تُعدّ الفنانة السورية صباح الجزائري واحدة من أبرز الأسماء التي تركت بصمة واضحة في عالم الدراما العربية، حيث تمتزج في مسيرتها الفنية الموهبة الطبيعية مع حضور قوي جعلها رمزًا للتمثيل السوري. وُلدت صباح في 23 يناير 1955 في قلب دمشق، لعائلة ارتبطت بالفن ارتباطًا وثيقًا، فهي الأخت الصغرى للممثلة الكوميدية الشهيرة سامية الجزائري، وابنة عم الفنانة نبال الجزائري. بدأت رحلتها الفنية في سن مبكرة، حيث خطت أولى خطواتها نحو الشهرة وهي في الثامنة عشرة من عمرها، لتُعرف لاحقًا بـ”سندريلا الشاشة السورية” بفضل جمالها الأصيل وأدائها المميز. هذا المقال يأخذنا في رحلة إلى بدايات صباح الجزائري، حيث كانت فتاة شابة تحلم بالفن وتُمهد الطريق لمسيرة استثنائية.
أقسام المقال
صباح الجزائري تبدأ مشوارها الفني في سن الثامنة عشرة
في عام 1973، وبالتحديد عندما كانت صباح الجزائري في الثامنة عشرة من عمرها، انطلقت رحلتها الفنية بقوة. لم تكن مجرد هاوية تحلم بالأضواء، بل كانت موهبة ناضجة استطاعت أن تثبت نفسها بسرعة في الوسط الفني السوري. بدأت مشوارها بأعمال كانت بمثابة بوابة لعالم الشهرة، حيث شاركت في فيلم “مقلب في المكسيك” ومسرحية “مسرح الشوك”، وكلاهما كان من بطولة الفنان الكبير دريد لحام. هذه الخطوة الأولى لم تكن اعتباطية، فقد كانت محاطة بأجواء فنية منذ طفولتها بفضل عائلتها، مما ساعدها على الانطلاق بثقة.
لم تكتفِ صباح بالظهور السينمائي والمسرحي، بل دخلت عالم التلفزيون في نفس العام من خلال مسلسل “صح النوم”، وهو عمل كوميدي جمعها مجددًا بدريد لحام. هذه الأدوار الأولى كشفت عن قدراتها التمثيلية المتنوعة، سواء في الكوميديا أو الدراما، وأظهرت حضورًا لافتًا جعل الجمهور ينتظر المزيد منها. كانت تلك الفترة بداية حقيقية لفتاة شابة تحمل في قلبها شغفًا كبيرًا بالفن.
كيف شكلت عائلة صباح الجزائري بداياتها الفنية؟
لم تكن بدايات صباح الجزائري مجرد مصادفة، بل كانت نتاج بيئة فنية غنية نشأت فيها. شقيقتها الكبرى سامية الجزائري، التي سبقتها إلى عالم التمثيل، كانت بمثابة السند والداعم الأول لها. في أوائل الستينيات، بدأت سامية مسيرتها الفنية، وكانت صباح ترافقها أحيانًا، مما جعلها تتشرب أجواء الفن والمسرح منذ سن صغيرة. هذا الدعم العائلي لعب دورًا كبيرًا في تشجيعها على خوض التجربة وهي لا تزال في مرحلة الشباب.
إلى جانب شقيقتها، كانت ابنة عمها نبال الجزائري حاضرة أيضًا في المشهد الفني، مما جعل عائلة الجزائري واحدة من العائلات البارزة في الدراما السورية. هذه الأجواء العائلية لم تقدم لصباح الدعم المعنوي فقط، بل فتحت لها أبواب الفرص مبكرًا، حيث وجدت نفسها تعمل مع كبار الفنانين مثل دريد لحام دون الحاجة إلى سنوات طويلة من التجارب الأولية.
