زينب وهبي والعالم الآخر قصة موتها وعودتها للحياة

زينب وهبي، اسم ارتبط بالكوميديا والإبداع في الدراما المصرية، فنانة تركت بصمة واضحة في أذهان الجمهور بأدوارها المميزة التي جمعت بين الخفة والعمق. وُلدت في 12 يونيو 1952، وبدأت مشوارها الفني في سبعينيات القرن الماضي، حيث شاركت في أعمال مسرحية وتلفزيونية وسينمائية جعلتها واحدة من أبرز نجمات جيلها. اشتهرت بشخصيات مثل “حريصة” في مسلسل “يوميات ونيس” و”الدادة أم عطيات” في فيلم “السفارة في العمارة”، لكن قصتها الأكثر إثارة للاهتمام لم تكن على الشاشة، بل في تجربة إنسانية نادرة عاشتها بعيداً عن الأضواء، حين اقتربت من الموت ثم عادت إلى الحياة. هذه التجربة التي غيرت نظرتها للوجود جعلتها محط أنظار الجمهور مجدداً بعد سنوات من الابتعاد النسبي عن الساحة الفنية.

زينب وهبي تواجه الموت أثناء الولادة

في لحظة كانت تبدو عادية في حياة أي امرأة، تحولت تجربة ولادة ابنها الثاني إلى محطة فارقة في حياة زينب وهبي. خلال العملية، توقف قلبها لفترة قصيرة، وهو ما وصفته لاحقاً بأنه “رؤية الموت بعينيها”. لم تكن تعاني من أي مشكلات صحية واضحة قبل الولادة، لكن الأمور انقلبت رأساً على عقب حين شعرت بروحها تنفصل عن جسدها. في تلك اللحظات، لم تكن مجرد فنانة تؤدي دوراً، بل امرأة تعيش تجربة خارقة جعلتها ترى العالم من زاوية لم تتخيلها من قبل.

زينب وهبي ترى العالم الآخر في نفق مظلم

ما روته زينب وهبي عن تلك التجربة يشبه مشاهد فيلم سينمائي، لكنه كان حقيقة عاشتها بكل تفاصيلها. أثناء توقف قلبها، شعرت بأن روحها ترتفع إلى سقف غرفة العمليات، تراقب ما يحدث من أعلى، حيث رأت الأطباء يهرعون في محاولة لإنقاذها. ثم انتقلت إلى رؤية أشبه بالحلم، حيث وجدت نفسها تسير في نفق طويل مظلم، في نهايته ضوء ساطع استقبلها مع شخصية لم تتوقع رؤيتها: والدتها المتوفاة. هذه اللحظات التي وصفتها بأنها شعور بالطيران دون أن تلمس قدماها الأرض، أضافت بعداً روحياً لقصتها، جعلت الجمهور يتساءل عن حقيقة ما رأته.

زينب وهبي تلتقي والدتها في رحلة ما بعد الموت

في ذروة تلك التجربة، تقول زينب إنها التقت بوالدتها الراحلة في نهاية النفق. كانت لحظة عاطفية عميقة، حيث احتضنتها والدتها بحنان، لكنها رفضت أن تأخذها معها إلى الضوء القوي الذي كان خلفها. بدلاً من ذلك، دفعتهما بعيداً وقالت لها “لسه بدري يا زينب”، وهي عبارة ظلت محفورة في ذهنها. ثم عادت زينب إلى الواقع فجأة، تشعر بألم في صدرها نتيجة الصدمات الكهربائية التي أعادت قلبها للنبض. هذا اللقاء الخيالي مع والدتها ترك أثراً عميقاً فيها، وأصبح نقطة تحول في حياتها.

عودة زينب وهبي إلى الحياة تغير شخصيتها

بعد عودتها من تلك الرحلة القصيرة إلى العالم الآخر، لم تكن زينب وهبي كما كانت. الطبيب أخبرها لاحقاً أنها أصيبت بتسمم الحمل، وهو ما تسبب في توقف قلبها، لكن ما عاشته كان أكبر من مجرد تفسير طبي. ابنها الذي ولدته في تلك العملية توفي بعد شهرين فقط، وهو ما زاد من تأثير التجربة عليها. تقول إنها اكتسبت إيماناً جديداً بقدرة الله، وأصبحت ترى الحياة بمنظور مختلف، حيث أيقنت أن هناك وجوداً آخر بعد الموت. هذا التغيير جعلها شخصية أكثر تأملاً بعيداً عن الأضواء.

