عدد المسلمين في الإمارات العربية المتحدة

تُعد دولة الإمارات العربية المتحدة نموذجًا فريدًا في التوازن بين التقاليد الإسلامية والحداثة المتسارعة، فهي دولة تحتضن تنوعًا ديموغرافيًا واسعًا وتتمسك في الوقت ذاته بجذورها الإسلامية. يُعد الإسلام الدين الرسمي للبلاد، وتنعكس هذه الهوية بوضوح في نظامها القانوني والدستوري، وفي حياة سكانها اليومية. في هذا المقال، نتناول عدد المسلمين في دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل دقيق، ونستعرض التركيبة السكانية للمسلمين، ووجودهم بين المواطنين والوافدين، بالإضافة إلى تأثير الإسلام في مختلف مجالات الحياة داخل الدولة.

الإسلام في الإمارات: الدين الرسمي والأكثر انتشارًا

يعتمد الدستور الإماراتي على الشريعة الإسلامية كمصدر رئيسي للتشريع، ويُقر الإسلام كدين رسمي للدولة. تُعنى مؤسسات حكومية كبرى مثل الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف بتنظيم كافة مظاهر الحياة الدينية، من بناء المساجد إلى تنظيم الخطب والإشراف على الفتاوى. الإسلام لا يشكل فقط طقوسًا وشعائر بل هو أسلوب حياة داخل دولة الإمارات العربية المتحدة، ينعكس في قوانين الأحوال الشخصية، والإجازات الرسمية، والأنشطة المجتمعية.

التركيبة السكانية للمسلمين في دولة الإمارات العربية المتحدة

تُشير أحدث التقديرات السكانية لعام 2025 إلى أن نسبة المسلمين في دولة الإمارات العربية المتحدة تبلغ نحو 76% من إجمالي عدد السكان البالغ تقريبًا 11.3 مليون نسمة، أي ما يعادل حوالي 8.6 مليون مسلم. وتُظهر هذه النسبة أن الإسلام يشكل أغلبية واضحة في التركيبة السكانية، رغم وجود تنوع ديني ملحوظ نتيجة الهجرة الواسعة من دول غير إسلامية.

نسبة الإسلام بين المواطنين الإماراتيين

يُشكل المواطنون الإماراتيون قرابة 11.6% فقط من إجمالي سكان الدولة، إلا أن جميع المواطنين الإماراتيين هم من المسلمين، وفقًا للهوية الدينية الرسمية للدولة، ولا يُسمح قانونًا بوجود ديانات أخرى بينهم. ويُقدّر عدد المواطنين الإماراتيين المسلمين بأكثر من 1.3 مليون نسمة. هذا التجانس الديني بين المواطنين يُعد أحد المرتكزات الأساسية للهوية الوطنية والثقافية داخل دولة الإمارات العربية المتحدة.

تنوع الجاليات المسلمة في دولة الإمارات العربية المتحدة

من المثير للاهتمام أن النسبة الأكبر من المسلمين في الدولة تعود إلى الوافدين، إذ تستقطب دولة الإمارات العربية المتحدة جاليات مسلمة ضخمة من دول مثل مصر، السودان، المغرب، باكستان، الهند، إندونيسيا، وبنغلاديش. ويُشكل هؤلاء الوافدون شريحة مهمة في سوق العمل، ويساهمون في الحياة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، مع تمسكهم القوي بهويتهم الدينية وممارسة شعائرهم في أجواء من الحرية.

دور المساجد والمراكز الإسلامية في حياة المسلمين

تنتشر المساجد في كافة إمارات الدولة، من أبوظبي إلى الفجيرة، وتُشكل عنصرًا محوريًا في حياة المسلمين اليومية. تُوفر الدولة دعمًا كاملاً لبناء المساجد وصيانتها وتطويرها، ويُقدّر عدد المساجد في الدولة بما يزيد عن 9,000 مسجد. كما تحتضن الإمارات عددًا كبيرًا من المراكز الإسلامية التي تُعنى بتعليم القرآن الكريم، والدعوة، وتنظيم الأنشطة الدينية والثقافية، مما يعزز من تماسك الجاليات المسلمة ويمنحها بيئة آمنة لممارسة شعائرها.

الإسلام في النظام التعليمي والإعلامي الإماراتي

يحظى الإسلام بمكانة بارزة في المناهج الدراسية الرسمية بدولة الإمارات العربية المتحدة، حيث يُدرس الطلاب منذ المراحل المبكرة مبادئ الدين الحنيف، وتُرسخ قيم التسامح والاعتدال واحترام الآخر. وفي الإعلام، تحرص القنوات والإذاعات على تخصيص برامج دينية يومية وأسبوعية، إلى جانب التغطيات الخاصة خلال شهر رمضان والمناسبات الدينية، مما يسهم في تعزيز الوعي الديني وترسيخ القيم الإسلامية في المجتمع.

مظاهر الحياة الإسلامية في دولة الإمارات العربية المتحدة

من أبرز ما يميز الحياة في دولة الإمارات العربية المتحدة هو حضور الإسلام في تفاصيل الحياة اليومية، من رفع الأذان في مواعيده بدقة، إلى الالتزام بأوقات الصلاة، وتخصيص أماكن للصلاة في المراكز التجارية والمطارات، وحتى في أماكن العمل. كما يُمنح الموظفون وقتًا لأداء الصلاة، وتُراعى القوانين أحكام الصيام في رمضان، إذ تُغلق المطاعم نهارًا، وتُنظم مواعيد الدوام بما يتناسب مع متطلبات الشهر الكريم.

التسامح الديني مع الحفاظ على الهوية الإسلامية

رغم أن دولة الإمارات العربية المتحدة تُعد دولة إسلامية، إلا أنها من أكثر الدول تسامحًا دينيًا في المنطقة، حيث تُمنح حرية العبادة للجاليات الأخرى، وتُبنى الكنائس والمعابد، وتُنظم احتفالات دينية غير إسلامية في أجواء من الاحترام. ومع ذلك، تبقى الهوية الإسلامية واضحة ومُصانة، ويُمنح الإسلام مكانته المركزية في السياسة والثقافة والمجتمع.

الختام

يمثل الإسلام العمود الفقري للهوية الوطنية في دولة الإمارات العربية المتحدة، سواء على مستوى المواطنين أو المقيمين. فمع أن الدولة تستقبل ملايين الوافدين من مختلف الأديان والثقافات، إلا أن الإسلام يحتفظ بمكانته الراسخة كدين رسمي، وكقيمة أخلاقية وثقافية تشكل الإطار العام للحياة. يعكس تنوع المسلمين في الإمارات صورة حضارية لتعايش المذاهب والجاليات، في ظل سياسة رسمية تُعلي من قيم التسامح دون أن تُفرط في الثوابت الدينية.