عدد المسلمين في الكاميرون 

تُعتبر الكاميرون من الدول الإفريقية التي تتميز بتعددها الثقافي والديني الفريد، إذ تضم أكثر من 250 جماعة عرقية تتحدث لغات مختلفة، وتعتنق ديانات متعددة، منها المسيحية والإسلام والديانات التقليدية. ويُعد الإسلام من الأديان الأساسية في البلاد، وله حضور عميق في مختلف نواحي الحياة الاجتماعية والثقافية، وخاصة في الشمال الكاميروني. في هذا المقال، نرصد بالأرقام والتفاصيل الدقيقة عدد المسلمين في الكاميرون، وتوزيعهم، وواقعهم، وتأثيرهم في مختلف المجالات.

الإسلام في الكاميرون: نظرة عامة

دخل الإسلام إلى الكاميرون منذ عدة قرون عبر طرق التجارة العابرة للصحراء الكبرى، وجاء مع القوافل التي كانت تمر عبر نيجيريا وتشاد إلى شمال الكاميرون. وقد لاقى الإسلام قبولًا واسعًا بين الشعوب المحلية، خصوصًا بين قبائل الفولاني والهوسا، اللتين اعتنقتا الإسلام ونشرتاه عبر التعليم والدعوة، ليصبح جزءًا لا يتجزأ من الهوية الثقافية في شمال البلاد.

عدد المسلمين في الكاميرون ونسبتهم

تشير أحدث التقديرات السكانية لعام 2025 إلى أن عدد المسلمين في الكاميرون يُقدّر بنحو 7.7 مليون نسمة، ما يعادل قرابة 30% من إجمالي سكان البلاد البالغ عددهم 25.6 مليون نسمة. وهذه النسبة تعني أن الإسلام يحتل المرتبة الثانية بعد المسيحية، مع تراجع ملحوظ في نسبة الديانات التقليدية التي أصبحت لا تتجاوز 3-4% من مجموع السكان.

توزيع المسلمين جغرافيًا

يتركز المسلمون بشكل أساسي في ثلاث مناطق رئيسية هي: الشمال، الشمال الأقصى، وأداماوا. في هذه الأقاليم، يشكل المسلمون الأغلبية الساحقة من السكان، وتنتشر المساجد والمدارس القرآنية بكثرة. وتُعد مدينة ماروا عاصمة الشمال الأقصى من أهم مراكز المسلمين، حيث توجد بها مؤسسات دينية وتعليمية كثيرة، وتقام فيها الاحتفالات الإسلامية الكبرى. كما توجد نسبة معتبرة من المسلمين في العاصمة ياوندي ومدينة دوالا، لكن بأعداد أقل مقارنة بالشمال.

الطوائف والمذاهب داخل المجتمع المسلم

يتبع معظم مسلمي الكاميرون المذهب المالكي الذي يهيمن على مناطق واسعة من غرب إفريقيا، كما تنتشر الطرق الصوفية بشكل واضح، وعلى رأسها الطريقة التيجانية والقادرية، واللتان تلعبان دورًا كبيرًا في التوجيه الروحي والنشاطات الدينية والاجتماعية. وتُمارس الطقوس الصوفية في الزوايا الخاصة وتُقام المواسم السنوية. كما يوجد عدد محدود من الشيعة والأحمديين، وإن كانوا يشكلون أقلية لا تذكر مقارنة بالغالبية السنية.

دور المسلمين في المجتمع الكاميروني

يُعتبر المسلمون قوة اقتصادية واجتماعية مهمة، إذ يشتغلون في التجارة، والزراعة، والتعليم، ويُديرون شبكات أسواق تقليدية كبيرة في الشمال. كما يُشارك العديد منهم في المشهد السياسي، إذ تولى عدد من المسلمين مناصب وزارية وإدارية بارزة في الدولة. ويلعب الزعماء الدينيون دورًا في الوساطة الاجتماعية وحل النزاعات القبلية، فضلًا عن دورهم في تعزيز الاستقرار والتربية الأخلاقية.

الاحتفالات والمناسبات الإسلامية

يحتفل المسلمون في الكاميرون بالمناسبات الدينية الكبرى مثل عيد الفطر وعيد الأضحى والمولد النبوي، حيث تقام الصلوات الجماعية، وتُذبح الأضاحي، وتنتشر أجواء الفرح والتكافل الاجتماعي. كما تنظم الجمعيات الإسلامية ندوات ومؤتمرات دعوية وثقافية، وتُبث البرامج الإسلامية في الإذاعات المحلية، خاصة في الأقاليم الشمالية.

التحديات التي تواجه المسلمين

رغم الحضور الواسع، يواجه المسلمون عدة تحديات، أبرزها التأثيرات الأمنية في المناطق الحدودية مع نيجيريا، حيث تنشط جماعة بوكو حرام. كما تعاني بعض المناطق المسلمة من ضعف البنية التحتية، ونقص الخدمات التعليمية الحديثة، وغياب الدعم الحكومي الكافي للمؤسسات الدينية. ويُطالب قادة المجتمع المسلم بالمزيد من الاستثمارات في المناطق ذات الغالبية المسلمة لتحسين مستوى المعيشة والتعليم.

مستقبل المسلمين في الكاميرون

يعكس النمو السكاني والتوسع التعليمي بين المسلمين مستقبلًا واعدًا لهذا المكون الأساسي من المجتمع الكاميروني. فمع انتشار المدارس الإسلامية الحديثة، واهتمام الشباب بالعلوم الدينية والدنيوية، يتوقع أن يرتفع تأثير المسلمين في الاقتصاد والسياسة والتعليم. كما أن العلاقات المتينة بين الطوائف الدينية المختلفة تشكل عنصر قوة واستقرار في بلد متنوع كالكاميرون.

خاتمة

يشكل المسلمون في الكاميرون ركيزة أساسية في تكوين الدولة والمجتمع، ويمتلكون رصيدًا دينيًا وثقافيًا غنيًا يُسهم في تنوع البلاد. ورغم التحديات التي تواجههم، فإن الأفق يبدو مشرقًا، خاصة مع تصاعد الوعي السياسي والتعليمي داخل المجتمعات المسلمة. ومن الضروري دعم هذا التنوع الديني وتعزيز روح التعايش لضمان مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا للكاميرون بكافة مكوناتها.