تُعد سمر عبد العزيز واحدة من الأسماء التي تركت أثرًا عميقًا في المشهد الفني السوري، سواء من خلال صوتها الطربي الأصيل أو من خلال أدائها التمثيلي المُتقن في الدراما السورية. جمعت بين موهبتين يصعب الجمع بينهما، فبرعت كمطربة قادرة على أداء الألوان الغنائية المختلفة، كما أبدعت كممثلة لها حضورها الخاص وقدرتها على تجسيد الشخصيات بواقعية وعفوية. مسيرتها الفنية لم تكن سهلة، فقد مرت بمراحل صعود وهبوط، وواجهت محطات صعبة شكلت ملامح شخصيتها، إلا أنها نجحت في تخطيها بثبات وإصرار. في هذا المقال، نسلط الضوء على حياتها، وتاريخ ميلادها، ومسيرتها الغنية، ونفرد مساحة للحديث عن عمرها بالتحديد كما طلب الكثير من جمهورها.
أقسام المقال
سمر عبد العزيز: العمر وتاريخ الميلاد
وُلدت الفنانة السورية سمر عبد العزيز في 7 يناير 1973، بمدينة حلب، إحدى أهم الحواضر الفنية والثقافية في سوريا. وبذلك يكون عمرها عند وفاتها في 30 أبريل 2025 هو 52 عامًا. هذا العمر لم يكن مجرد رقم، بل كان حافلاً بالتجارب والمواقف التي ساهمت في نضجها الفني والإنساني. تربّت سمر في عائلة فنية معروفة، وكان لولادتها في هذا الوسط تأثير مباشر على توجهاتها المهنية، حيث بدأت مشوارها الفني منذ سنواتها الأولى، متأثرة بوالدها الشاعر نظمي عبد العزيز وخالها الملحن عزمي مورة.
سمر عبد العزيز: نشأة فنية في قلب حلب
ترعرعت سمر عبد العزيز في بيئة فنية خصبة، حيث كانت الأحاديث اليومية في بيتها تدور حول الشعر والموسيقى والغناء، ما جعل الفن جزءًا طبيعيًا من تكوينها النفسي والثقافي. والدها الشاعر نظمي عبد العزيز كان له باع طويل في الأغنية السورية، وخالها عزمي مورة ملحن معروف، إضافة إلى شقيقتها ريم عبد العزيز، التي تابعت نفس المسيرة. هذه العائلة ساهمت بشكل مباشر في تشكيل موهبتها، وقد تلقّت الدعم المبكر الذي مهد لها الطريق للظهور على الساحة الفنية بقوة.
سمر عبد العزيز: بداية المسيرة الفنية بالغناء
لم تكن بدايات سمر عشوائية، فقد دخلت مجال الغناء من بوابة المهرجانات الرسمية، وشاركت في مهرجان الأغنية السورية أكثر من مرة. غنت أعمالاً لاقت صدى طيبًا مثل “زهرة الأماني” و”يا ولف صبرك علي”، كما أصدرت ألبومين غنائيين، هما “أحلامي” و”ما بتعرف تزعل”، وقد تضمنا مزيجًا من الأغاني الطربية والمودرن، جمعت فيها بين الإحساس والكلمة الراقية. لم تعتمد على الشهرة السريعة، بل سعت إلى بناء قاعدة فنية متينة، من خلال انتقاء الألحان والكلمات بعناية، والتعاون مع أسماء معروفة في عالم التلحين والتوزيع.
سمر عبد العزيز: الانتقال إلى التمثيل الدرامي
شهدت بداية الألفينات تحولًا مهمًا في مسيرة سمر عبد العزيز، حيث دخلت مجال التمثيل، واستطاعت خلال وقت قصير أن تثبت موهبتها في هذا المجال. كانت مشاركتها في مسلسل “باب الحارة” بدور وداد من أكثر الأعمال التي لفتت الأنظار إليها، حيث أظهرت طاقة تمثيلية كبيرة، ونجحت في تقديم الشخصية بتوازن بين القوة والأنوثة. كما شاركت في أعمال أخرى مثل “هولاكو” و”أنشودة المطر” و”سيرة آل الجلالي”، وأثبتت أن بإمكان الفنان الحقيقي أن يتنقل بين الفنون دون أن يفقد هويته أو مصداقيته.
سمر عبد العزيز: الحياة الشخصية والتحديات
رغم النجاح المهني الذي حققته، لم تكن حياة سمر الشخصية خالية من التحديات. فقد مرت بتجربة زواج قصيرة من المخرج محمد معروف استمرت فقط 12 يومًا، بعد علاقة دامت ثلاث سنوات. هذه التجربة تركت أثرًا نفسيًا واضحًا عليها، إلا أنها لم تسمح لها أن تكون عائقًا في طريقها. في عام 2022، أعلنت عن إصابتها بسرطان الثدي، وخضعت للعلاج الكيميائي والجراحي، قبل أن تعلن في نهاية عام 2023 عن شفائها التام، مؤكدة أن الدعم النفسي والإيمان كانا سببًا في تجاوزها لهذه المحنة.
سمر عبد العزيز: موقفها من الفن والوسط الفني
كانت سمر عبد العزيز صريحة دائمًا في مواقفها من الوسط الفني، ولم تتردد في انتقاد الانحرافات أو التوجهات السطحية في الدراما والغناء. كانت تؤمن أن الفنان الحقيقي يجب أن يكون صوتًا للناس، وأن يقدم ما يليق بتاريخ بلده وثقافته. رفضت العديد من العروض التمثيلية لأنها لم ترَ فيها قيمة فنية أو رسالة، وفضلت الغياب على أن تشارك في أعمال لا تليق بها أو بجمهورها. هذه المبادئ جعلتها تحظى باحترام واسع، حتى بين زملائها ممن يختلفون معها.
سمر عبد العزيز: الرحيل والذكرى
في 30 أبريل 2025، فارقت سمر عبد العزيز الحياة بعد مضاعفات صحية متعلقة بالكبد، وضعف في المناعة، وذلك بعد سنوات من العلاج. شكل خبر وفاتها صدمة في الوسط الفني وبين جمهورها، حيث نعَتها المؤسسات الفنية الكبرى، وأقيمت لها جنازة شعبية كبيرة، حضرها فنانون ومحبون من مختلف أنحاء سوريا. تركت خلفها إرثًا فنيًا متنوعًا، يجمع بين الصوت والإحساس والكلمة الصادقة، وستبقى ذكراها حاضرة في وجدان من عرفوها فنًا وإنسانًا.