عدد المسلمين في اليمن

تُعد الجمهورية اليمنية واحدة من أكثر الدول العربية تمسّكًا بالدين الإسلامي، وتتمتع بتركيبة دينية شبه متجانسة تجعلها من الدول النادرة التي يُشكل فيها المسلمون النسبة الساحقة من السكان. في ظل ما تشهده البلاد من تطورات سياسية واجتماعية، يظل الانتماء الإسلامي مكوّنًا أساسيًا في الهوية اليمنية. وقد شهدت السنوات الأخيرة اهتمامًا متزايدًا بمعرفة حجم وتوزيع المسلمين داخل اليمن، خاصة في ظل النزاعات الطائفية والسياسية التي ألقت بظلالها على النسيج المجتمعي. هذا المقال يتناول بالتفصيل عدد المسلمين في اليمن، وطوائفهم، وتوزيعهم الجغرافي، والأثر السياسي والديني لهذا التكوين، إلى جانب رصد الأقليات الدينية القليلة الموجودة داخل البلاد.

التركيبة السكانية للمسلمين في اليمن

يُقدّر عدد سكان اليمن في عام 2025 بما يقارب 42 مليون نسمة، ويشكل المسلمون منهم نحو 99%، أي ما يعادل حوالي 41.6 إلى 41.8 مليون مسلم. هذا التقدير يعكس مدى التجانس الديني في البلاد، حيث ينتشر الإسلام في كل مناطق اليمن، من السهول الساحلية إلى الهضاب الجبلية والمناطق الصحراوية. يُعتبر الإسلام مكوّنًا أساسيًا في حياة اليمنيين اليومية، سواء في ممارساتهم الاجتماعية أو قوانينهم أو أعرافهم. ويتوزع المسلمون في اليمن بين طائفتين رئيسيتين هما السنة والشيعة، ولكل منهما حضوره الجغرافي والثقافي.

التوزيع الجغرافي للطوائف الإسلامية في اليمن

يتمايز المسلمون في اليمن جغرافيًا تبعًا لانتمائهم الطائفي. فالمذهب الزيدي، وهو أحد المذاهب الشيعية، ينتشر أساسًا في الشمال، خاصة في محافظات صعدة وعمران وحجة، إضافة إلى العاصمة صنعاء. أما المسلمون السنة، فيتوزعون بشكل أكبر في الجنوب والشرق، في محافظات مثل عدن وحضرموت وشبوة والحديدة. هذا التوزيع ليس وليد اللحظة، بل يعود إلى قرون من التعايش والتفاعل، لكنه أيضًا كان في أحيان كثيرة موضع توترات سياسية واجتماعية، خاصة بعد ظهور جماعة الحوثي التي تنتمي إلى المذهب الزيدي وتسيطر على مناطق شاسعة شمال البلاد.

التأثيرات السياسية والدينية للطوائف في اليمن

الطوائف الإسلامية في اليمن لا تمثل مجرد انتماءات دينية، بل تحمل في طيّاتها توازنات سياسية واجتماعية حساسة. منذ عام 2014، برز الحوثيون، وهم من أتباع المذهب الزيدي، كقوة عسكرية وسياسية كبرى، واستطاعوا السيطرة على العاصمة صنعاء ومناطق أخرى شمال البلاد. هذا الواقع الجديد غيّر المعادلة السياسية، ودفع بالصراع الطائفي إلى الواجهة. في المقابل، تعززت بعض القوى السنية، خاصة في الجنوب، وأعادت طرح نفسها كممثل للمذهب السني في البلاد. هذا الصراع له جذور تاريخية، لكنه اليوم يتغذى من التداخل بين الدين والسياسة، والتدخلات الإقليمية، خاصة من السعودية وإيران.

التركيبة المذهبية بين الزيدية والشافعية

من المهم التفرقة بين الزيدية في اليمن والشيعة الاثني عشرية في دول أخرى. الزيدية تُعد أقرب إلى السنة في بعض الجوانب، وتختلف في رؤيتها للإمامة والفقه عن المذهب الشيعي المعروف في إيران والعراق. هذا يجعل التداخل بين الزيدية والشافعية في اليمن أقل حدة مما قد يُتصور. أما الشافعية، فهم يشكلون النسبة الغالبة من المسلمين السنة في اليمن، ويتمركزون في المدن الساحلية والمناطق الوسطى والجنوبية، ويتمتعون بثقل علمي واجتماعي واسع.

الأقليات الدينية في اليمن

رغم الهيمنة الساحقة للإسلام، توجد في اليمن أقليات دينية صغيرة لكنها حاضرة في مشهد التنوع الثقافي. اليهود اليمنيون الذين كان لهم وجود بارز في بعض القرى والمدن مثل ريدة وصعدة، تقلص عددهم إلى العشرات فقط بسبب الهجرة القسرية أو الطوعية نحو إسرائيل ودول أخرى. كما توجد أقلية من البهائيين الذين تعرضوا في السنوات الأخيرة لحملات اعتقال وتهجير، وبعض المسيحيين والهنود من أتباع الديانات الشرقية، معظمهم من العمال الأجانب المقيمين في المدن الكبرى. لكن هذه الأقليات لا تشكل تأثيرًا ديموغرافيًا يذكر مقارنة بالكتلة الإسلامية الكبرى.

أهمية الإسلام في الهوية الثقافية اليمنية

الإسلام لا يُعتبر فقط ديانة في اليمن، بل هو أساس الهوية الثقافية والاجتماعية. يظهر ذلك في العادات اليومية، في التعليم، في القضاء، وحتى في الفنون والموسيقى. المساجد تنتشر في كل زاوية من زوايا المدن والقرى، والتعليم الديني جزء لا يتجزأ من مناهج التعليم. الأعياد والمناسبات الإسلامية تُشكّل لحظات جماعية توحّد اليمنيين، رغم الخلافات السياسية والمذهبية. هذا الحضور العميق للإسلام يجعل فهم عدد المسلمين في اليمن أكثر من مجرد أرقام، بل يتعلق بفهم البنية الاجتماعية بأكملها.

الخلاصة

يُظهر الواقع الديموغرافي والديني في اليمن أن المسلمين يشكلون النسبة الساحقة من السكان، بما يقارب 99% من إجمالي عدد السكان البالغ حوالي 42 مليون نسمة. يتوزع هؤلاء المسلمون بين السنة والشيعة، مع اختلافات مذهبية وتاريخية وثقافية عميقة، ولكن أيضًا مع تداخل اجتماعي طويل الأمد. ينعكس هذا التكوين في كل جوانب الحياة في اليمن، من السياسة إلى التعليم إلى الثقافة الشعبية، ويُشكّل حجر الأساس لفهم طبيعة المجتمع اليمني بكل تعقيداته.