يُعد عبد الفتاح المزين أحد أعمدة الدراما السورية، حيث ترك بصمة لا تُنسى في عالم الفن من خلال أدواره المتنوعة التي جمعت بين العمق الدرامي واللمسة الكوميدية. ولد هذا الفنان القدير في دمشق عام 1945، وبدأ مشواره الفني في أواخر الستينيات، ليصبح لاحقًا أحد نجوم الصف الأول في الدراما السورية. اشتهر المزين بقدرته على تجسيد الشخصيات المعقدة، لكن شخصية “زاهي أفندي” التي قدمها في مسلسل “أبو كامل” تظل الأكثر تميزًا في مسيرته، حيث نالت إعجاب الجمهور وأصبحت رمزًا من رموز التراث الدرامي الشامي. على مدار عقود، استطاع المزين أن يثبت حضوره في المسرح والتلفزيون والسينما، معتمدًا على موهبته الطبيعية وحسه الفني الرفيع.
أقسام المقال
- كيف أصبح عبد الفتاح المزين رمزًا بشخصية زاهي أفندي؟
- عودة زاهي أفندي في الجزء الثاني من أبو كامل
- بدايات عبد الفتاح المزين الفنية من المسرح إلى الشاشة
- أبرز أعمال عبد الفتاح المزين في التلفزيون
- عبد الفتاح المزين في السينما السورية
- رأي عبد الفتاح المزين في الدراما الشامية
- ندم عبد الفتاح المزين على بعض الأعمال
- حياة عبد الفتاح المزين الشخصية
- تكريم عبد الفتاح المزين من نقابة الفنانين
كيف أصبح عبد الفتاح المزين رمزًا بشخصية زاهي أفندي؟
في عام 1991، شهدت الشاشة السورية انطلاق مسلسل “أبو كامل”، وهو عمل اجتماعي يعكس تفاصيل الحياة في دمشق القديمة. في هذا العمل، جسد عبد الفتاح المزين شخصية “زاهي أفندي”، موظف السراي الموالي للانتداب الفرنسي، بأداء لافت جمع بين الشر والطرافة. هذه الشخصية، التي كتبها فؤاد شربجي وأخرجها علاء الدين كوكش، أصبحت واحدة من أيقونات الدراما السورية بفضل نبرة المزين المميزة وتفاصيله الدقيقة في الأداء. لم تكن “زاهي أفندي” مجرد دور عابر، بل تحولت إلى كيان يعيش في ذاكرة المشاهدين، حتى أن الناس كانوا ينادونه بهذا الاسم في الشوارع لسنوات طويلة.
عودة زاهي أفندي في الجزء الثاني من أبو كامل
بعد نجاح الجزء الأول من “أبو كامل”، عاد عبد الفتاح المزين ليجسد “زاهي أفندي” في الجزء الثاني عام 1993. هذه المرة، حافظ المزين على الروح التي أحبها الجمهور، مضيفًا لمسات جديدة عززت من مكانة الشخصية. رغم أن الشخصية كانت سلبية بطباعها، إلا أن المزين استطاع أن يجعلها محببة بطريقة غريبة، مما يعكس براعته في تقديم الأدوار المركبة. هذا النجاح دفع البعض لاحقًا إلى اقتراح مشروع “يوميات زاهي أفندي”، وهو عمل من خمسة أجزاء كان قيد النقاش لإعادة إحياء الشخصية بقصص جديدة.
بدايات عبد الفتاح المزين الفنية من المسرح إلى الشاشة
لم يكن طريق عبد الفتاح المزين إلى الشهرة مفروشًا بالورود، فقد بدأ حياته الفنية كرسام تشكيلي موهوب في طفولته، قبل أن يتحول إلى التمثيل. في شبابه، أسس مع زملائه في الثانوية التجارية فرقة مسرحية صغيرة، قدموا من خلالها عروضًا للسجناء في قلعة دمشق. هذه التجربة المبكرة شكلت أساسًا متينًا لمسيرته، حيث انتقل بعدها إلى المسرح القومي السوري بناءً على دعوة من الفنان عبد اللطيف فتحي. أولى خطواته التلفزيونية كانت في مسلسل “حمام الهنا” عام 1968، حيث لعب دور شرطي، لتبدأ رحلته في عالم الدراما.
