خلفياتهم الدينية أو الطائفية.
نشأة دريد لحام في دمشق القديمة
ولد دريد لحام في بيئة متواضعة بحي الأمين، وهو أحد أحياء دمشق القديمة المعروفة بتنوعها الثقافي والاجتماعي. نشأ وسط أسرة متوسطة الحال، حيث كان والده سوريًا ووالدته لبنانية من بلدة مشغرة في البقاع الغربي. عاش طفولة بسيطة، واضطر في بدايات حياته للعمل في وظائف متنوعة لكسب لقمة العيش، وهو ما انعكس لاحقًا في أدواره التي جسدت معاناة الإنسان العادي. هذه النشأة ساهمت في صقل شخصيته الفنية وجعلته قريبًا من هموم الناس.
دريد لحام من التدريس إلى الفن
قبل أن يصبح نجمًا فنيًا، كان دريد لحام أستاذًا جامعيًا في قسم الكيمياء بجامعة دمشق. حصل على إجازة في العلوم الكيميائية عام 1958، ثم عمل مدرسًا في بلدة صلخد جنوب سوريا، قبل أن يتحول إلى محاضر في الجامعة. لكن شغفه بالفن دفعه لترك التدريس والانخراط في عالم التمثيل مع انطلاقة التلفزيون السوري عام 1960. هذا الانتقال كان نقطة تحول في حياته، حيث بدأ مشواره مع شخصية “كارلوس”، عازف الجيتار المكسيكي، قبل أن يتألق لاحقًا بشخصية “غوار الطوشة”.
شخصية غوار الطوشة صنعت شهرة دريد لحام
لا يمكن الحديث عن دريد لحام دون ذكر شخصية “غوار الطوشة”، التي أصبحت رمزًا في الدراما العربية. هذه الشخصية الكوميدية الساخرة ظهرت لأول مرة في مسلسل “مقالب غوار”، واستلهم دريد اسمها من شخص حقيقي عرفه في حياته يُدعى “غوار”، مضيفًا إليه لقب “الطوشة” ليمنحها طابعًا مميزًا. جسدت “غوار” الإنسان العربي البسيط الذي يكافح من أجل لقمة العيش، مع لمسة ساخرة تنتقد الأوضاع الاجتماعية والسياسية، مما جعلها علامة فارقة في مسيرته.
حياة دريد لحام العائلية
على الصعيد الشخصي، تزوج دريد لحام من السيدة هالة بيطار عام 1963، وهي سورية لعبت دورًا كبيرًا في دعمه خلال مسيرته الفنية. أنجب منها ثلاثة أبناء هم: عبير، ودينا، وثائر، ولديه الآن سبعة أحفاد. كما ارتبط لفترة قصيرة بالفنانة صباح الجزائري عام 1977 في زواج لم يدم سوى شهرين، و ظل سريًا لفترة طويلة. هالة بيطار ظلت الداعم الأساسي له، حيث كانت ترافقه في مناسبات عديدة، معبرة عن فخرها بإنجازاته.
تكريم دريد لحام عالميًا
حظي دريد لحام بتكريمات عديدة تقديرًا لمسيرته الفنية الطويلة. عُين سفيرًا للنوايا الحسنة لليونيسف في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عام 1999، لكنه استقال لاحقًا احتجاجًا على الحرب في لبنان عام 2006. كما حصل على دكتوراه فخرية من الجامعة الأمريكية في بيروت عام 2010، إلى جانب جوائز مثل وسام الاستحقاق السوري ودرع مهرجان القاهرة للإعلام العربي، مما يعكس مكانته كفنان مؤثر.
مواقف دريد لحام السياسية
لم يخلُ مشوار دريد لحام من الجدل، خاصة فيما يتعلق بمواقفه السياسية. عُرف بقربه من النظام السوري، وأثار تصريحاته حول الربيع العربي والثورة السورية نقاشات واسعة بين مؤيد ومعارض. رغم ذلك، أكد في مناسبات عديدة أن فنه يهدف إلى نقل معاناة الشعب وليس الانحياز لطرف معين، مما جعل مواقفه محط اهتمام وتحليل من الجمهور والنقاد على حد سواء.
إرث دريد لحام الفني
يبقى دريد لحام رمزًا للفن العربي الملتزم، حيث قدم أعمالاً تجمع بين الكوميديا والنقد الاجتماعي ببراعة. من مسرحيات مثل “كاسك يا وطن” إلى أفلام مثل “الحدود” ومسلسلات مثل “حمام الهنا”، استطاع أن يترك إرثًا فنيًا يتجاوز الحدود الجغرافية. شخصيته “غوار” لا تزال حاضرة في ذاكرة الأجيال، تذكرنا بقدرة الفن على عكس الواقع وتحفيز التفكير.