صباح الجزائري وزواجها المبكر من دريد لحام
في فترة شبابها، وبالتحديد بعد بداياتها الفنية، عاشت صباح الجزائري قصة زواج قصيرة مع الفنان دريد لحام، الذي كان شريكها في أولى أعمالها. هذا الزواج، الذي لم يدم سوى شهرين، كان محطة بارزة في حياتها الشخصية وهي لا تزال في مقتبل العمر. بدأت العلاقة كإعجاب متبادل تحول إلى قصة حب، لكن الظروف لم تسمح باستمرارها، وانتهت بالانفصال بهدوء. لاحقًا، تحدث دريد عن هذه التجربة معتبرًا إياها علاقة جميلة لم تُكتب لها الاستمرارية.
بعد هذه التجربة، التقت صباح برجل الأعمال اللبناني رباح التقي، الذي أصبح زوجها الثاني ووالد أبنائها الثلاثة: رشا، كرم، وترف. هذا الزواج جاء بعد مبادرة جريئة من صباح نفسها، حيث اقترحت عليه الزواج بعد فترة تعارف، ليبدأ معه مرحلة جديدة في حياتها استقرت فيها عائليًا، مما أثر إيجابًا على مسيرتها الفنية.
صباح الجزائري تترك بصمة في الدراما السورية
لم تكتفِ صباح الجزائري بكونها وجهًا شابًا جميلاً في بداياتها، بل استطاعت أن تثبت موهبتها من خلال تنوع أدوارها. بعد أعمالها الأولى في 1973، واصلت تقديم أدوار مميزة في السبعينيات، مثل مسلسل “ملح وسكر” وفيلم “ذكرى ليلة حب”. هذه الأعمال أظهرت قدرتها على الانتقال بين الكوميديا والدراما بسلاسة، مما جعلها واحدة من الممثلات الواعدات في تلك الفترة.
مع مرور الوقت، أصبحت صباح رمزًا من رموز الدراما السورية، حيث انضمت إلى نقابة الفنانين السوريين في 28 فبراير 1977، وبدأت في تقديم أعمال تركت أثرًا كبيرًا في الجمهور العربي. دورها الشهير في مسلسل “باب الحارة” كـ”أم عصام” جعلها اسمًا مألوفًا في كل بيت، لكن بصمتها بدأت فعليًا منذ أيام شبابها، حين كانت تُشكل هويتها الفنية خطوة بخطوة.
ما الذي ميز صباح الجزائري عن غيرها في شبابها؟
ما جعل صباح الجزائري تبرز في سن مبكرة هو مزيج من الجمال الطبيعي والموهبة الفطرية. كانت تمتلك حضورًا قويًا على الشاشة، إلى جانب قدرة على تقمص الشخصيات بسهولة. في شبابها، لم تكتفِ بالاعتماد على دعم عائلتها أو جمالها، بل عملت بجد لتطوير موهبتها، حتى أصبحت واحدة من رائدات الدراما السورية إلى جانب أسماء كبيرة مثل منى واصف.
كما أن شخصيتها الجريئة والمبادرة، التي ظهرت في قراراتها الشخصية مثل اقتراح الزواج على زوجها الثاني، انعكست على اختياراتها الفنية. لم تخشَ صباح خوض تجارب متنوعة، سواء في المسرح أو التلفزيون، مما جعلها نموذجًا للممثلة الشاملة التي تجمع بين القوة والرقة في آن واحد.
صباح الجزائري وأبناؤها يواصلون إرثها
لم تقتصر رحلة صباح الجزائري على نجاحها الشخصي، بل امتدت إلى أبنائها الذين ورثوا شغفها بالفن. ابنتها رشا التقي برزت كممثلة ومخرجة، وتُعد امتدادًا طبيعيًا لوالدتها، حيث تشاركها الموهبة والحضور. أما ابنتها ترف، فقد اختارت أيضًا طريق التمثيل، بينما ابتعد كرم نسبيًا عن الأضواء، لكنه يحمل نفس الاهتمام بالفن.
هذا الإرث العائلي يعكس مدى تأثير صباح كأم وفنانة، حيث استطاعت أن تنقل شغفها وحبها للفن إلى الجيل التالي. بداياتها كفتاة شابة في دمشق لم تكن مجرد حلم شخصي، بل أصبحت نواة لعائلة فنية تستمر في إثراء المشهد الدرامي العربي.