صباح الجزائري وسامية الجزائري

في عالم الفن السوري، يبرز اسم صباح الجزائري وسامية الجزائري كأيقونتين تركتا بصمة لا تُمحى في الدراما والكوميديا على حد سواء. الأولى، صباح، اشتهرت بلقب “سندريلا الشاشة السورية” بفضل حضورها الأنيق وأدوارها المتنوعة، بينما لُقبت الثانية، سامية، بـ”سيدة الكوميديا” لما قدمته من إبداع في الأدوار الضاحكة. تجمع الشقيقتان، اللتين تنحدرا من عائلة دمشقية بسيطة، علاقة أخوية عميقة انعكست على مسيرتهما الفنية، حيث شكلتا معًا جزءًا أساسيًا من التراث الدرامي السوري الذي يحتفى به حتى اليوم.

علاقة صباح الجزائري وسامية الجزائري الأخوية

صباح الجزائري، المولودة في 23 يناير 1955، هي الأخت الصغرى لسامية الجزائري التي وُلدت في 25 نوفمبر 1946. نشأتا معًا في أحياء دمشق القديمة، حيث كانت البدايات متواضعة لكنها مليئة بالشغف نحو الفن. رغم اختلاف مساريهما الفنيين، فقد ظلت علاقتهما قوية، وكثيرًا ما تحدثتا عن دعم بعضهما البعض في بداياتهما. سامية، التي سبقت صباح في دخول عالم التمثيل، كانت بمثابة المرشدة التي مهدت الطريق لشقيقتها الصغرى.

لم تظهر الشقيقتان معًا في عمل فني واحد بشكل متكرر، لكن تأثيرهما المشترك على الدراما السورية لا يمكن إنكاره. ففي حين اختارت سامية طريق الكوميديا، اتجهت صباح نحو الأدوار الدرامية المتنوعة، مما جعل كل واحدة منهما تكمل الأخرى في تقديم صورة شاملة للموهبة الفنية السورية.

بداية صباح الجزائري الفنية

دخلت صباح الجزائري عالم التمثيل في عام 1973، وكانت أولى خطواتها عبر مسلسل “ملح وسكر” إلى جانب عمالقة الكوميديا مثل دريد لحام ونهاد قلعي. هذا العمل وضعها على الخريطة الفنية مبكرًا، لكنها سرعان ما أثبتت أنها ليست مجرد وجه جديد، بل موهبة تستحق التقدير. انضمت إلى نقابة الفنانين السوريين في 28 فبراير 1977، وبدأت رحلة طويلة جعلتها واحدة من رائدات الدراما في بلادها.

سامية الجزائري تتربع على عرش الكوميديا

منذ ستينيات القرن الماضي، بدأت سامية الجزائري مسيرتها عبر التلفزيون السوري، حيث قدمت أدوارًا كوميدية جعلتها الخيار الأول للضحك في البيوت العربية. لُقبت بـ”سيدة الكوميديا” لقدرتها على تحويل أبسط المواقف إلى لحظات ممتعة، وقد تركت بصمة خاصة في أعمال مثل “يوميات جميل وهناء” التي ما زالت تُذكر حتى اليوم.

حياة صباح الجزائري الشخصية

تزوجت صباح من اللبناني رباح التقي بعد زواج قصير انتهى بالانفصال من الفنان دريد لحام استمر شهرين فقط. أثمر زواجها من رباح ثلاثة أبناء: رشا، التي دخلت عالم التمثيل والإخراج، وكرم وترف اللذين ابتعدا عن الأضواء. تتحدث صباح دائمًا عن عائلتها بحب كبير، مشيرة إلى أن أبناءها هم “عمرها وعيونها” وزوجها “حياتها وحبيبها”.

سامية الجزائري تختار العزوبية

على عكس شقيقتها، اختارت سامية الجزائري حياة العزوبية، ولم ترتبط أو ترزق بأبناء. لكنها عوضت ذلك بأدوار الأم التي أدتها ببراعة في الدراما، حيث أصبحت رمزًا للأمومة في عيون المشاهدين. هذا الاختيار جعلها تركز كليًا على فنها، مما ساهم في تميزها كواحدة من أبرز نجمات الكوميديا في الوطن العربي.

صباح الجزائري تحفر اسمها في الدراما

على مدار أكثر من خمسة عقود، قدمت صباح الجزائري أكثر من 80 عملًا فنيًا، بدءًا من “صح النوم” في 1972، مرورًا بأعمال بارزة مثل “نزار قباني” عام 2005، وصولًا إلى “باب الحارة” الذي جعلها اسمًا مألوفًا في كل منزل عربي. تنوعت أدوارها بين الكوميديا والدراما التاريخية، وحصلت على جوائز عديدة، منها جائزة أفضل ممثلة سورية عن دورها في “باب الحارة”.

تألق سامية الجزائري في المسرح والتلفزيون

لم تكتفِ سامية بالتلفزيون، بل برعت أيضًا في المسرح، حيث عملت كموظفة في المسرح العسكري لسنوات قبل أن تتفرغ للتمثيل. من أبرز أعمالها “أسعد الوراق” عام 1975 و”الدمعة الحمراء” عام 1980، اللذين عززا مكانتها كنجمة كوميدية من الطراز الأول، مع حفاظها على حضور قوي في الذاكرة العربية.

أزمة صحية لصباح الجزائري تقلق محبيها

في السنوات الأخيرة، مرت صباح الجزائري بوعكة صحية استدعت إجراء عملية جراحية لإزالة لحمية زائدة في أحبالها الصوتية، ما تسبب في بحة لاحظها الجمهور في “باب الحارة”. لكنها طمأنت محبيها بأنها تتعافى تدريجيًا، مؤكدة أنها لا تزال تحت الرعاية الطبية ومتمسكة بتقديم الفن رغم التحديات.

سامية الجزائري تعود بقوة مع “الكندوش”

بعد فترة غياب، عادت سامية الجزائري إلى الساحة الفنية بمسلسل “الكندوش” عام 2021، وهو عمل درامي اجتماعي مستوحى من قصص الأحياء الدمشقية. شاركت فيه إلى جانب نجوم مثل سلاف فواخرجي وأيمن زيدان، لتثبت أنها لا تزال تمتلك القدرة على جذب الجمهور بأدائها المميز.

إرث صباح الجزائري وسامية الجزائري في الفن العربي

لا يمكن الحديث عن الدراما السورية دون ذكر صباح وسامية الجزائري، فقد شكلتا ثنائيًا فريدًا رغم اختلاف مجالاتهما. صباح، بأناقتها وتنوعها، وسامية، بضحكتها العفوية، أصبحتا رمزين لجيل ترك أثرًا عميقًا في الوجدان العربي. أعمالهما لا تزال تُعرض وتُحتفى بها، مما يؤكد مكانتهما كأسطورتين في عالم الفن.