عادات الزواج في الأردن

يتمتع المجتمع الأردني بتقاليد راسخة وعريقة في كافة مناحي الحياة، ومن أبرز هذه التقاليد عادات الزواج التي تُعدّ من أكثر المناسبات احتفاءً وتقديرًا في الثقافة المحلية. تمتزج الطقوس المتعلقة بالزواج في الأردن بين البداوة والريف والحضر، مما يمنح كل زواج طابعًا خاصًا ومميزًا يعكس خصوصية المنطقة وانتماء العائلة. في هذا المقال، نستعرض أبرز ملامح الزواج الأردني بدءًا من الجاهة والخطبة، وصولاً إلى الزفاف والفاردة، مرورًا بالعادات الحديثة التي غيّرت ملامح هذا الحدث مع المحافظة على جذوره الاجتماعية.

الخطوبة والجاهة: البداية الرسمية للزواج في الأردن

تُعد “الجاهة” من أبرز طقوس الزواج التقليدية في الأردن، وهي خطوة رسمية يذهب فيها وفد من عائلة العريس، يتقدمهم كبار السن ووجهاء العشيرة، إلى بيت أهل العروس لطلب يدها رسميًا. تُفتتح الجاهة غالبًا بكلمات ترحيبية من أهل العروس، تليها كلمة يلقيها أحد وجهاء العريس يتضمن فيها طلبًا صريحًا لخطبة الفتاة. في هذا اللقاء الرسمي، يكون تقديم القهوة أمرًا رمزيًا للغاية، حيث إن شربها من قبل الجاهة لا يتم إلا بعد إعلان الموافقة، ما يُعد بمثابة إشارة ضمنية على القبول. يلي ذلك قراءة الفاتحة والدعاء، وقد يتفق الطرفان على موعد الخطبة الرسمية أو عقد القران.

التحضيرات قبل الزفاف: ليلة الحناء وسهرة الشباب

من أكثر الليالي حميمية وبهجة في مراسم الزواج الأردنية هي ليلة الحناء، والتي تُقام عادة في منزل أهل العروس وتضم قريباتها وصديقاتها. تُزين العروس بالحناء وسط أجواء من الغناء والدبكة والأهازيج، وتُقدم المأكولات الشعبية والحلويات التقليدية. أما العريس، فيحتفل مع أصدقائه فيما يُعرف بـ”سهرة الشباب” أو “حمّام العريس”، حيث تصحبها أغانٍ تراثية ودبكات جماعية، وأحيانًا يُنقل العريس إلى صالون الحلاقة وسط موكب بسيط من رفاقه.

يوم الزفاف: الزفة والفاردة في التقاليد الأردنية

يبدأ يوم الزفاف عادة بترتيبات دقيقة تشمل تزيين السيارات وتحضير الهدايا وتجهيز العروس والعريس. تُرسل عائلة العريس “فاردة” مكونة من سيارات مزينة بالورود والشرائط لاستقبال العروس من منزل أهلها، وسط إطلاق الزغاريد وأصوات أبواق السيارات والموسيقى التقليدية. أحيانًا تُصاحب الفاردة فرق شعبية تؤدي الدبكات أمام منزل العروس، مما يُضفي على الحدث طابعًا احتفاليًا فريدًا. يُقام الزفاف لاحقًا في صالة أفراح أو في ساحة منزلية، ويشمل الحفل رقصات تقليدية كالدبكة وأغانٍ وطنية وأخرى رومانسية، ويُقدَّم الطعام غالبًا على شكل وليمة مشهورة مثل المنسف.

المهر والجهاز: التزامات مادية في الزواج الأردني

يشكّل المهر بندًا أساسيًا في ترتيبات الزواج، ويتفاوت المبلغ حسب الاتفاق بين الطرفين، مع مراعاة الوضع الاقتصادي للطرفين. يُقدم الذهب للعروس، ويُعتبر من مظاهر التقدير وليس مجرد التزام مادي. أما الجهاز، فيُعد مسؤولية أساسية تتحملها عائلة العروس، وقد يشمل أدوات المطبخ، الأثاث، والمفروشات. بعض العائلات الأردنية تتفق على تقسيم الجهاز بين الطرفين لتخفيف العبء المالي، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية المتغيرة.

عادات الضيافة والطعام في حفلات الزفاف الأردنية

يولي الأردنيون اهتمامًا كبيرًا بالضيافة خلال حفلات الزفاف، حيث يُعتبر الكرم سمة أصيلة في الثقافة المحلية. يُقدَّم الطعام للضيوف بكميات وفيرة، وأشهر الأطباق هو “المنسف” الذي يُعد رمزًا وطنيًا ومفضلًا في المناسبات الكبرى. كما يتم إعداد صوانٍ ضخمة من الأرز واللحم البلدي، وتُوزع الحلويات مثل الكنافة والمعمول. في بعض المناطق، تُقدَّم القهوة العربية السادة أولاً كتعبير عن الاحترام، ويُخصص أشخاص لخدمة الضيوف طوال الحفل.

التغيرات الحديثة في عادات الزواج الأردنية

في السنوات الأخيرة، أثرت التغيرات الاجتماعية والاقتصادية على شكل الزواج التقليدي في الأردن. بدأت بعض العائلات تميل إلى تنظيم حفلات صغيرة مقتصرة على الأقارب المقربين لتوفير التكاليف. كما أصبح من الشائع إقامة حفلات الخطوبة والزفاف في الفنادق أو القاعات الحديثة بدل البيوت والساحات. وتلعب وسائل التواصل الاجتماعي دورًا في توثيق هذه اللحظات ومشاركتها مع الدوائر الأوسع، مما جعل الأعراس أكثر استعراضًا وتنظيمًا.

الزواج في الأردن: بين التقاليد والحداثة

رغم التغيرات الملحوظة التي طرأت على ملامح الزواج في الأردن، لا تزال التقاليد تُشكّل جوهر الاحتفال. تسعى معظم العائلات إلى الحفاظ على جوهر العادات من الجاهة إلى الزفة، مع التكيف مع مظاهر الحداثة من حيث التنظيم والمظهر العام. وبهذا، يُمكن القول إن الزواج الأردني أصبح توازنًا جميلًا بين الأصالة والانفتاح، حيث يُحتفى بالماضي بكل فخر، ويُحتضن الحاضر بكل مرونة.