زينب وهبي تبدأ مشوارها الفني في السبعينيات

قبل أن تصبح تلك التجربة جزءاً من حياتها، كانت زينب وهبي قد بدأت رحلتها الفنية في السبعينيات. ظهرت لأول مرة على الشاشة في مسلسل “ملك اليانصيب” عام 1972 بجانب الفنان شكري سرحان، ثم شاركت في نفس العام بمسلسل “عادات وتقاليد”. هذه البداية المتواضعة مهدت الطريق لها لتتعاون مع أسماء كبيرة في الفن المصري، حيث عملت مع زوجها المخرج حمادة عبد الوهاب الذي قدمها في أعمال مثل “أشياء لا ننساها” و”بعد العاصفة”. كانت تلك الفترة بداية صعودها كنجمة متعددة المواهب.

زينب وهبي تتألق في يوميات ونيس

في الثمانينيات، انضمت زينب إلى فرقة الفنان محمد صبحي المسرحية، وقدمت معه أعمالاً مميزة، لكن الشهرة الحقيقية جاءت مع مسلسل “يوميات ونيس”. تجسيد شخصية “حريصة” جعلها اسمًا مألوفًا في كل بيت مصري، حيث قدمت دور الأم المتسلطة بخفة ظل قلّ نظيرها. هذا العمل، الذي بدأ في التسعينيات، أظهر قدرتها على تقديم الكوميديا بأسلوب طبيعي جعلها محبوبة لدى الجمهور، وأصبحت الشخصية علامة فارقة في مسيرتها.

زينب وهبي تترك بصمة في السفارة في العمارة

لم تكتفِ زينب بالتألق على شاشة التلفزيون، بل انتقلت إلى السينما بنجاح لافت. في عام 2005، شاركت في فيلم “السفارة في العمارة” مع الزعيم عادل إمام، حيث جسدت شخصية “الدادة أم عطيات”. هذا الدور الكوميدي أضاف إلى رصيدها الفني، وأظهر تنوعها بين الشاشة الصغيرة والكبيرة. الفيلم حقق نجاحاً كبيراً، وأصبحت زينب جزءاً من ذكريات جيل كامل من عشاق السينما المصرية.

أهم أعمال زينب وهبي الأخرى عبر مسيرتها

بعد بدايتها في السبعينيات، تنوعت أعمال زينب وهبي لتشمل مسرحيات مثل “وجهة نظر” مع محمد صبحي، وأفلاماً مثل “امرأة آيلة للسقوط” مع يسرا، و”365 يوم سعادة” مع أحمد عز، و”حسن ومرقص” مع عادل إمام وعمر الشريف. كما شاركت في مسلسلات أخرى مثل “طلقة حظ” مع مصطفى خاطر، و”زي الشمس” مع دينا الشربيني في 2019، وهو آخر أعمالها حتى الآن. هذه الأعمال أكدت قدرتها على التأقلم مع مختلف الأنواع الفنية.

زينب وهبي تعيش في أمريكا بعيداً عن الفن

في السنوات الأخيرة، ابتعدت زينب وهبي عن الأضواء نسبياً، حيث اختارت العيش في الولايات المتحدة مع ابنتها. رغم ذلك، لم تنقطع عن الفن تماماً، إذ تعود إلى مصر بين الحين والآخر لمتابعة بعض المشاريع أو قراءة سيناريوهات جديدة. هذا الابتعاد جاء بعد وفاة زوجها المخرج حمادة عبد الوهاب عام 1986، الذي كان له دور كبير في دعمها فنياً، لكنها ظلت محافظة على حضورها كفنانة لها تاريخ طويل.

تأثير تجربة زينب وهبي على جمهورها

لم تكن قصة زينب مع الموت مجرد حكاية شخصية، بل تحولت إلى موضوع أثار اهتمام الجمهور ووسائل الإعلام. عندما روت تفاصيلها في برنامج “يحكى أن” على قناة مصر الأولى عام 2021، تصدرت محركات البحث، مما يعكس فضول الناس حول تلك التجربة الفريدة. الكثيرون رأوا فيها دليلاً على وجود حياة أخرى، بينما اعتبرها آخرون شهادة على قوة الإرادة البشرية. في النهاية، أعادت هذه القصة زينب إلى دائرة الضوء بطريقة مختلفة، بعيداً عن أدوارها الفنية.