أبرز أعمال عبد الفتاح المزين في التلفزيون
تعددت أعمال عبد الفتاح المزين التلفزيونية التي أثبتت تنوعه الفني. في عام 1972، ظهر في مسلسل “صح النوم” بدور الطبيب الذي يجري عملية خاطئة لحسني البورظان، وهو دور كوميدي بسيط لكنه ترك أثرًا. لاحقًا، شارك في مسلسل “مرايا” مع ياسر العظمة في ثمانينيات القرن الماضي، حيث قدم شخصيات متنوعة أظهرت قدرته على التكيف مع الأنماط المختلفة. كما كان له حضور لافت في مسلسل “دائرة النار” عام 1988، الذي عزز من شهرته قبل “أبو كامل”.
عبد الفتاح المزين في السينما السورية
لم يقتصر إبداع المزين على التلفزيون، بل امتد إلى السينما، حيث شارك في نحو 33 فيلمًا، بعضها كان إنتاجًا مشتركًا بين سوريا ومصر خلال زمن الوحدة. من أبرز أفلامه “القلعة الخامسة” عام 1977، الذي لعب فيه دورًا رئيسيًا، و”حادثة النصف متر” عام 1981، وهما عملان عكسا قدرته على التحول بين الأدوار الجادة والكوميدية. كما تألق في فيلم “نصف ملغ نيكوتين” عام 2007، وحصل على جائزة أفضل ممثل في مهرجان قرطاج السينمائي عام 2018 عن هذا العمل.
رأي عبد الفتاح المزين في الدراما الشامية
كان لعبد الفتاح المزين ارتباط وثيق بالأعمال الشامية، التي رأى فيها مرآة تعكس الحياة الاجتماعية في دمشق القديمة. في أحد لقاءاته، قال إن هذه الأعمال تعيده إلى ذكريات طفولته، من مائدة الإفطار التي كانت تحضرها والدته إلى سهرات رمضان وزينة الشوارع. لكنه أبدى أسفه على تراجع مستوى الدراما في الوقت الحاضر، مشيرًا إلى أن الفنانين في الماضي كانوا يعتمدون على الموهبة والشغف، بينما أصبح المال والشهرة هما الهدفان الأساسيان اليوم.
ندم عبد الفتاح المزين على بعض الأعمال
رغم مسيرته الحافلة، عبر المزين عن ندمه على بعض الأدوار التي قدمها. من بينها دوره في مسلسل “زمن البرغوت” عام 2012، حيث وصفه بـ”سقطة العمر”، معتبرًا أن قبوله المشاركة فيه كان خطأً كبيرًا. كذلك، أشار إلى أن مسلسل “حريم الشاويش” كان تجربة لم ترضه. هذا الصراحة تعكس شخصيته الناقدة لنفسه وللوسط الفني، حيث أعرب عن خيبة أمله من بعض العاملين فيه، بل وصل به الأمر إلى القول إنه نادم على احتراف التمثيل ككل.
حياة عبد الفتاح المزين الشخصية
بعيدًا عن الأضواء، عاش عبد الفتاح المزين حياة عائلية مستقرة. رزق بثلاثة أبناء: ابنته الوحيدة لبنى، التي يعتبرها بمثابة والدته الثانية لشدة تعلقه بها، وابناه توفيق الذي يعيش في ألمانيا وابتعد عن الفن، والابن الأصغر الذي يعمل كمصفف شعر هناك أيضًا. هذا الجانب الإنساني أضاف بُعدًا آخر لشخصية المزين، الذي فضل أن يرى أبناءه بعيدين عن تقلبات الوسط الفني الذي اختبره بنفسه.
تكريم عبد الفتاح المزين من نقابة الفنانين
في يناير 2024، حظي عبد الفتاح المزين بتكريم مستحق من نقابة الفنانين السوريين، تقديرًا لمسيرته الطويلة التي امتدت لأكثر من خمسة عقود. عبر المزين عن امتنانه لهذا التكريم عبر حسابه على فيسبوك، واصفًا الشهادة التي حصل عليها بأنها مصدر فخر له. هذا التكريم جاء ليؤكد مكانته كأحد رواد الفن السوري، الذين ساهموا في تشكيل هوية الدراما الوطنية.